دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- بعد وفاة والدها، احتفظت الفنانة جودي سيرفون بفرشاة شعره في حقيبة بلاستيكية محكمة الإغلاق.
وقالت سيرفون في مقابلة عبر تطبيق "زوم": "بهذه الطريقة، أحتفظ برائحته".
وكان عام 2006، صعبًا بالنسبة إليها، إذ أنّها فقدت ثلاثة من أصدقائها المقربين أيضًا.
وخلال مرحلة الحزن، بدأت الفنانة بالعمل مع مصور لتوثيق أشياء حميمة بشكلٍ غريب، مثل فرشاة الشعر، وطقم أسنان جدّها الراحل.
وتطوّر مشروعها من هناك، إذ جمعت سيرفون على مدار الأعوام قصصًا وراء عشرات الأغراض التي احتفظ بها الأشخاص بعد وفاة أحبائهم.
وقالت سيرفون، وهي منسقة برنامج إدارة الفن في جامعة ولاية أبالاشيان في الولايات المتحدة الأمريكية: "أصبح العمل على المشروع منطلقًا لي للتعامل مع حزني، ومعالجته. ولكنه شكّل أيضًا وسيلة لمشاركة هذه القصص الساحرة التي عاشها الآخرون، وهذه الأشياء التي كانت عزيزة بالنسبة لهم، مع أنّها تبدو عادية أو غير مهمة للآخرين".
وبناءً على أكثر من عِقد من المقابلات مع الأصدقاء، والطلبة، وأعضاء مجتمعها في ولاية كارولينا الشمالية، يُجسّد كتاب سيرفون الجديد، "Saved: Objects of the Dead"، صورة مؤثرة للحزن.
وقامت سيرفون بإنتاج المشروع مع لورين ديلاني أولمان المتعاونة معها لفترة طويلة، والتي كتبت النصوص المرافقة لكل قطعة.
وشملت الأغراض الموثّقة موروثات نموذجية، مثل المجوهرات، إضافةً لبقايا من حياة المتوفين اليومية، مثل حامل بطاقات جلدي، ومصفاة معدنية، ومكشطة بلاستيكية.
وتُعتبر بعض الأشياء عبارة عن تذكيرات مادية حرفية لأصحابها السابقين، ومنها ساق صناعي لشخص مبتور الأطراف.
وشملت العناصر أيضًا فرشاة لا تزال تحتوي على شعر مالكها السابق.
وذكر النص المرافق لهذه القطعة: "تَستخدم غريس فرشاة الشعر هذه كل يوم. وتعتقد أنّ خصلات شعره وشعرها تمتزج بين الأسنان المنحنية".
أما الأغراض الآخرى فهي عبارة عن تذكيرات ثقيلة ومفجعة بالإمكانات الضائعة.
وتسرد بذلة رسمية صغيرة تم الاحتفاظ بها لأكثر من عقدين من الزمن، وارتداها طفل توفي في صغره، عن معاناة أم حزينة.
قوة الذكريات
ورأت سيرفون وديلاني أولمان أنّ المشروع تمتّع بتأثير علاجي لهما، وللأشخاص الذين أُجريت معهم المقابلات.
واستغلّته سيرفون للتواصل مع الأشخاص من حولها، ومكّنت الأغراض الأشخاص من التطرق لمواضيع صعبة.
وطلبت سيرفون وديلاني أولمان من الأشخاص اختيار غرض واحد قبل إجراء مقابلة مع كل منهم حول علاقتهم بهذه الأغراض، وأصحابها السابقين.
وأوضحت سيرفون: "أعتقد أنّه (المشروع) فتح لي طرقًا جديدة للتواصل"، وأضافت: "(التواجد لأجل شخص ما) لا يعني تقديم طبقٍ من الطعام فحسب، بل يعني الاستماع، وتقديم الدعم، والرفقة كلما أمكن".
ومن المنطلق ذاته، تدعو سيرفون وديلاني أولمان الأشخاص إلى مشاركة صور لممتلكات أحبائهم، مع قصة، أو قصيدة، عبر صفحات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالمشروع.
وتمتعت المشاركات بتنوع كبير تمامًا مثل الكتاب، وتحمل جميعها رسالة مشتركة، مفادها: التشبّث بشيءٍ ما قد يساعد في عملية التخلي.
وأكّدت سيرفون: "الحزن لا يختفي"، وشرحت أنّه "يتغير ويتطور".