دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تُعد مدينة أوديسا، المشهورة باسم لؤلؤة البحر الأسود، كواحدة من أكثر الوجهات جاذبيةً في أوكرانيا. ورغم من شهرة عمارتها المهيبة والشواطئ الجميلة، إلا أن الوجهة الأكثر إثارة تقع فعلياً أسفل المدينة. فماذا تُخفي أوديسا تحت الأرض؟
وفي أعماق حي "Moldavank"، داخل مرآب متواضع يقع قبالة طريق مزدحم، تُوجد بوابة خاصة إلى واحدة من أكبر المتاهات الحضرية في العالم، وهي سراديب الموتى.
وعند الدخول، يستلم الزوّار خوذة بالإضافة إلى مصباح كهربائي قبل التجول بعمق 25 متراً في الظلام.
ويُعد الطريق في هذه المدينة الشاسعة والواقعة تحت الأرض معقد للغاية، مع وجود أكثر من ألفي كيلومتر من الأنفاق، وهناك ما لا يقل عن ألف مدخل معروف، لذا يُنصح السياح بعدم الدخول بدون دليل مؤهل.
ويبدو حجم المتاهة مذهلاً بشكل خاص، إذا ما قورنت بسراديب الموتى في روما وباريس، والتي تمتد على مساحة 300 و500 كيلومتر على التوالي.
ولكن، على عكس تلك الموجودة في المدينتين الفرنسية والإيطالية، لم تُستخدم هذه الممرات تحت الأرض لدفن الموتى.
وتشكل سراديب الموتى التي تقع أسفل حي "Moldavanka" جزءاً من متحف "أسرار أوديسا تحت الأرض".
أما السبب من وجود هذه المتاهة، فيعود إلى الكهوف غير المتصلة خلال فترة تأسيس أوديسا في نهاية القرن الثامن عشر.
وساهمت صخرة كوكوينا الرسوبية إلى حد كبير في النمو السريع للمدينة، حيث كانت تستخدم لبناء غالبية المباني في أوديسا في ذلك الوقت.
وعندما شهدت المدينة طفرة تجارية ضخمة بين عامي 1819 و 1859، أقيمت العديد من القصور، مما يعني أنه تم حفر العديد من المحاجر تحت الأرض.
ومع وجود مسار ضوء ضعيف فقط لمتابعة الطريق، تستقبل درجات الحرارة المنخفضة، والتي تبلغ حوالي 13 درجة مئوية، الزوار عند ذهابهم لخوض مغامرة الاستكشاف تحت الأرض.
وأول ما ستلاحظه هناك هو مخبأ نووي متحلل يعود إلى فترة الحرب الباردة، والذي استخدم ممرات سراديب الموتى الضيقة كمقر.
وتمثل السراديب مشهداً قاتماً للغاية. وتنتشر رائحة عفنة في الهواء، بينما يكاد الصمت يخترق سمعك.
وتوجد قطع صدئة من معدات الحقبة السوفيتية داخل المخبأ، وتتواجد غرفة المحرك الغريبة، والتي تغمرها المياه بالكامل تقريباً، ثم يأتي الجزء "المثير" المزعوم من سراديب الموتى، وهو واحد من العديد من المحاجر المكونة من حجر الصديفية.
ويبدو هذا الجزء رومانسياً أكثر عند مقارنته بالمخبأ، إذ يتضمن لوحات من الفحم المحفور على الجدران، والتي يوجد أسفلها كتابات محفورة.
ويوضح دليل لوكالة "Tudoy-Sudoy" السياحية المحلية، أندري ديمبيتسكي، أن "هناك المئات من النقوش، والرموز، واللوحات المختلفة في سراديب الموتى".
وفي حين أن العديد من الكتابات المنقوشة تشير إلى التواريخ، والاتجاهات، فإن المعاني تحت اللوحات لا تزال مبهمة.
كما يُوجد أدوات مستخدمة في استخراج الأحجار وتذكارات سوفيتية مختلفة، بالإضافة إلى ما يبدو مطعم مُرتجل تحت الأرض.
ومع وصول الجولة إلى نهايتها، يوضح ديمبيتسكي أن الرحلة اليومية تغطي فقط حوالي 3 كيلومترات من سراديب الموتى، أي أقل من 1 ٪ من المساحة الكلية.
ويستحق متحف "Quarry Cantacuzene"، والذي يعود تاريخه إلى بداية القرن الثامن عشر، والمنفصل عن متحف "أسرار أوديسا تحت الأرض" الزيارة.
وباعتباره أقدم السراديب الحجرية تحت الأرض، فإنه يقدم نبذة مثيرة للاهتمام عن عالم سراديب الموتى، وكذلك عن التاريخ المبكر للمدينة.
ومرة أخرى فوق سطح الأرض، يختلف وضع مدينة أوديسا كلياً.
ومن الصعب تجاهل حقيقة أن هناك مدينة أخرى واقعة تحت الأرض، والتي تتخذ هيئة متاهة باردة من الأنفاق التي لا نهاية لها.