دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يتمتع السفر بالعديد من الفوائد، من أبرزها إثراء الثقافة، واكتشاف أماكن، وحكايات ربما لم نسمع بها من قبل. وجاب المصور السلوفيني، بينو سارادزيتش، العديد من مدن العالم، باحثًا عن فرص لإبراز حكايتها وثقافات شعوبها بمشاهد ملحمية.
وقال سارادزيتش في مقابلة مع موقع CNN بالعربية، إنه لا يرى المدن كمجرد مجموعة من المباني، بل يرى قصصًا إنسانية، وحكايات عن الحروب، والأوبئة، والأحلام، والآمال المحطّمة منّها والمحقّقة.
وأضاف: "أرى روح الأجيال التي سبقتهم وتركت بصماتها لدى الأجيال القادمة. وتلك هي حلقة الوصل التي تربط جميع المدن ببعضها البعض".
وفي هذه السلسلة، التي تحمل عنوان "13 مدينة"، يجمع سارادزيتش 13 مدينة من مواقع مختلفة حول العالم، رغم عدم تشاركها بالكثير من الميزات المعمارية أو الثقافية.
ويحرص سارادزيتش ألّا يفوت فرصة التقاط صور بانورامية عالية الدقّة من أفضل موقع بأي مدينة يزورها.
وتتميز أعمال سارادزيتش بلمسة مؤثرة ومبتكرة على مستويات مختلفة من التصوير الحسيّ، إذ يعتمد فلسفة "اللقطة المصيرية" كأسلوب التصوير الخاص به.
وفي البداية، لم يخطط سارادزيتش لعرض 13 مدينة في السلسلة، إذ قام بانتقاء الصور التي شعر أنّ لديها القدرة على نقل روح المدينة التي التُقطت فيها.
وعندما أيقن أنّه اختار 13 صورة، كان مترددًا بشأن إضافة صورة أخرى ليصبح عدد الصور في السلسلة 14، نظرًا لتجربته الشخصية المشؤومة مع الرقم 13، وفقًا لما ذكره.
ويتذكر سارادزيتش أنه نُقل إلى غرفة الطوارئ مرتين في حياته، وصادف حصول ذلك بتاريخ الـ13 من كل شهر.
كما يذكر زيارته إلى اليابان في عام 2019، عندما مكث بغرفة في الطابق الـ13 بالفندق، ولكنه تفاجأ بأنّه لا وجود للرقم 13 في ردهة الطابق أو على لوحة مفاتيح المصعد. ووجد أن الغرفة مدونة بدلًا من ذلك على أنّها في الطابق الـ14.
وأشار سارادزيتش إلى أن اليابانيين يتجنبون استخدام الرقم 13، إذ يعتبرونه جالبًا للحظ السيئ، على عكس الصينيين، الذين يعتبرونه مرادفًا للنمو والازدهار.
وأوضح: "ثقافيًا وتاريخيًا، قد لا يوجد الكثير من القواسم المشتركة بين المدن الـ 13 في مجموعتي، إلا أنها تتشارك في علاقتها بهذا الرقم بطريقة أو بأخرى، لذا أعتقد أني اخترت العنوان الأنسب".
ويتمتع سارادزيتش بشغف عميق بالتاريخ وإنجازات البشرية بشكل عام، وينعكس ذلك في صور المدن التي اختارها لهذه السلسلة.
وأشار سارادزيتش إلى أفق مدينتي دبي وأبوظبي، والذي يعكس نجاح دولة الإمارات في التحوّل المذهل من المناظر الصحراوية القاحلة إلى ناطحات السحاب المستقبلية التي تبلغ عنان السماء.
أما مدينة جبيل في لبنان، فهي تُعد أقدم مدينة مأهولة في العالم منذ 5500 عام، وشهدت على مرور عدّة حضارات بما في ذلك الحضارات المصرية القديمة، والآشورية، والفارسية، والهلنستية، والرومانية، والفاطمية، والجنوية، والمملوكية، والعثمانية.
وأوضح سارادزيتش: "مثل بقية لبنان، تحمل جبيل ندوبًا مثل تلك التي يحملها البشر".
ومن بين جميع المدن التي تبرزها السلسلة، رأى سارادزيتش أنّ جزيرة سانتوريني في اليونان تتمتع بحكاية حماسية من منظور جيولوجي، إذ أن هذه الوجهة السياحية الشاعرية المفضّلة لدى الجميع شهدت أعنف ثوران بركاني عرفه التاريخ.
وقال سارادزيتش: "منذ 3600 عام، انفجرت هذه الجزيرة فعليًا بقوة توازي انفجار مليون سلاح نووي في وقت واحد، ما تسبب في محو الحضارة المينوية بأكملها التي ازدهرت في هذا الجزء من العالم".
وتابع: "من الصعب تخيّل هذه الرؤية القاتمة أثناء الاستمتاع بمشهد غروب الشمس الساحر بإحدى الحانات العصرية الموجودة بأويا في سانتوريني".
أما عن سر التقاط صوره البانورامية، فيشرح أنّه يحاول نقل ما يراه بعينيه، خلال تمركزّه مثلًا على قمة تل أو على سطح مبنى مرتفع ليحدقّ بحرّية في أفق المدينة أمامه، مضيفًا: "يصعب تحقيق ذلك باستخدام عدسة الكاميرا العادية، إذ أن الصور التي تنتجها إما غير واسعة بما يكفي أو ليست حادة بما يكفي لكشف جميع التفاصيل الصغيرة الموجودة في المدينة".
ومع مجال رؤية بزاوية 180 درجة، تمنح صوره رؤية مماثلة للمنظور البشري، حسبما ذكره.
وحظيت هذه السلسلة باهتمام واسع خلال عرضها بالنسخة السابعة من المهرجان الدولي للتصوير "اكسبوجر" في فبراير/ شباط الماضي، إذ حاول العديد من زوار المعرض تخمين أسماء المدن في السلسلة من دون النظر إلى لوحة الأسماء.