دبي الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لا تزال مصر تستقطب الزوار من جميع أنحاء العالم بحضارتها الخالدة على مرّ العصور. وقديمًا، كان للفنادق والمنتجعات فضلا كبيرا في استقطاب أفواجٍ من السياح.
ورغم أنّ تلك الفنادق السياحية قد عفى عليها الزمن، إلا أنّ تاريخها والزمن الذي عاصرته يمثلان عنصراً أساسياً في جذب السياح.
وكان لظهور الفنادق الأنيقة والقصور التي تلبي احتياجات وأهواء المسافرين من العصر الفيكتوري الفضل بأن تصبح مصر الوجهة الكبرى التالية في عالم السياحة والسفر.
وبالنظر إلى كون الأثرياء هم من استطاعوا تحمّل نفقات السفر قديماً، كانت الفنادق أشبه إلى حدٍ كبير بالنوادي الخاصة التي يلتقى فيها أفراد الطبقة المخملية.
وكانت الفنادق تُدار عادة من قبل الأوروبيين.
تميزت الفنادق بمواقع استراتيجية سواء بمحاذة نهر النيل، أو على ساحل البحر الأبيض المتوسط، أو بالقرب من الأهرامات أو المعابد القديمة، للاستفادة الكاملة من الموقع التاريخي ومناظر مصر الحالمة.
وقد مرّت العديد من الفنادق الكبرى في مصر بأوقات عصيبة بعد نشوب الحرب العالمية الثانية، إذ تسببت أزمة قناة "السويس"، والحروب العربية الإسرائيلية، في تراجع السياحة في الشرق الأوسط.
ولكن، هذا الركود ربما قد تسبب في إنقاذ معظم الفنادق من مصيرها المحتوم.
وبدلاً من هدمها واستبدالها بمباني أكثر عصرية، بقي عدد كبير من تلك المساكن "الفيكتورية" حتى القرن الحادي والعشرين، والتي بُعثت من جديد في نهاية المطاف كفنادق عصرية، وأصبحت اليوم من أكثر الأماكن إثارة ورومانسية للإقامة في جميع أنحاء مصر.
وفيما يلي 7 فنادق تاريخية حققت قفزة نوعية في التاريخ المعاصر للسياحة في مصر.
فندق "مينا هاوس"، الجيزة
يتمتع الفندق بموقع استثنائي بجوار أهرامات الجيزة، حيث توفر العديد من الغرف إطلالات على الأهرامات التاريخية الخالدة.
وفي البداية كان الفندق بمثابة خندق صيدٍ ملكي للخديوي إسماعيل حاكم مصر والسودان آنذاك، وقد حوله ثنائي إنكليزي إلى فندق، وأطلقا عليه اسم الفرعون مينا، موحد القطرين
واُفتُتح فندق "مينا هاوس" في عام 1886، وفيما بعد، ضم الفندق إلى منشأته أول مسبح وملعب للغولف في مصر.
وقد قامت بزيارته أشهر الشخصيات في العالم على مر السنين، من أفراد العائلة المالكة البريطانية، وآرثر كونان دويل، كاتب شخصية المتحري الشهير "شرلوك هولمز"، إلى ممثل الأفلام الصامتة الأشهر تشارلي شابلن، بالإضافة إلى المغني الأمريكي المعروف فرانك سيناترا.
ويستطيع الزوار من خلال موقعه المميز زيارة أهرامات الجيزة، بالإضافة إلى المتحف الكبير المصري الجديد، وقد خضع الفندق لتجديدات كبيرة منذ تولي "ماريوت" الإدارة في عام 2015.
فندق "قصر الشتاء"، الأقصر
ويقع فندق "قصر الشتاء" على طول شارع الكورنيش على الضفة الشرقية لنهر النيل، ويشتهر الفندق بأنه المكان الذي كتبت فيه الكاتبة البريطانية أغاثا كريستي رواية "موت على النيل" في أواخر الثلاثينيات، كما أنه المكان الذي تم فيه إعلان اكتشاف قبر الملك توت عنخ آمون في عام 1922.
وصُمم وزُين تبعاً لتصميم القصور الفرنسية أو الإيطالية، ويعود إلى أوائل القرن العشرين، ويتميز الفندق بأجواء ملكيّة، ومنها الممرات الكبرى، وغرف الجلوس المتجددة الهواء، والحدائق الاستوائية المورقة، والمطاعم الفرنسية.
ويقع الفندق الذي تديره الآن مجموعة "سوفيتيل" الفرنسية، على بُعد مسافة قصيرة من معبد الأقصر، ومتحف الأقصر، وهو مقر رائع لزيارة معبد الكرنك، ووادي الملوك.
