دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- كانت جايل سيمون، والتي تعمل في مطار بروكسل في بلجيكا، تعتبر نفسها محظوظة.
وقالت سيمون لـCNN: "إنها عائلة كبيرة ومحبة.. يشعر الجميع بالارتباط ببعضهم البعض، حتى مع الركاب. تصادف كل يوم الكثير من الأشخاص وتسمع القصص الجميلة في المطار.. لم أعد إلى المنزل أبداً بلا أن أملك شيئاً أرويه".
لكن انقلبت وظيفة سيمون رأساً على عقب خلال الـ9 أشهر الماضية جراء تفشي فيروس كورونا المستجد.
وكما هو الحال مع بقية العالم، تأثر قطاع السفر الجوي في أوروبا بشكل كبير بسبب فيروس كورونا، حيث أمضت سيمون معظم أيامها جالسة في المنزل تشعر بالقلق بشأن كل شيء.
وتقول سيمون إن العمل لم يكن أمراً ممتعاً كما كان في السابق.
ويتعين على سيمون وزملائها التحقق باستمرار من الأماكن المغلقة، والمفتوحة، إضافة إلى الوجهات التي تتطلب اختبارات كورونا، أو التي تتطلب تأشيرات، أو التي لديها استثناءات لبعض المسافرين.
وتقول: "يمكن أن تتغير هذه القواعد كل يوم.. تحاول مشرفتنا إطلاعنا على كل ما هو جديد عندما تتاح لها الفرصة، لكن لا يزال من الصعب القيام بعملنا بشكل صحيح".
وهناك شعور بقلق دائم من الإصابة بـ"كوفيد-19" أثناء العمل.
وأوضحت: "نلتقي بألف شخص مختلف يومياً من جميع البلدان. أنا وزملائي نشعر بالخوف من نقل الفيروس إلى عائلاتنا".
وتختلف تجربة العاملين بالمطارات في جميع أنحاء العالم، حيث تفاعلت كل دولة مع "كوفيد-19" بشكل مختلف ولديها لوائح مختلفة. لكن الأمر الذي يوحدهم معاً هو أن جميعهم في الخطوط الأمامية، يشاهدون قطاع السفر يتغير أمام أعينهم.
على خط المواجهة في تكساس
وبينما أن العديد من المطارات الأوروبية مهجورة حالياً، إلا أن الولايات المتحدة قد شهدت أرقاماً مرتفعة منذ بداية الوباء، خلال عطلة نهاية الأسبوع في عيد الشكر.
وتعمل تيريزا ماكلاتشي كمقاولة للخطوط الجوية المتحدة في مطار جورج بوش الدولي في هيوستن، تكساس.
وقبل تفشي الوباء، كانت ماكلاتشي مسؤولة عن تحية الركاب ووزن حقائبهم والتحقق من بطاقات صعودهم إلى الطائرة. لكن تغيرت مهنتها إلى العمل كمرافقة عند السلالم المتحركة بعد انتشار فيروس كورونا.
ومن أبريل/ نيسان إلى أغسطس/ آب، كان هناك عدد قليل جداً من الركاب، بحسب قول ماكلاتشي لـCNN، لكن شهد قطاع السفر عودة الكثير من الناس بحلول الخريف وموسم العطلات.
وتقول ماكلاتشي إن المسافرين عبر مطار هيوستن لا يرتدون أقنعة الوجه دائماً.
وأوضحت أنه طُلب من عمال المطار عدم الطلب من الركاب بوضع أقنعتهم، ويمكن معالجة أي مخالفات عند وصولهم إلى بوابة الطائرة.
وتقضي ماكلاتشي نوبتها بالقرب من السلم الكهربائي، وهي تجيب على أسئلة الركاب، مع عدم وجود شاشة تفصلها عن المسافرين. وبذلك، تضع كرسياً أمامها للتشجيع على التباعد الاجتماعي، لكنها تقول إن الركاب غالباً ما يلتفون حوله.
وتتنهد قائلة: "ما زالوا يتصرفون وكأن الكرسي ليس موجوداً".
ورغم اتباعها لجميع الإجراءات الاحترازية اللازمة، إلا أن ماكلاتشي تبقى قلقة للغاية بشأن الإصابة بالفيروس.
وتقول ماكلاتشي إن إدارة الخطوط الجوية المتحدة لا تخبرها أو زملائها العاملين عند إصابة أحدهم بفيروس كورونا. ولم ترد شركة الطيران مباشرة على هذا الادعاء.
