دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- عندما بدأت داين يون الرسم على بشرتها لإنشاء صور ذاتية سريالية، نظر إليها الناس في كوريا الجنوبية على أنّها بمثابة مخلوق "دوكايبي" الأسطوري، وهو نوع من "العفاريت الكورية" بالثقافة الشعبية، على حد قولها.
وفي الوقت عينه، وصف الناس على الإنترنت صورة رائجة لها تظهر وجهها مرسومًا بنحو مصغر على أظافرها ومزينًا بشعرها الأسود المنسدل، أنها عبارة عن "طلاء أظافر مشعر". وعلّقت يون على الصورة، في حديثها مع CNN قائلة: "لقد اعتقدت أنّ هذا أمر لطيف عندما رسمته، غير أنّ الكثيرين اعتقدوا أنّه مخيف".
بشعرها الوردي اللامع وقميصها المزخرف بطبعة سريالية لأجزاء الجسم، كانت يون ستجذب الأنظار حتمًا في موطنها سيؤول، لكن في مدينة نيويورك الأمريكية، لا أحد يرف له جفن، وهي تحب ذلك.
وقالت الفتاة البالغة من العمر 30 عامًا، إنّ صورها لاقت صدى أكبر في أوروبا والولايات المتحدة. وأضافت أنّ الناس لم يبدأوا بالاهتمام بها في وطنها إلا بعدما لاقت أعمالها استحسانًا في الخارج وعلى نطاق واسع، في عام 2016. وأشارت يون إلى أنّ "ما يقدّرونه أنّني حظيت باهتمام الصحافة الأمريكية"، موضحة أنّ "هذا الأمر ينسحب على الكثير من الفنانين الكوريين في حال حصلوا على الاهتمام من الخارج".
أما أوهام يون البصرية الواقعية والمذهلة فقد جلبتها إلى فلك موسيقيين مثل هالسي وجيمس بليك اللذين تعاونت معهما، حتى أنها دُعيت للمشاركة في برنامج "The Ellen DeGeneres Show".
منذ ذلك الحين، عملت في الإعلانات التجارية لصالح العلامات التجارية "Estée Lauder"، و"BMW"، و"Apple"، و"Adidas"، وزيّنت صفحات "Vogue" و"Harper's Bazaar" بأسلوب رسم الجسم الذي يترك الناس في حيرة من أمرهم، وهم يسألون: "أين ينتهي هذا الرسم".
وقالت يون إنها لا تتلاعب أبدًا بصورها في مرحلة ما بعد الإنتاج. إنها تجسدها فقط، وتستخدم مرآة، وكاميرا، وطلاء للجسم. ويستغرق إنجاز العمل مدة تتراوح بين 3 و12 ساعة في كل لوحة ترسمها. هذه العملية الطويلة هي أحد الأسباب التي جعلتها تتوقف عن استخدام العارضات في عملها، إذ لم تكن تريد أن تأخذ الكثير من وقت شخص آخر.
تشوهات آسرة
وقال الكثيرون لليون إنّ أعمالها مذهلة ومزعجة في بعض الأحيان، واعتبر البعض أنّ ملامح الوجه مشوّهة، ومُعاد تنظيمها على غرار السيّد "رأس البطاطس"، أو شمعة شبه منصهرة منحوتة على شكلها ومغطاة بعينين غير مغمضتين، أو وجه يبدو وكأنه منسوج ومتقشّر في آن.
وأوضحت يون أنّ إثارة أعصاب المشاهدين لم تكن هدفها، مؤكدة أنها لا تحب الأعمال المظلمة، وتفضل إضفاء حس الفكاهة. لكن نظرًا لأنّ وجهها غالبًا ما يكون قماشًا لفنّها، فإنّ الناس أحيانًا يعطون الرسمة النهائية معنى أكثر مما تقصده بفنها.
في غالبية الأوقات، تبدو يون مرحة وتعبّر عن عالمها الداخلي. لقد بدأت برسم صور ذاتية كتعبير عاطفي عمّا كانت تشعر به. وفي وقت سابق من هذا العام، شعرت بأنها أصبحت أكثر حدّية وحساسية، ما انعكس في رسمة على الطراز التكعيبي تُظهر وجهها مشوهًا بمنظور من المثلثات التي من خلالها يمكن للمرء أن يرسم صورًا ذاتية.
في لوحة أخرى بعنوان "Let it flow"، تعانق تموجات ودوامات ضربات الفرشاة منحنيات وجه يون ورقبتها، فيما يبدو مظهرها بلوحة "ملكة جمال الكون"، بخلاف شفتيها الحمراوتين الزاهيتين وشعرها الوردي، محجوبًا كاملًا بالأصابع.
وعلقت على اللوحة الأخيرة قائلة: "إنها نوع من التناقض والسخرية. وأرى ذلك جميلًا بالنسبة لي".
في لوحتها "ممّا أنا مصنوعة"، رسمت يون وجهها بالكامل بواسطة الرموز التعبيرية، وهي عبارة عن نسيج من الوجوه المبتسمة، والمصابيح الكهربائية، والقلوب، وغيرها من التعابير التي تعكس هويتها. وأخفت هذه الرموز ملامحها بحيث لا يمكن التعرف عليها إلا بشكل غامض، ولكن بدلاً من إخفاء هويتها، قالت يون إن الرموز التعبيرية تلتقط ما كانت تشعر به وتتواصل معه في العام الذي انتقلت فيه إلى الولايات المتحدة.
وحول هذا الأمر، أشارت يون إلى أنها أدركت أن منذ انتقالها إلى أمريكا، استخدمت الكثير من الرموز التعبيرية لأنها أسهل بالنسبة لها من التحدث باللغة الإنجليزية. وقالت وهي تقلد الرسائل النصية: "إنها مثل الإيموجي الضاحك، إيموجي، إيموجي"، مضيفة: "في الماضي حاولت أن أشرح بالكلمات والجمل، ولكن الآن يظهر كل شيء رمزًا تعبيريًا صغيرًا واحدًا فقط".
يُعد هذا الاستكشاف لكونها غريبة في عالم جديد جزءًا من اتجاه إبداعي جديد يبعدها عن معالجة مشاعر الحزن القوية التي كانت تنتابها عندما كانت شابة في كوريا الجنوبية. وقالت يون عن انتقالها إلى نيويورك: "لقد أصبحت شخصًا أكثر استقرارًا وأقوى".
وأضافت: "ثمة مذكرات سرية أكتبها دومًا عندما أشعر بالحزن الشديد أو المرض. كنت أكتب مرة واحدة في الأسبوع، والآن آخر مرة كتبت فيها كانت قبل شهرين".