دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في صورة التقطها تومي خا، يظهر الفنان الذي يرتدي زي إلفيس بريسلي ببدلة بيضاء مبهرة مفتوحة على الرقبة، وهو يحدّق في المشاهد من خلف طاولة في مطبخ باللون الأزرق المشرق.
ولكن، هناك إحساس غريب يمكن استشعاره من نظرته الفارغة غير المجزأة، والضوء القاسي الذي يسطّح شخصيته.
وهناك سبب وجيه لهذا النقص في العمق، إذ أن خا غير موجود بالفعل في هذه الصورة، إنها عبارة عن صورة مركبة له من الورق المقوى، وتستند بين الطاولة ذات الحواف المعدنية والكراسي الجلدية الزرقاء.
والتُقطت هذه الصورة عن طريق الصدفة إذ كان خا يحمل صورته المركبة، بعنوان "أنا في هيئة آندي كوفمان في دور إلفيس بدون غناء"، عندما كان في استوديو تأجير بمدينة ميامي الأمريكية؛ ورأى المطبخ جاهزًا ووضع صورته هناك، ليجد المشهد بمحض الصدفة.
وأوضح خا في مكالمة من منطقة بروكلين، في مدينة نيويورك الأمريكية، حيث يقيم أن الكثير من أعماله الفنية تقع بين التدريج والارتجال.
وبصفته فنانًا أمريكيًا صينيًا نشأ في مدينة ممفيس بولاية تينيسي الأمريكية، فإن أعماله الفنية غالبًا ما تأملت في كيفية تمثيل الرجال الآسيويين المثليين بالصور.
لكنه ينتقي أيضًا كيفية صياغة الهوية وتنفيذها، وما إذا كان يمكن استبدال العلامات المميزة للشخص أم لا.
وقد أمضى خا سنوات عديدة في التقاط صورًا ذاتية دون أن يكون حاضرًا جسديًا في كادر الصورة.
ويكرّر خا وجهه بالصور من خلال الورق المقوى، والمنحوتات المطبوعة ثلاثية الأبعاد، والأقنعة التي يضعها أمام عدسة الكاميرا.
ويتساءل خا: "هل يمكن للنسخ المطبوعة لشخص ما أن تخبر المشاهد بشيء عن هويته؟ هل يستطيع الأشخاص الذين يشبهوننا بشكل شبه مطابق أن يفعلوا الشيء ذاته؟"
وقال خا في مقابلة في عام 2019: "كيف يصل المرء (إلى) تمثيله الخاص؟ أنا أبحث عن هذه الإجابة من جانب الكاميرا. كيف أصل إلى نفسي؟"
وعندما التقط خا صورته الذاتية وهو في هيئة إلفيس بريسلي، أو بشكل أكثر دقة، مثلما جسّده الممثل الأمريكي الكوميدي آندي كوفمان، فإنه كان بالفعل يصور الأشخاص الذين أمضوا سنوات في سلب هوية ملك الروك آند رول.
وقد انجذب خا إلى الفنانين المعروفين باسم منتحلي الشخصية، بسبب قربهم من ممارساته الخاصة.
وبسبب نشأته على بعد خمس دقائق فقط بالسيارة من غريسلاند، كان حضور بريسلي محتم في طفولة خا.
والآن، في كل صيف، يعود خا إلى مسقط رأسه لحضور فعالية "أسبوع إلفيس"، حيث يتدفق شبيها نجم موسيقى الروك آند رول إلى المدينة للتنافس في مسابقة سنوية.
ويتجول خا في الأماكن التي يتم فيها تقديم العروض، وفي أنحاء المدينة بحثًا عن الشعر الأسود المصفف.
وقام خا بتصوير العديد من الأشخاص الذين يقلّدون بريسلي على مرّ السنين، لكنه في هذه الصورة يقدم نفسه على أنه الأيقونة الأمريكية.
وتعرض الصورة حاليًا في مطار ممفيس الدولي، من بين الأعمال الفنية لفنانين آخرين من مواليد ممفيس، رغم من أن المطار أزال العمل مؤقتًا في مارس/ آذار بعد تعليقات وسائل التواصل الاجتماعي الناقدة حول العمل، والتي كان بعضها "عنصريًا بشكل صريح"، وفقًا لـ بيان صادر عن لجنة "UrbanArt"، التي سهلت عمليات اقتناء المطار لمجموعتها الفنية.
ووسط ردود أفعال عنيفة على إزالتها، أعاد المطار عرض الصورة بعد ثلاثة أيام.
وكتب خا معلقًا على ما حدث عبر "انستغرام": "أشعر بخيبة أمل كبيرة لأنها كانت واحدة من العديد من الأعمال الفنية التي تم اختيارها للتعليق في الردهة الجديدة - وهو شرف ربطني بالمكان الذي نشأت فيه ... وأعطتني الفرصة والأمل في إمكانية تمثيل فنانين مثلي".
وفي بيان حصلت عليه CNN في شهر مارس/ آذار الماضي، أكد الرئيس التنفيذي لسلطة المطارات المحلية، سكوت بروكمان، أن سبب إزالة المطار للعمل الفني كان بسبب الرغبة في تجنب إظهار شخصية مشهورة أو عامة ضمن المجموعة في ضوء "التعليقات السلبية".
وقال بروكمان في بيان: "كان هناك عدد قليل من التعليقات التي تضمنت لغة تشير إلى عرق السيد خا ، ومثل هذه التعليقات غير مقبولة على الإطلاق".
وأضاف: "هيئة المطار لا تؤيد هذه التعليقات ولا تشكل الأساس لقرار الهيئة بخصوص الصورة".
ومنذ إعادة تثبيت العمل، يأمل خا في تحويل التركيز إلى دعم مجتمعات الفنانين المحليين.