دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- شهد قصر الزعفران بالقاهرة العديد من الأحداث التاريخية، وتميز بفخامته المعمارية التي تماثل قصر فرساي بفرنسا، وبعد مرور 150 عاماً على تشييده، هذه حكاية تسميته الغريبة.
ويقول المصور المصري هشام توحيد، الذي وثق عمارة القصر عام 2009، إن أهمية التقاط الصور للمباني التاريخية تعود إلى ضرورة توثيق حالتها الأصلية، ووضع تقرير للوضع الراهن لتلك المباني التاريخية.
ويعود تاريخ تشييد قصر الزعفران إلى عام 1870، في عهد الخديوى إسماعيل في حي العباسية، بحسب ورقة بحثية بعنوان "قصور ملكية" بموقع جامعة عين شمس.
وبتاريخ 4 يناير/كانون الثاني عام 1871، أهدى الخديوي إسماعيل هذا القصر إلى والدته خوشيار قادين، الزوجة الثانية لنجل محمد علي باشا، القائد إبراهيم باشا، بعد إصابتها بمرض عضال حتى تقيم به للإستشفاء، وفقاً للورقة البحثية.
ونظراً لنقاء الجو في المنطقة التي يوجد بها القصر، أمر الخديوي بإنشاء حديقة حوله بلغت مساحتها حوالي 100 فدان وزُرعت بالكامل بنبات الزعفران طيب الرائحة، وكان ذلك سبب تسمية القصر بـ"قصر الزعفران"، وفقاً للورقة البحثية.
وكلف الخديوي إسماعيل المهندس المعماري مغربي بك سعيد، الذي كان بين من خصهم الخديوي بدراسة الهندسة في فرنسا، بتصميم القصر والإشراف على بنائه ليكون مماثلاً لقصر فرساي في فرنسا، حيث قضى الخديوي فترة تعليمه، وفقاً للورقة البحثية.
وشيد قصر الزعفران على أنقاض قصر بناه محمد علي باشا، مؤسس الدولة المصرية الحديثة ومؤسس الأسرة العلوية، خارج حدود القاهرة آنذاك، وسماه قصر الحصوة، وفقاً للورقة البحثية.
وفي عام 1864، اشترى الخديوي إسماعيل قصر الحصوة، بعد توليه حكم مصر عام 1863، بمبلغ 250 ألف قرش، وأعاد عملية بنائه ليكون قصراً مكوناً من مبنى واحد، كما يبدو على هيئته الحالية اليوم، وقد تميز القصر بمكانته التاريخية، إضافةً إلى فخامته المعمارية، ، وفقاً للورقة البحثية.
وقدم الخديوي القصر منحةً لأمه، الوالدة باشا، عن طريق الهبة بموجب الأمر العالي الذي أصدره إلى ناظر المالية، وفقاً للورقة البحثية.
ويجمع معمار القصر من الداخل بين الطرازين القوطي والباروكي، واللذين تتميز بهما معظم القصور التي شيدت خلال القرن التاسع عشر، وفقاً للورقة البحثية.
ويبرز المدخل الرئيسي للقصر من الواجهة الرئيسية، ويعلوه شرفة كبيرة، ويمكن للزائر الصعود إلى المدخل إما مترجلاً عن طريق السلالم الرخامية التي تتوسطه أو داخل عربة، إذ توجد ممرات منحدرة على جانبي المدخل خصصت لصعود العربات عليها، وقديماً كان موكب الخديوي يصعد بالعربات التي تجرها الخيول بينما ينتظر الأمراء أمام باب القصر في شرف إستقباله، وفقاً للورقة البحثية.
وتتميز واجهات القصر الأربعة بعناصر معمارية وزخرفية جميلة تتمثل في النوافذ، والشرفات المعقودة، والأعمدة، والأشكال الكروية التي تعلوها التيجان الملكية، وفقاً للورقة البحثية.
والقصر مكون من طابقين رئيسيين، إلى جانب قبو خصص لخدمات القصر من مطابخ، ومغاسل، ومخازن، وطابق ثالث خصص لإقامة أفراد الحاشية والخدم.
وكان الطابق الأول مخصص للإستقبال، حيث تقع القاعة الرئيسية على يسار المدخل، وبجوارها قاعتين أصغر حجماً، بينما توجد صالة الطعام على يمين المدخل وتتسع لحوالي 50 شخصاً.
ويضم الطابق الأول مجموعة من الأعمدة ذات الطراز اليوناني الروماني، من الرخام الأخضر والأصفر، والتي تتميز بتيجان مذهبة، وباب مدخل القصر مصنوع من الزجاج المعشق، ويعتبر تحفة فنية رائعة الجمال بألوانه وما يضمه من أشكال لزهور وشجرة كبيرة مثمرة.
أما الطابق الثاني فيضم 8 غرف نوم ملحق بكل منها صالون للإستقبال، وحمام تركي كبير مصنوع من الرخام، ومزود بقطع من الزجاج الملون تجعله يبدو وكأنه مضاء بإضاءة طبيعية طوال الوقت.
وتزين جدران الحجرات أشكال الورد والزهور الملونة، ويساعد ارتفاع السقف، وهو 6 أمتار، على تلطيف حرارة الجو خاصة في فصل الصيف، حيث يشعر المقيم فيه دائماً بتيار من الهواء المنعش.
وتعد الأسقف الملونة بلون زرقة السماء أهم ما يميز حجرات الطابق الثاني، ويقال إن المعماري نفذها على هذا النحو لأن الخديوي إسماعيل كان يحب أن ينظر إلى السماء، وهو مستلق على ظهره قبل النوم، وفقاً للورقة البحثية.
ومن التحف المعمارية التي يتميز بها القصر، سلم البهو الرئيسي المصنوع من النحاس والمغطي بطبقة ذهبية، ويقول أثريون إنه يكاد يكون السلم الوحيد في مصر الذي يضم هذه الكمية الضخمة من النحاس، وهو سلم بطرفين يصل بين طابقي القصر الرئيسيين، وسقفه النهائي عبارة عن زجاج بلوري بألوان زاهية ومعشق بالرصاص، مما يعكس ألوان السماء على السلم خلال ساعات النهار، وفقاً للورقة البحثية.
ومع أن القصر أصبح مقراً إدارياً لجامعة عين شمس، إلا أنه لا يزال يحتفظ بطرازه المعماري المميز.