دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في شهر يوليو/تموز، تظاهرت مجموعة من سكان حي "Boyle Heights" في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية ذوي الأصول اللاتينية أمام مقهى افتتح حديثاً في حيّهم يُدعى "Weird Wave Coffee،" حاملين لافتات تندد بالعنصرية ضد السكان من غير البيض.
وفي الضفة الأخرى للولايات المتحدة، وبالتحديد في حي بروكلين في مدينة نيويورك، تتحوّل واجهة حي "Crown Heights" بسرعة، عن طريق المشاريع الجديدة التي تستقطب الطبقى الوسطى أو العُليا في ذاك الحي الشعبي.
قد يهمك أيضاً: لماذا يتّجه المهندسون إلى العمارة "الطفيلية"؟
وفي العقود الأخيرة، ساد الحديث عن حملات تحويل الأحياء الشعبية والمتوسطة إلى أحياء تجذب سكان الطبقات الاجتماعية الأكثر ثراء.
وتكمن المشكلة الأساسية في هذا التحوّل، المعروف بالاستطباق في المناطق الحضرية، والذي يجتاح عدة أحياء شعبية في شتى مدن العالم الكبرى، هو أنه يتسبب برفع أجور وأسعار المنازل في تلك المناطق، ويجعل الإقامة صعباً على السكان الأصليين، الذي عاشوا فيها لعشرات السنين.
لكن، ماذا عن المدن التي تواجه خطر الإفلاس، مثل عاصمة ولاية كونيكتيكت الأمريكية، هارتفورد، ومدنتي أوستن وناشفيل، حيث دمّر التخطيط المدني الجديد مجتمعات سكنية كاملة، وجعل غالبية مركز المدينة غير مأهولاً؟
قد يهمك أيضاً: بيع أغلى شقة سكنية في دبي.. وهذا هو ثمنها
وأول من اخترع مصطلح الاستطباق كان عالمة الاجتماع روث غلاس البريطانية في العام 1964، لشرح عودة الطبقة المتوسطة لقلب العاصمة البريطانية، لندن.
وفي الولايات المتحدة، تحدّث الأكادمييون والمخططون المدنيون مطولاً عن الاستطباق في سبعينيات القرن الماضي. وما بين العامين 1950 و1970، بعدما انتقلت المصانع المدنيّة إلى دول أجنبية، انتقلت الطبقة المتوسطة من البيض للسكن في الضواحي.
ومن هنا، بدأ القلق على مراكز المدن التي هجرها أصحابها. ووجد علماء الاجتماع والمخططون موجات اجتماعية وثقافية استخدموها لدراسة ارتفاع عدد سكان الطبقة المتوسطة والفنانين، وعودة الاستثمار إلى مراكز المدن.
لكن، لا يعني مصطلح الاستطباق اليوم عودة السكان إلى مركز المدينة، بل أصبح يعني استثمار السكان الأثرياء أوالمطورين في الأحياء.
من مخزن للأفيون إلى فندق فاخر..هل تجرؤ على تجربته؟
والنتيجة هي ارتفاع الطلب في المنطقة، وارتفاع اسعار العقارات، ما يؤدي إلى استبدال السكان الفقراء بالسكان الأثرياء، وظهور متاجر جديدة وتغيير الشكل العام للحي.
وارتفاع الطلب في حي معين يؤدي إلى جعل أصحاب العقارات يخلون عقاراتهم من سكانها الأصلية، باستخدام سبل غير أخلاقية أحياناً، وإعادة عرضها بأسعار أعلى.
ويحدث الاستطباق بأشكاله القصوى في الأماكن التي يعلو فيها الطلب، مثل مدينة سان فرانسيسكو أو قرية غرينتش في نيويورك.
لكن، للاستطباق آثار إيجابية أيضاً، وهي أن الأمان ونوعية الحياة تتحسن في الأحياء التي تمر بعملية الاستطباق، الأمر الذي يفسر نتائج دراسة للانس فريمان وفرانك براكوني، وجدت أن الطبقات الأكثر فقراً أقل ميولاً لمغادرة أحيائهم ذات الأوضاع المتحسنة، مقارنة بميولهم للانتقال من الأحياء التي لا تتطور.
ومن الجوانب الإيجابية الأخرى للاستطباق هي جذب السكان إلى المناطق التي هجرها السكان. فعلى سبيل المثال، تعاني مدينة هارتفورد من خطر الإفلاس، لأن نسبة المنازل المهجورة فيها كبيرة، وغالبية المباني الموجودة فيها هي المباني الحكومية التي لا تفرض عليها ضرائب، ما أدى إلى عجز في المدينة بلغ 65 مليون دولاراً.