دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) – إذا سبق أن راودك الفضول حول أقدم البشر الذين مشوا على الأرض، فبين سفوح جبال ألتاي بسيبيريا، يمكنك أن تعرف جواب سؤالك حينما تزور كهف "دينيسوفا".. هل بإمكانك تخمين ما ستجده؟
وفي هذا الكهف بالتحديد، ستجد حفريات تابعة إلى البشر البدائيين، أو المعروفين باسم "الدينيسوفان". ومن غير المعروف كيف يبدو شكل هؤلاء الأشخاص، إذ تضم هذه الأحافير أجزاء من عظامهم وأسنانهم فقط.
ولكن، يعود الفضل إلى الحفريات وتقنيات التأريخ الجديدة، إذ سمحت للباحثين باكتشاف المزيد من المعلومات عن تاريخ الكهف والأشخاص الذين وُجدوا فيه منذ مئات آلاف السنين.
وبدورها، شرحت مجلة "Nature" عن تاريخ المواد والحفريات، بالإضافة إلى أنها تضمنت معلومات عن البشر البدائيين وفترة تواجدهم في الكهف.
ويُشار إلى أن عمليات التنقيب استمرت لحوالي 40 عام، إذ كشفت عن وجود بقايا نباتية وحيوانية، وشظايا فحمية. بالإضافة إلى إيجاد عظام تابعة لـ 4 بشر من "الدينيسوفان"، واثنين من "النياندرتال". ولكن، لم يتم العثور على أي بقايا بشرية حديثة في الكهف.
وبالنسبة إلى القطع الحجرية الأثرية، فتم تأريخها لما يتراوح بين أوائل العصر الحجري القديم الأوسط والعصر الحجري القديم العلوي.
وباستخدام تقنيات تأريخ جديدة، استطاع اليوم فريقان من الباحثين وضع جدول زمني للكهف، يمتد من 300 ألف سنة إلى 20 ألف سنة ماضية. ومن المعتقد أن بشر "الدينيسوفان" قد عاشوا في الكهف بين 287 ألف سنة و55 ألف سنة مضت. وتداخلت هذه الفترة مع احتلال "النياندرتال" للكهف بين 193 و97 ألف سنة مضت.
وجرى تطبيق تقنيات التأريخ على شظايا العظام، والأسنان، والفحم، بالإضافة إلى رواسب الكهوف.
وقال المؤلف المشارك في الدراسة ونائب مدير جامعة Oxford’s Radiocarbon Accelerator Unit، توم هيغام، إن "هذه المرة الأولى التي نتمكن فيها من تحديد عمر جميع القطع الأثرية في الكهف".
وتُرجح الأدوات الحجرية أن الإنسان القديم قد احتل الكهف قبل 300 ألف عام، بينما تظهر الحفريات أن بشر "الدينيسوفان" تواجدوا قبل 200 ألف عام، ليصل إنسان "نياندرتال" بعدهم بقليل.
وأوضحت مؤلفة الدراسة وأستاذة في مركز جامعة "ولونغونغ" للعلوم الأثرية، زنوبيا جاكوبس، إن الجدول الزمني يساعد الباحثين على ربط المعلومات الأثرية والبيئية والحمض النووي معاً، وذلك بهدف التعرف إلى أنماط تغير أشباه البشر وسلوكهم وتفاعلهم مع المناخ السائد".
ورغم أنه لا يزال هناك بعض الشكوك حول الأعمار الدقيقة للبقايا، إلا أن الصورة العامة باتت أكثر وضوحاً، وذلك حسب ما قاله عالم الآثار للعصر الحجري القديم، روبن دينيل، في مقال نشره عن دراسات مجلة "Nature".
وقالت جاكوبس إن الباحثين يعتقدون أن بشر "الدينيسوفان" قد عاشوا فترة طويلة إلى درجة أنهم واجهوا الأشخاص المعاصرين، الذين هاجروا عبر قارة آسيا. إذ تم العثور على حفريات بشرية حديثة تبعد عن الكهف، مسافة 621 ميلاً فقط.
وفي حين أن الدراسات الجديدة قد رفعت النقاب عن بعض أسرار كهف "دينيسوفا"، أوضح مدير مركز جامعة "ولونغونغ" للعلوم الأثرية، ريتشارد روبرتس، أنه لا تزال هناك العديد من الأسئلة التي ينبغي الإجابة عليها، من خلال المزيد من الأبحاث والاكتشافات المستقبلية.