دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- انتهت حياة شجرة تفاح يُعتقد أنها الأقدم في إقليم الشمال الغربي الهادئ، هذا الصيف، عن عمر 194 عاماً.
وزرعت شجرة التفاح القديمة في مدينة فانكوفر بولاية واشنطن، عام 1826، عندما استقر تجار الفراء في شركة "Hudson's Bay" بالمنطقة.
وكانت هذه الشجرة تعد بمثابة مصدر إنتاج التفاح الرئيسي في المنطقة، وكانت تثمر تفاحا أخضر ذو طعم مرير، إلا أنه كان مناسباً لخبز الفطائر.
وقال حارس الغابة الحضري لمدينة فانكوفر، تشارلز راي، لـ CNN "بينما كنا نعلم أن هذا اليوم سيأتي، كنا نأمل أن يكون بعيداً".
وفي نحو عام 2015، لاحظ فريق الخبراء المهتمين بالشجرة أن طبقة الكامبيوم، وهو الجزء المتنامي من الجذع، بدأت تتلاشى، بحسب ما أوضح راي. وقد ساهم ذلك في خلق صدع حلزوني في الجذع، والذي تم تجويفه على مر السنين إلى أن وصلت الشجرة لنهاية رحلتها في يونيو/ حزيران الماضي.
وأوضح راي أن الشجرة اتخذت لنفسها شخصيتها الخاصة، مشيراً إلى أنها قد واجهت تحديات طوال عمرها، وعاصرت الأجيال المختلفة، وشهدت العالم يتغير من حولها.
وصمدت شجرة التفاح القديمة في مواجهة عواصف لا حصر لها وعمليات إنشاء السكك الحديدية والطرق السريعة في المناطق المجاورة لها، لتصبح معلماً محبوباً في المجتمع.
وقال راي: "كانت المدارس المحلية تقيم رحلات إلى الشجرة، لقد أثرت على أجيال من الناس في جميع أنحاء الشمال الغربي، وربما في جميع أنحاء البلاد".
وتعد الشجرة مشهورةً بين خبراء التفاح المهتمين بدراسة الأنواع القديمة من التفاح التي زرعها المستوطنون الأوائل.
وقال ديفيد بنسكوتر ، وكيل مكتب التحقيقات الفدرالي المتقاعد الذي يدير "مشروع التفاح المفقود"، لـ CNN: "عندما يتحدث أي شخص عن أقدم شجرة تفاح في الشمال الغربي، يعلم الجميع أنها كانت شجرة التفاح تلك"، مضيفاً أنه على يقين بأن أحداً لم يتوقع أنها يمكن أن تعمّر إلى هذا العمر.
وفي عام 1984، تم بناء حديقة عامة حول الشجرة، ومنذ ذلك الحين، في كل أكتوبر/ تشرين الأول، تُقيم المدينة مهرجاناً للاحتفال بها، إلا أن إصدار هذا العام قد ألغي بسبب جائحة فيروس كورونا.
وأقام أفراد مجتمع فانكوفر نصباً تذكارياً للشجرة، يوم الأحد، عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وتبادلوا القصص والذكريات عنها.
متجذرة في التاريخ
وتقول الأسطورة إن شجرة التفاح القديمة جاءت إلى فانكوفر كبذرة، نقلها أحد الضباط في البحرية البريطانية.
وتلقى الملازم في البحرية الملكية، إيميليوس سيمبسون، البذور خلال مأدبة عشاء في لندن، قبل مغادرته إلى موقع تجارة الفراء التابع لشركة "Hudson's Bay" في شمال غرب المحيط الهادئ.
وبحسب ما قاله المدير التنفيذي في متحف مقاطعة كلارك التاريخي براد ريتشاردسون "إن شابة كانت مع الملازم وضعت القليل من بذور التفاح من طبق الحلوى الخاص بها في جيب سترته، واقترحت عليه أن يزرعها عندما يصل إلى الشمال الغربي".
