دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يتمتع مسجد "سانجاقلر" بموقعه الساحر في ضواحي بيوك شكمجة في مدينة إسطنبول بتركيا، إذ يطل على بحيرتها الساحرة. ولكن ليس هذا هو الجانب الجاذب الوحيد لهذا المبنى الذي اكتُمِل بنائه في عام 2013.
وبدلاً من ارتفاعه عن الأرض مثل الهياكل التي عهدناها، يندمج المسجد بشكلٍ فريد مع تضاريس المنطقة، بحيث يبدو "مخفيًا" إلى حدٍ ما، لولا مئذنته التي يمكن رؤيتها من بعيد.
وبدلاً من الاستثمار في لغة معمارية معينة، كان الدافع الأهم في هذا المشروع هو تعزيز الرضا الروحي والحسي الذي يشعر به المرء في هذه المساحة، بحسب ما ذكره المؤسس المشارك لشركة "EAA-Emre Arolat Architecture" التي كانت وراء التصميم، أمره أرولات، في حديث مع موقع CNN بالعربية.
البحث عن "الجوهر"
وعند الحديث عن المسجد، أكّد أرولات: "يمكن القول إنّ هذا المشروع يتحدى النهج الشكلي للعمارة الدينية في تركيا".
ورغم أنّ تقنيات البناء تغيرت بشكلٍ كبير، رأى أرولات أنّ النمط المعماري للمسجد العثماني الكلاسيكي لا يزال يُطبق باستمرار بتقنيات حديثة، ما يحوّله إلى "مفارقة تاريخية أُفرغت من محتواها"، على حد قوله.
وأفاد أرولات أنّه لا يوجد تعريف محدّد عمّا يجب أن تبدو عليه المساجد، لافتًا إلى ظهورها بأشكال عديدة ضمن مختلف الثقافات.
لذا، يمكن اعتبار تلك التصاميم المختلفة "كتجليات مختلفة للجوهر الوحيد المتعلق بطقوس الصلاة"، بحسب تعبيره.
لهذا السبب، كان تصميم المسجد مدفوعًا بالبحث عن هذا "الجوهر".
مدمج مع التضاريس
وعند الدخول إلى هذا المسجد، سيشعر المرء وكأنه يواجه كهفًا خرسانيًا بسبب طريقة تصميمه، إذ استغلت الشركة المنحدر الطبيعي لإنشاء مدرجات شبه مغطاة بالأعشاب تقودك إلى مدخل المسجد في الطابق السفلي.
وأكّد أرولات أنّ الهدف كان "جعل المبنى يندمج تمامًا مع التضاريس، وجعله يتمسك بالمكان كما لو كان موجودًا دائمًا، وعدم القيام بأي استثمار في لغة معمارية، ليكون بالتالي خاليًا من الارتباطات الثقافية".
ومن الداخل، يتميز المسجد بتصميمٍ متواضع، وتمنحه الجدران الخرسانية المكشوفة "طابعًا بدائيًا".
وربّما تكون أشعة الشمس التي تخرج من الشق فوق جدار القِبلة، والتي تتغير شدّتها خلال النهار، الزخرفة الوحيدة لهذه المساحة البسيطة.
وأكّد أرولات: "يمكن وصف هذه المساحة بأنّها مكان للتأمل، والتفكر، والوِصال المكثف".