دبي الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يقدم فندق ياباني جديد تجربة تعد الأولى من نوعها، أي العيش على طريقة زعماء القرون الوسطى داخل قلعة حقيقية.
وتعد قلعة "Ozu"، التي تقع في مدينة أوزو على بعد حوالي 60 كيلومتراً من ماتسوياما، عاصمة محافظة إهيمه، هي القلعة الأولى والوحيدة في اليابان التي تسمح لزوارها بالمبيت. كما تعد القلعة، التي يعود تاريخها إلى عام 1617، واحدة من القليل من القلاع الخشبية المتبقية في اليابان.
ورغم من أن تحويل قلعة "أوزو" إلى فندق يعد إنجازاً رائعاً في حد ذاته، إلا أنه في الواقع بمثابة جزء من مهمة أكبر، أي إحياء مدينة ريفية آخذة في التلاشي.
وتشتهر مدينة أوزو، التي يطلق عليها اسم "كيوتو الصغيرة" في أيو، وهو الاسم القديم لمحافظة إهيمه، بنهر هيجي الخلاب، وأسلوب عمارتها التاريخي، بالإضافة إلى قلعة أوزو الأنيقة المكونة من أربعة طوابق.
وكانت أوزو ذات يوم مركزاً سياسياً في عصر إيدو خلال فترة من عام 1603 إلى عام 1868، وازدهرت خلال فترات ميجي من عام 1868إلى عام 1912، وتايشو من عام 1912 إلى عام 1926، بفضل إنتاج وتجارة الشمع والحرير.
ولكن ثروات أوزو، مثل العديد من المدن الريفية الأخرى في اليابان، قد انخفضت بشكل كبير خلال العقود الأخيرة.
ومنذ خمسينيات القرن الماضي، شهدت المدينة انخفاضاً كبيراً في عدد السكان، من 79 ألف نسمة عام 1955 إلى حوالي 42 ألف نسمة عام 2020.
ويقول الإسباني دييجو فرنانديز، مدير قسم الهندسة المعمارية والبحوث الثقافية في مكتب "Kita Management"، وهو فرع من مكتب السياحة وتخطيط المدن، إنه مع انخفاض عدد السكان، يأتي إغلاق الشركات والتخلي عن المنازل، مما يزيد من فرص مغادرة الشباب للعثور على إمكانيات أفضل.
وفي ظل هذه الظروف العصيبة، قرر العديد من الملاك هدم منازلهم القديمة بسبب افتقارها إلى القيمة الاقتصادية.
ويقول فرنانديز، الذي درس الهندسة المعمارية في اليابان، وعثر على مدينة أوزو عام 2012 أثناء تحضيره لدرجة الدكتوراه في "الماء والعمارة والتاريخ": "في معظم الحالات، أصبحت المنازل السابقة خالية أو تستخدم كمواقف للسيارات". وأضاف أنه كان هناك شعور بين السكان المحليين بأن هذا الاتجاه لا ينبغي أن يستمر ويجب فعل شيء ما".
وتسعى منظمة "Kita Management" جاهدة للحفاظ على المنازل القديمة "التي كانت تختفي بمعدل ينذر بالخطر"، ويقوم فريقها بإعادة توظيف تلك المنازل بشكل مستدام للمجتمع.
الإقامة في قلعة "أوزو"
وأعيد بناء قلعة "أوزو" الحالية، مع خيار الإقامة الذي افتتح حديثاً، وهو ما يفسر سبب سماح المسؤولين بتحويلها إلى فندق.
وتتضمن قوانين حماية الممتلكات الثقافية اليابانية قيوداً صارمة على التعديلات في المباني التراثية، بما في ذلك العديد من أبنية القلاع في البلاد.
وبعد هدم هيكل قلعة "أوزو" الأصلي في عام 1888، قررت المدينة إعادة بناء رمزها المفتقد بشدة خلال فترة التسعينيات من الأنقاض، بواسطة الأخشاب بدلاً من الخرسانة.
ويوضح فرنانديز أن البناء بواسطة الأخشاب يعد أكثر تكلفة بعدة مرات، ولم يسمح قانون البناء بعد الحرب بإنشاء هياكل خشبية يزيد ارتفاعها عن 13 متراً، مشيراً إلى أن ارتفاع قلعة "أوزو" يبلغ 19 متراً.
وبعد سنوات من الضغط على الوزارات الوطنية، تلقت مدينة أوزو الموافقة على البناء بواسطة الأخشاب، وتم الانتهاء من إعادة البناء في عام 2004.
وفتحت قلعة "أوزو" أبوابها لنزلاء الفندق في شهر يوليو/تموز، مما أتاح للضيوف فرصة الاستمتاع بمبنى القلعة على انفراد بعد إغلاق البوابة أمام الزوار عند الساعة 5 مساءً.
وبالنسبة للعام الأول، يُسمح فقط بـ 30 إقامة، مع السماح بما يصل إلى ستة ضيوف خلال كل إقامة.
ويشمل سعر قضاء الليلة لضيفين مبلغ مليون ين، أي 9 آلاف و469 دولاراً، مع مبلغ 100 آلاف ين، أي 946 دولاراً، عن كل ضيف إضافي.
ونظراً لعدم وجود متاجر، أو مراحيض، أو مكيفات في القلعة، فقد بني حمام فاخر وصالة ملحقة في ركن مخفي مخصص لنزلاء الفندق.
إذاً كيف تبدو الإقامة في القلعة؟
وعند الوصول، يتم استقبال الضيوف، الذين يمكنهم اختيار ارتداء ملابس الكيمونو التقليدية وأزياء المحاربين من العصور الوسطى، على أصوات الأبواق وتلويح الأعلام. وبعد ذلك يتم الترحيب بهم بعرض رقص تقليدي، يعرف باسم "kagura"، المسجل كممتلكات ثقافية شعبية في اليابان.
ويتم تقديم وجبة العشاء بأحد الأبراج الأربعة في مجمع القلعة، تليها جلسة لمشاهدة القمر مع إلقاء الشعر.
والجدير بالذكر أن أبراج القلعة أصلية، إذ نجت من القرون الأربعة الماضية.
وبعد قضاء الليلة في المجمع، يتناول الضيوف في صباح اليوم التالي وجبة الفطور في فيلا تاريخية بجانب الجرف تضم مقهى يطل على نهر "هيجي".