وبعد وصوله إلى فورت فانكوفر، سلّم سيمبسون البذور إلى كبير العاملين، جون ماكلوغلين، الذي أشرف على إنشاء البساتين والحدائق المحلية من أجل القوت.
ومن الجدير بالذكر أن الشجرة لا تقع داخل محيط بستان فورت فانكوفر التاريخي، بل على بعد حوالي نصف ميل منه، في ما كان يمكن أن يكون أماكن معيشة للعمالين بالقلعة.
وفي وقت لاحق، أصبحت القلعة قاعدة للجيش الأمريكي، ومن بين أولئك الذين خدموا هناك، يوليسيس جرانت، الرئيس الثامن عشر للولايات المتحدة.
وهذه ليست المرة الوحيدة في حياتها الطويلة التي تميزت فيها شجرة التفاح القديمة بالتاريخ الرئاسي.
وقال ريتشاردسون إنه في عام 1934، قُدم للرئيس فرانكلين ديلانو روزفلت، أثناء زيارته للمنطقة، فطيرة تفاح مخبوزة من ثمار الشجرة، أعدّت من قبل السيدة فاي بيبودي، "خبازة فطيرة التفاح الرسمية" في ولاية أوريغون وواشنطن، وفقاً للتقارير الإخبارية في ذلك الوقت.
تم زرع سليل شجرة التفاح القديمة بالقرب من متحف مقاطعة كلارك التاريخي في الخمسينيات، وفقاً لريتشاردسون.
شجرة "فريدة من نوعها"
وأطلق على التفاح الذي أنتجته شجرة التفاح القديمة اسم "Green Greenings"، وهو تصنيف عام يستخدم لوصف تفاح العالم القديم، وفقاً لتشارلز راي.
وكشف تحليل الحمض النووي الذي أجراه خبراء في مشروع "Apple Genome Project"، التابع لجامعة ولاية واشنطن، أن شجرة التفاح القديمة فريدة من نوعها من الناحية الجينية.
وأكد كاميرون بيس، أستاذ علم وراثة أشجار الفاكهة في جامعة ولاية واشنطن، لـ CNN، أن شجرة التفاح القديمة ليست مطابقة لأي نوع آخر مسمى في مجموعة بيانات تعاونية عالمية تتكون من عدة آلاف من ملفات تعريف الحمض النووي الخاصة بتنوع التفاح".
وأضاف بيس: "شجرة التفاح القديمة تعد بالتالي فريدة من نوعها، وستحمل عوامل وراثية غير موجودة في الأصناف الأخرى المتوارثة أو الحديثة".
وأوضح بيس أن العلماء تمكنوا من إثبات أن شجرة التفاح القديمة هي بالتأكيد من سلالة "رينيت" الفرنسية، وهي صنف يبلغ عمره 500 عام يطلق عليه "جدة جميع أصناف التفاح".
بداية حياة جديدة
ونظراً لأن جذع شجرة التفاح القديمة كان يموت مع مرور الوقت، بدأ العديد من البراعم الجديدة في الخروج من نظام الجذر الخاص بها.
وقال تشارلز راي لـ CNN: "لقد عقدنا العزم على البدء في رعاية هذه البراعم حتى نحصل على شجرة جديدة في المستقبل"
وأضاف راي: "لا يزال هو نفس نظام الجذر ، ونفس الشجرة تنمو داخل هذا الموقع".
وستبقى إحدى الشتلات في الموقع ذاته لتصبح شجرة التفاح القديمة "الجديدة" على مر السنين. وستتم إزالة جزء من الجذع الأصلي للسماح بمزيد من الضوء للشجرة الجديدة، ولكن سيبقى جزء منه في الموقع ليتحلل ويوضح دورة حياة الأشجار.
وقال راي: "سيظل يشار إليها باسم شجرة التفاح القديمة لضمان استمرار هذا الإرث".
وستُزرع الشتلات الأخرى في بستان فورت فانكوفر التاريخي القريب الذي تديره دائرة الحدائق الوطنية، وفقاً لراي.