مستوحى من الخيال العلمي.. ما سر هذا المتحف العائم في الصين؟

ستايل
نشر
6 دقائق قراءة
مستوحى من الخيال العلمي بعاصمة الخيال العلمي.. ما سر هذا المتحف العائم بالصين؟
Credit: Arch-Exist

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تطفو نجمة معدنية ذات نقاط سبع على السطح الزجاجي للبحيرة، لتذكرنا بحضارة مستقبلية بعيدة المدى، أو بسفينة فضائية تهبط على كوكب غريب. هذا متحف تشنغدو الجديد للخيال العلمي، بعاصمة مقاطعة سيتشوان، في جنوب غرب الصين.

ويُحاكي السقف الديناميكي الجبال المنحدرة من بعيد، فيما يأخذ السطح شكل السحابة، حيث تتدلى أقواسها الناتئة فوق ألواح زجاجية سلسة.

وقال باولو فلوريس، أحد مديري المشروع في شركة زها حديد للهندسة المعمارية، التي صممت المتحف: "من أي زاوية تنظر إليه، يبدو المشهد مختلفًا دومًا، غير عادي، أو غير متوقع".

وربما الأمر غير المتوقع أكثر من التصميم ذاته، هو الوقت الذي استغرقه البناء.

وتم تكليف المتحف في عام 2022، لاستضافة المؤتمر العالمي السنوي الحادي والثمانين للخيال العلمي، الملقب بـ"Worldcon". وأوضح فلوريس أنّ "بناء مبنى بهذا الحجم والتعقيد يستغرق عادة بين أربع وخمس سنوات".

لكن المبنى الذي تبلغ مساحته 59 ألف متر مربع، أي ثلاثة أضعاف حجم دار الأوبرا في سيدني، انتقل من مرحلة الفكرة إلى الاكتمال خلال 12 شهرًا فقط.

متحف الخيال العلمي
"النفق الزمني" عبارة عن ممر متعدد الوسائط يربط بين صالات مختلفة من المتحف.Credit: Arch-Exist

ورغم التحول الصعب الذي واجهه فلوريس وفريقه، إلا أن المهمة كانت بمثابة حلم. وقال فلوريس: "لطالما كان الخيال العلمي مصدرًا مهمًا جدًا لإلهام تصاميمنا. فالخيال العلمي يأخذ دومًا هذه القفزة إلى الأمام، حيث النظر إلى ماهية التكنولوجيا، حاليًا وما يمكن أن تتطور إليه".

وتابع: "نريد أن نكون جزءًا من تلك الحركة الرامية إلى ابتكار الشكل الذي يبدو عليه المستقبل، ليس فقط بصريًا، إنما من الناحية التكنولوجية أيضًا."

تصاميم رقمية جريئة

ولا تُعتبر شركة الهندسة المعمارية التي تتخذ من لندن مقراً لها غريبة عن التكنولوجيا. وكانت المعمارية الراحلة وذائعة الصيت زها حديد، رائدة في التصميم الرقمي، وقد مكّنتها الأدوات التي استخدمتها من إنشاء مبان ديناميكية ومستقبلية.

وأوضح فلوريس أنّه "لا يمكننا إنشاء هذه الأنواع من الأشكال الهندسية إلا باستخدام برامج النمذجة متعددة الأضلاع" التي تنشئ "محاكاة ثلاثية البعد للمبنى".

وفي هذا المشروع، كانت التكنولوجيا ليس فقط أساسية لإنشاء تصميم طموح فحسب، بل عنصرًا أساسيًا لتنفيذه بسرعة أيضًا. وبعد أسبوعين فقط من فوز الشركة بالمسابقة، بدأت أعمال البناء في المشروع.

وباستخدام مجموعة متنوعة من برامج التصميم، ضمنًا تحليل النمذجة الرقمية، تمكن الفريق من تسريع الجدول الزمني، والتأكد من أن جميع المهندسين المعماريين، ومصنّعي المواد وعمال البناء، كانوا على الموجة عينها.

