ماذا يبقى من بيروت..عندما يموت التاريخ في منازل القرميد الأحمر الحقيقية وتدب الحياة بناطحات السحاب المستنسخة

سياحة
نشر
5 دقائق قراءة
ماذا يبقى من بيروت..عندما يموت التاريخ في منازل القرميد الأحمر الحقيقية وتدب الحياة بناطحات السحاب المستنسخة
CNN
8/8ماذا يبقى من بيروت..عندما يموت التاريخ في منازل القرميد الأحمر الحقيقية وتدب الحياة بناطحات السحاب المستنسخة

وتتميز المنازل القديمة بشكل عام بثلاثة أمور مشتركة، وهي القرميد الأحمر، والسقوف العالية جدا، والأروقة الداخلية، فضلاً عن ثلاثة أقواس مدببة في الجدار المواجه للشارع في غرفة مركزية كبيرة.

بيروت، لبنان (CNN) -- يبدو أن كل ما هو جميل في بيروت، بدأ يختفي تدريجياً منذ زمن بعيد وخصوصاً البيوت القديمة، والأشجار المعمرّة.

وقال مالك منزل "فيلا باراديزو" والمهندس المعماري ريمي فغالي إن "هذا هو رمز ما يحصل من خطأ في مقاربة المدينة للتقاليد والتراث،" مضيفاً: "نترك شيئاً جميلاً واحداً كمثال على ذلك، بينما نهدم كل شيئ آخر يؤطر ذلك الجمال."

ويُعتبر تدمير التراث المعماري اللبناني، بمثابة مصدر قلق للكثيرين، وذلك منذ أن حلًت المباني العالية في مكان حدائق رأس بيروت التاريخية في الخمسينيات من القرن الماضي، ما سارع بمعدل الإنذار خلال السنوات العشرين الماضية.

ويزدحم أفق المدينة باستمرار برافعات البناء، وبناء المزيد من الأبراج المليئة بالشقق السكنية مقارنة بأي وقت مضى، والتي لا تتمكن الغالبية العظمى من سكان المدينة من تحمل أسعارها.

وقال الناشط التراثي في مؤسسة "أنقذوا تراث بيروت" جيورجيو طراف إن "إحصاء أولي في التسعينيات، عدّد 1600 منزل تقليدي ومبنى في منطقة بيروت الكبرى،" مضيفاً: "اليوم، تُقدر الأرقام بـ 350 منزلاً تقليدياً."

وحالياً، يشعر العديد من السكان المغامرين في بيروت بالتعب من انتظار تحرك القطاع العام، ويأخذون على عاتقهم تحويل البيوت القديمة المتداعية، وبعضها ما زال متضرراً بثقوب الرصاص والقنابل، جراء الحرب الأهلية اللبنانية، إلى أماكن للفنون العامة، ومساحات عامة للمكاتب.

وجُددت "فيلا باراديزو" في الجميزة، بهدف استضافة المعارض الفنية والمناسبات الخاصة، فيما يُعتبر "زيكو هاوس" في منطقة الصنائع بمثابة مساحة للتركيز على النشاط المدني بشكل أكبر.

وأوضح الرسام البريطاني توم يونغ والذي يسعى إلى تحويل "فيلا باراديزو" إلى مكان فني، فضلاً عن البيت الزهري في منطقة عين المريسة، أن "الهدف يتمثل بخلق مساحات تحسن من التماسك الاجتماعي في المدينة التي تتأثر بكل أنواع الانقسامات،" ما سيجعل تدميرها أكثر صعوبة.

وشُيدت أقدم المنازل المتبقية في بيروت في بداية القرن التاسع عشر، باعتماد أسلوب فريد من نوعه يجمع بين الهندسة التي كانت شائعة في ظل الحكم العثماني والتأثيرات المعمارية الإسلامية، حيث أضافت العديد من العائلات الثرية عدة طوابق وغرف في المنازل القديمة خلال فترة الانتداب الفرنسي بين العامين 1923 و1946.

ونتيجة لذلك، تُعتبر العديد من المنازل القديمة في بيروت بمثابة مزيج من الطرز المعمارية، وتقنيات البناء.

وتتميز المنازل القديمة بشكل عام بثلاثة أمور مشتركة، وهي القرميد الأحمر، والسقوف العالية جدا، والأروقة الداخلية، فضلاً عن ثلاثة أقواس مدببة في الجدار المواجه للشارع في غرفة مركزية كبيرة.

وأضاف فغالي أن "أسلوب تطور البناء جاء كاستجابة مباشرة للبيئة والمجتمع اللبناني"، حيث بُنيت السقوف العالية تبعاً للحاجة إلى غرفة باردة أثناء فصل الصيف، فيما كانت القاعة المركزية مريحة للأسر الكبيرة التي تعيش معاً في المنزل ذاته.

وتطورت النوافذ المقوسة بشكل كبير للاستفادة من المناظر الواسعة التي تطل على الشريط الساحلي لجبال لبنان.

ولكن، هل تفقد بيروت عصرها الذهبي؟ هذا الهاجس هو ما دفع يونغ إلى التركيز على الخسارة والذاكرة، وفكرة العصر الذهبي المفقود من خلال تجديد منزل "فيلا باراديزو" في منطقة الجميزة في شرقي بيروت، وتحويله إلى مساحة خاصة بالفن والمناسبات والحفلات الخاصة، بهدف تكريم تاريخ المنازل القديمة.

في المقابل، يقع بيت "زيكو هاوس" في إحدى الأحياء البيروتية في غرب منطقة الصنائع، وذلك منذ بنائه في العام 1928 من قبل عائلة يموت، التي كانت تعمل في صناعة النسيج.

في العام 1994، وبعد عدة سنوات من انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية، افتتح مصطفى يموت.منزل عائلته أمام ناشطي المجتمع المدني والفنانين والشعراء والمسرحيين.

وعلى عكس الغرض من "فيلا باراديزو،" فإن منزل "زيكو هاوس" يثير النفعية على الجمال.

وأشار زيكو إلى أن المنزل ملك له، ما يتيح له استخدامه كعقار للعامة، مؤكداً أن "اللبنانيين شعب يطمح دائماً إلى إحداث تغيير في المجتمع، ولنفعل ذلك، علينا أن نكون منظمين إلى أعلى درجة."