دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تبدو فرصة شراء منزل جديد في إيطاليا، يُعرض للبيع في مناطق ريفية تغمرها الشمس، مقابل مبلغ يورو واحد، أي ما يزيد قليلاً عن الدولار، بمثابة صفقة العمر.
وخلال العام الماضي، قدمت العديد من المدن الإيطالية الصغيرة، من صقلية في الجنوب، إلى جبال الألب الشمالية، مثل هذه الصفقات، على أمل جذب سكان جدد لإعادة إحياء مجتمعات متلاشية.
وقد أَسَرت تلك العروض السخية قلوب الملايين من الأشخاص، إذ وفرت إمكانية تحقيق الأحلام الرومانسية، والتخلي عن حياة المدن الصاخبة من أجل حياة أكثر بساطة.
وغرقت العديد من المدن الإيطالية بالاستفسارات والتساؤلات عبر الهواتف والمواقع الإلكترونية.
ولكن هل قام أحد بالفعل بشراء تلك المنازل؟ وإذا فعل، ماذا حدث بعد ذلك؟ هل عانوا من مشكلة حاجز اللغة؟ هل كان المبلغ الزهيد بمثابة خدعة لدفع المزيد من المال؟
وتعرفت CNN على بعض أول المشترين، أو كما يُطلق السكان عليهم "مواطني اليورو الواحد"، لاكتشاف ما إذا كان الأمر يستحق العناء.
ملاذ للعطلات
وكانت مورجان جيهوت، والقادمة من منطقة تقع بالقرب من مدينة نانت في فرنسا، من بين أوائل المشترين الذين استغلوا صفقات بقيمة يورو واحد والمعروضة في بلدة موسوميلي، وهي بلدة جميلة تقع في عمق صقلية، حيث تتجمع الشوارع القديمة الضيقة حول قلعة متهالكة على قمة تلة.
ويعد المنزل، الذي دفعت جيهوت وزوجها مقابله مبلغاً زهيداً، بمثابة منزل العائلة الثاني.
وتتطلب معظم الصفقات من المشترين الالتزام بالاستثمار في عمليات التجديد، وهو أمر لم تضع جوهت، التي تبلغ من العمر 27 عاماً وزوجها، الذي يبلغ من العمر 31 عاماً وقتاً في تنفيذه.
وقد أكمل الثنائي تقريباً عملية إعادة بناء مسكنهما، على مساحة 50 متراً مربعاً، حيث قاما بطلاء الجدران وإصلاح الأرضيات.
وتقول جيهوت إنه "نظراً لأننا من الحرفيين، فقد قمنا بمعظم العمل بأنفسنا، وكان الأمر رائعاً أن نرى منزلنا المكون من غرفتين يعود إلى الحياة من جديد".
وأضافت أن "الشرفة البانورامية التي تبلغ مساحتها 15 متراً مربعاً رائعة."
وسيستخدم الثنائي مسكنهما، مع طفليهما الصغيرين، كمنزل لقضاء الإجازة خلال عطلات عيد الميلاد والصيف.
وتشرح جيهوت أنه عندما قررت هي وزوجها الاستثمار في منزل ثانٍ، أسرتهما الأسعار الجذابة في مدينة موسوميلي الإيطالية مقارنة بسوق العقارات الفرنسية باهظة الثمن، ولكن عندما زارا المكان للمرة الأولى، تفاجأ الزوجان بسحر المكان اللطيف وترحيب السكان المحليين.
وبينما اعتاد الثنائي على العيش في الريف الفرنسي، إلا أن الانتقال إلى موسوميلي أخذهما إلى مكان أكثر هدوءاً.
وأوضحت جيهوت أن المدينة قريبة من الوجهات في صقلية وليست معزولة على عكس غيرها من القرى، وتضيف: "هنا لديك كل ما تحتاجه، مثل المحلات التجارية، والأسواق".
وعلى ما يبدو، لم تكن هناك مفاجآت غير سارة، إذ تابعت الموظفون في الوكالة العقارية الثنائي خطوة بخطوة على الطريق، وساعدهما في الأعمال الورقية وترجمة عقد المنزل.
وقالت جيهوت: "لقد كان الأمر أفضل من المتوقع. وحتى منزلنا، كنا نظن أنه سيكون في حالة أسوأ"، ويفكر الثنائي بأن تصبح موسوميلي ملاذاً للتقاعد.
التقاعد الريفي
وفي حين أن العديد من المشترين بدأوا في شراء منازل متهالكة مقابل السعر الزهيد، إلا أن هناك من انتهى به الأمر إلى شراء منازل أكثر تكلفة وفي حالة أفضل.
وبعد جولة طويلة بين مباني موسوميلي، التي تبلغ قيمتها ما يزيد بقليل عن الدولار، اختار رجل الأعمال البلجيكي باتريك يانسن مسكناً "ممتازاً" بسعر أعلى، والذي أنهى تقريباً عملية تجديده بالكامل.
وكانت التغطية الإعلامية للمنازل الرخيصة قد جذبت الكثيرين لاتخاذ خطوة قد تغير حياتهم.
وقال يانسن إنه لم يشتر منزلاً بسعر يورو واحد، إذ تجول بين ما يقارب 25 مبنى قديماً، وبعضها كان في حاجة ماسة للإصلاح، لذا في النهاية اختار مبنى لائق مكون من 3 غرف مقابل 10آلاف يورو، واستثمر المزيد من الأموال في عملية التجديد.
ولكن لم تكن الحالة السيئة للمباني هي التي أبعدته عن مخطط شراء منزل بيورو واحد.
وأضاف يانسن: "اعتقدت أنه إذا اشتريت منزلًا لطيفاً، وليس متهالكاً، وقمت بإصلاحه جيداً ليبدو جديداً مرة أخرى، فسيحافظ على متانته وعمره لسنوات عديدة"، موضحاً: "سيستمتع أطفالي الخمسة، في غضون 20 عاماً، بمنزل لا يزال في حالة ممتازة. وإذا حدث لي شيء، فسيكون لديهم مكان جيد يمكنهم العيش فيه، ويمكنهم المجيء إلى هنا مع أصدقائهم عندما يكبرون".
وفي الوقت الحالي، تتمثل خطته أيضاً في استخدامه كمنزل للعطلات حيث يمكن للعائلة قضاء عدة أسابيع أو أشهر في السنة.
وكان يانسن قد وضع خطته طويلة الأجل بناء على العديد من العوامل، أهمها المسافة القصيرة بين منزله الرئيسي في العاصمة البلجيكية بروكسل والبلدة الإيطالية، موسوميلي.
وقال يانسن إن بلدة موسوميلي، بالمقارنة مع بروكسل المحمومة، هي بمثابة "عالم آخر".
ويضم منزل يانسن شرفة بانورامية مطلة على أسطح المنازل القديمة والكنائس الجذابة والأزقة الضيقة.
وأشار يانسن إلى أن هذه الزاوية من صقلية ليست مزدحمة"، وأنها بمثابة نقطة انطلاق مثالية لاستكشاف بقية المكان، موضحاً أنه تفاجأ من أن عملية شراء منزل وترميمه في صقلية أسهل من بلجيكا.