متحف الخيال العلمي
تعمل كوة ضخمة في الردهة المركزية على تقليل الحاجة إلى الضوء الاصطناعي خلال النهار.Credit: Arch-Exist

وقال ساتوشي أوهاشي، وهو أحد مديري المشروع، إن أعمال البناء والتصميم التي تحدث بالتوازي "لم يكن من الممكن إنجازها من دون استخدام هذه الأدوات الجديدة".

وأضاف أوهاشي أن تحليل النمذجة الرقمية سمح للفريق بتحسين هيكل المبنى ليناسب مناخ مدينة تشنغدو. ومن خلال تحليل عوامل الطقس والبيئة، اتخذ البرنامج قرارات بشأن حجم وزاوية السقف المتدلي لحماية الأجزاء الداخلية من أشعة الشمس المباشرة.

تم دمج التكنولوجيا الخضراء لتقليل الأثر التشغيلي للمبنى أيضًا، مع الألواح الشمسية المدمجة في السقف الفسيح للمساعدة في تشغيل المبنى، والمناور والنوافذ الممتدة من الأرض حتى السقف لتقليل الحاجة إلى الضوء الاصطناعي أثناء النهار.

وشرح أوهاتشي أنه كان على الفريق أيضًا الحصول على المواد محليًا لتوفير الوقت، والتوصل إلى طرق بسيطة لتحويل مفهومهم إلى حقيقة. على سبيل المثال، قاموا بإنشاء نظام ألواح ألمنيوم معياري يُوضع "تحت طبقة قبة السقف، ما يساهم في تشكيل منحنيات "سلسة" مع جعل إنتاجه سريعًا في المصنع.

مدينة المستقبل

في العقود القليلة الماضية، شهدت تشنغدو توسعًا سريعًا، وهي تضم أكثر من 20 مليون ساكن، وما برحت في طور النمو.

وفي وقت سابق من هذا العام، تصدرت المدينة قائمة المدن الجديدة من الدرجة الأولى في الصين، التي تصنّف المدن الكبرى على أساس عوامل مثل نمط حياة السكان، والفرص التجارية، والنقل.

ويُعتبر متحف الخيال العلمي جزءًا من مشروع تطوير أكبر لمدينة المستقبل في منطقة بيدو، خارج المدينة. وسيضم الموقع، المعروف باسم مدينة تشنغدو المستقبلية للعلوم والتكنولوجيا الذي تبلغ مساحته 4.6 كيلومترات مربع (1.8 ميل مربع)، العديد من الجامعات، والمختبرات، والمكاتب الجديدة.

متحف الخيال العلمي
يمكن للبحيرة الاصطناعية المحيطة بالمتحف أن تساعد على تخفيف الفيضانات وري المناظر الطبيعية المحلية.Credit: Arch-Exist

وأوضح أوهاتشي أن "جزءًا من هذا النمو مرده أيضًا للاهتمام بالمستقبل والعلوم والتكنولوجيا، ودمج ذلك في المدينة، وتنمية هذا الاقتصاد".

وتم افتتاح المتحف في الموعد المحدد لاستضافة الحدث الافتتاحي، وهي المرة الأولى التي يتم فيها استضافة "Worldcon" في الصين، والمرة الثانية فقط في آسيا.

ووصف ديف مكارتي، نائب رئيس "Chengdu Worldcon" ومنظم الحدث لمدة عقدين من الزمن، المتحف بأنه "أفضل منشأة على الإطلاق استضافت Worldcon على الإطلاق". وأضاف أنّ وجود موقع مخصص لهذا الحدث هو ما أضفى على الحدث مزيدًا من الخصوصية مقارنة باستضافته في مراكز المؤتمرات "المختصرة".

وأضاف مكارتي أن "وجود هذه المساحة المخصصة، يُعد موطنًا رائعًا للخيال العلمي".

ومن خلال محاولته الناجحة لاستضافة الدورة الحادية والثمانين من معرض "وورلدكون"، يأمل أوهاشي أن يصبح المتحف الجديد ومساحة الفعاليات "معلمًا بارزًا يمثل صناعة الخيال العلمي" وسيغذي طموحات "مدينة المستقبل".