فندق "سيسل"، الإسكندرية
وبحلول الوقت الذي نشر فيه الكاتب لورانس دوريل "الرُباعية الإسكندرية" في الخمسينيات من القرن الماضي، كان فندق "سيسل" بالفعل واجهه كبرى على الواجهة البحرية للمدينة.
ولكن القصص الكلاسيكية الرومانسية، والبحث عن الروح على شاطئ البحر الأبيض المتوسط الحزين أضفت على الفندق شهرة أكبر.
واُفتتح فندق "سيسل" في عام 1929، من قبل عائلة فرنسية مصرية يهودية الأصل، حيث أقام أمثال المغنية جوزفين بيكر، والنحات هنري مور، والكاتب وليام سومرست موم أثناء زياراتهم لمدينة الإسكندرية.
وخلال فترة الحرب العالمية الثانية، نسّق جهاز الاستخبارات البريطاني عملية جاسوسية للتجسس على النازيين الألمان من داخل أحد أجنحة الفندق.
وفي عام 2014، جُدّد فندق "سيسل" وأشرفت عليه شركة "شتيغينبيرغير" الألمانية للفنادق والمنتجعات.
فندق "أوبرج الفيوم"
وتوفر واحة "الفيوم" أجواء خضراء لهذا الفندق المصمم على بعد حوالي 100 كيلومتر جنوب القاهرة على الحافة الغربية لوادي النيل.
وكُشف عن هذا المجمع الساحر المطل على الواجهة البحرية في عام 1937 كملجأ للصيد، وبمثابة ملاذ مطل على البحيرة للملك فاروق، وكان أيضاً بمثابة موقع تصوير للعديد من أفلام الأبيض والأسود القديمة.
ويحتوي فندق "أوبرج الفيوم" على خدمات شاملة مثل منتجع صحي، ومسبح مصمم على شكل زهرة "اللوتس"، وقد جُدّد الفندق في السنوات الأخيرة بواسطة فنادق "هلنان" الدولية الدنماركية المصرية.
فندق "كتراكت"، أسوان
إذا كان هناك أي منشأة بوسعها منافسة "مينا هاوس" و"قصر الشتاء" كأفضل فندق رومانسي في مصر، فهو فندق "كتراكت" في مدينة "أسوان".
ُبني فندق "كتراكت" على أحجار صخرية فوق نهر النيل، ويطل على جزيرة "إلفنتين" وجدول ممتلىء بالقوارب الشراعية المعروفة باسم "الفلوكة"، والتي ترفرف أشرعتها ذهاباً وإياباً على سطح النيل، وتتمثل أفضل أوقات مشاهدة الجزيرة أثناء احتساء مشروبات الكوكتيل أو الشاي داخل الشرفة المطلة على النيل.
ويتسم تصميم الفندق بمزجه طراز الشرق الأوسط بشمال إفريقيا، فهو مزُيّن بزخارف بربرية، وسجاد فارسي، ونوافذ على طراز "المشربية"، ويقدّم علاجات العافي مثل التدليك النوبي داخل منتجع صحي الفخم، بالإضافة إلى مسبح داخلي كان من شأنه أن يسعد ملكة مصرية قديمة.
وقد استضاف الفندق العديد من الشخصيات الملكية خلال زيارتها لمصر، ويوفر العديد من الخدمات وسبل الراحة من خلال رحلات الليموزين إلى معبد أبو سمبل، أو معبد فيلة، أو حتى نهر النيل إلى الأقصر.
قصر "وندسور"، الإسكندرية
ويعد قصر "وندسور"، الذي يقع أسفل الواجهة البحرية بالقرب من فندق "سيسل"، بمثابة مثال حي آخر على تأثير الاستعمار البريطاني على مصر.
ولا تزال العديد من الغرف العامة الفخمة، والمزينة بالثريات البرّاقة والأسقف المرسومة باليد، تحمل اسم الملوك البريطانيين.
وسيعيدك الأثاث في غرف الضيوف ذات السقف المرتفع، بالتأكيد إلى العصر "الإدواردي".
قصر القاهرة، القاهرة
ورغم أنه يعرف اليوم باسم فندق "ماريوت القاهرة وكازينو عمر خيام"، إلا أن البعض يشير بإعجاب إلى هذا الفندق الأنيق الواقع على ضفاف النهر باسمه القديم، أي "قصر القاهرة".
وكان الفندق في يوم من الأيام قصراً ملكياً، اُفتُتح في عام 1869 في جزيرة الزمالك بناءً على طلب الخديوي إسماعيل، ليكون بيتًا ضيافة لكبار الشخصيات، الذين حضروا افتتاح قناة "السويس" في ذلك العام.
وتمكنت شركة "ماريوت" من إدارة القصر ببذخ منذ سبعينيات القرن الماضي، وجُدّدت غرف الفندق لتعود إلى عهدها السابق ورونقها الأصلي.