دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد يتساءل البعض كيف كانت تبدو دبي في الماضي، تلك المدينة التي أصبحت مرادفًا للعمارة المستقبلية وناطحات السحاب الشاهقة، فضلا عن احتضانها لأعلى برج في العالم، أي برج خليفة.
وتسلّط هذه السلسلة الفوتوغرافية الضوء على زمان ومكان محددين في تاريخ مدينة دبي العمراني، وذلك من خلال 12 صورة وثقتها عدسة المصور المقيم في دبي، جلال أبو ذينة، بين عامي 2007 و2014.
ونجح المصور أبو ذينة من خلال هذه الصور في تقديم ثنائية متقابلة بين القديم والحديث، حيث المنازل الشعبية القديمة من جهة، وناطحات السحاب الحديثة في خلفية الصورة من جهة أخرى.
وانتقل أبو ذينة إلى دبي مع عائلته منذ عام 1993، وشهد بدايات المدينة البسيطة قبل أن تتحول إلى وجهة أيقونية وعالمية.
وقرّر المصور العمل على سلسلة كتبه الخاصة ليجمع فيها كل الصور التي التقطها لأحياء المدينة القديمة، وتقدم لمحة عن جوهر دبي.
وبعد مرور السنين، شاءت الصدفة أن تقع إحدى تلك الكتب المصوّرة، بعنوان "ذكريات من السطوة" (Memories of Satwa) الذي يتمحور حول حي السطوة، بين يدي راشد الملا، وهو خبير تاريخ حضري إماراتي وباحث مستقل، بمكتبة في أمريكا.
وكان على الغلاف الخلفي للكتاب صورة لمسجد بدا مشابها لمسجد بناه جد الملا في حي "شعبية الشرطة" بدبي في أواخر التسعينيات، وهكذا أصبح مسجد "عبد السلام الرفيع"، الشاهد الوحيد على ما تبقى من حقبة ماضية لمجتمع متواضع عاش في ذلك الحي، بمثابة محور معرض "الأماكن التي تبقى"، من تصوير أبو ذينة وتقييم الملا.
وفي مقابلة مع موقع CNN بالعربية، أوضح الملا أن المعرض يبرز توثيق أبو ذينة لمنطقتين من تاريخ دبي الحديث، وهما "شعبية الشرطة" و"شعبية الدفاع"، والتغيرات المتسارعة التي شهدها سكان المنطقتين، اللتين استُبدلتا في الوقت الحاضر بمبنى "كوكا كولا أرينا" في مشروع "سيتي ووك".
ويركز المعرض على البيوت والتخطيط الحضري بشكل عام للمنطقتين والأنشطة اليومية للسكان.
وأشار الملا إلى أن المنطقتين تمت عملية بنائهما على فترات مختلفة من منتصف السبعينيات وحتى منتصف التسعينيات من قبل حكومة دبي.
وتتميز بيوت هاتين المنطقتين بأنها كانت ذات طابق واحد، متساوية نوعًا ما في الحجم، مع أنماط مختلفة من التصاميم، حسبما ذكره الملا.
ورأى الملا أن كثرة الممرات بين البيوت، أو ما يُسمى محليًا بـ "السكيك"، جعلت هذه المنطقتين أكثر اتساقًا اجتماعيًا وأسهل للتنقل عن طريق المشي أو الدراجات الهوائية إلى المعالم المجاورة كمسجد عبدالسلام الرفيع الذي لا يزال قائمًا إلى اليوم، والمحلات التجارية، مثل "سوبر ماركت طلال".
وتعبّر مثل هذه الأحياء عن "أسلوب معماري تتخلّله مسطّحات خضراء ومساحات شعبية مفتوحة يستخدمها السكان الذين ازدهروا كمجتمع متماسك اتّخذ على عاتقه مسؤولية مشتركة لزراعة الأشجار المحلية وخلق روح متماسكة للحي"، وفقا لما ذكرته نبذة عن المعرض.
ومع تزايد وتيرة البناء في دبي منذ عام 2010، أدى ذلك إلى إعادة إسكان القاطنين في أماكن أخرى وهدم المنطقتين لبناء مشروع عمراني يهدف لتحديث المنطقة، أي وجهة التسوق "سيتي ووك" التي تضم مسرح "كوكا كولا أرينا"، حسبما ذكره الملا.
وقال الملا: "من الضروي توثيق ما يدور حولنا من أماكن، وذكريات، وأحداث تخصنا على الصعيد الشخصي والمدينة ككل، ما يعزز الحس الانتمائي للمكان وتوثيق التاريخ الذي يمكن الاستفادة منه في المستقبل، ولنشر تاريخ مدينتنا الذي عُرف عنه بالسرعة في البناء وإحداث تغييرات".