ولا يوجد في الولايات المتحدة تطبيق تتبع لتنبيه الأشخاص عندما يكونون على اتصال بشخص ثبتت إصابته منذ ذلك الحين.
وفي بيان لـCNN، قالت الخطوط الجوية المتحدة إن "صحة ورفاهية موظفينا البالغ عددهم 100 ألف موظف في جميع أنحاء العالم هي أولويتنا القصوى. ولا تزال هذه الأزمة لها تأثير عميق وشخصي للغاية على جميع زملائنا الذين يعملون بجد".
وأضافت شركة الطيران أنها كانت توفر معدات الوقاية الشخصية المناسبة للموظفين، بما في ذلك الأقنعة، والقفازات، ومعقم اليدين. كما يخضع الموظفون لفحص درجة الحرارة بشكل يومي وإلزامي.
وأضافت الشركة أنها كانت على اتصال منتظم مع العمال وممثلي النقابات وأدرجت الملاحظات في عمليات السلامة والتنظيف.
وقال مطار هيوستن في بيان: "يطالب الجميع بوضع كماماتهم داخل مطار جورج بوش الدولي، ويعتبر هذا من متطلبات المدينة. وإذا لم يملك أي شخص قناع وجه، فإن فريقنا يوزع الكمامات مجاناً عند مداخل البناء، نشجع الجميع على القدوم والحصول على قناع مجاني".
وتقول ماكلاتشي إن سلوك الركاب كان أسوأ خلال الوباء، حيث يغضب المسافرون عندما تكون صالات المطار وغيرها من المرافق خارج العمل. لذلك، تحاول قضاء فترات الراحة من العمل بمفردها للتعامل مع التوتر الذي يصيبها.
من التذاكر إلى حمولة البضائع
وفي بودابست، تغيرت مهنة كاتا أيضاً، عند انتشار الوباء.
وبعد أن عملت في قسم تسجيل الصعود والوصول إلى الطائرة، عرضت عليها وظيفة التعامل مع حزم معدات الوقاية الشخصية القادمة من الصين.
ورغم امتنانها من كونها تملك وظيفة حتى الآن وسط هذه الظروف، إلا أن عملها الجديد لم يكن سهلاً.
وتقول: "كان الأمر صعباً للغاية لأنني أزن 55 كيلوغراماً، وفي بعض الأحيان كان لدينا صناديق وزنها 30 كيلوغراماً".
وعملت كاتا في الشحن لبضعة أشهر، قبل إعادتها إلى مهنتها في إصدار التذاكر من يونيو/ حزيران حتى نهاية أغسطس/ آب، حين انفتحت أوروبا واستأنفت السفر مؤقتاً.
ومثل سيمون في مطار بروكسل، تقول كاتا إن التعامل مع متطلبات البلدان المختلفة للدخول أمر صعب، ويمكن أن يؤدي إلى غضب الركاب.
واليوم، مع تعرض أوروبا لموجة ثانية من الفيروس، تقول كاتا إن العديد من زملائها في العمل قد أصيبوا بـ"كوفيد-19".
وتقول كاتا: "نحاول مساعدة بعضنا البعض ونحاول تقديم الدعم لأنه أمر صعب حقاً على الجميع.. الجميع حزين، الجميع خائف مما سيحدث، لا أحد يريد أن يمرض، الكل يريد أن يحافظ على وظيفته. ونحن نشعر بالحزن على الأشخاص الذين يعانون من المرض في المنزل.. لا أعرف ماذا يمكن أن نفعله لبعضنا البعض، لكننا نحاول المساعدة، نسأل عما إذا كان بإمكاننا المساعدة".
من المجر إلى آسيا
ويعمل جوشوا وو في إحدى شركات الطيران الرئيسية في تايوان كموظف أرضي بمطار تايوان الدولي في تايبيه. ويتضمن دوره مساعدة الركاب على البوابات في الصعود والنزول، والتعامل مع تسجيل الوصول والنقل في مكتب النقل بالمطار.
وتقتضي وظيفته أيضاً التأكد أن كل شيء متوفر على متن الطائرة قبل إقلاعها، بما في ذلك عربات الطعام ومعدات التحميل.
كما أنه يغلق أبواب مقصورة الطائرة قبل إقلاعها، وفي بعض الأحيان ينشر مقاطع فيديوهات موجزة عبر حسابه الخاص على موقع "إنستغرام".
واصل وو القيام بالمهمة نفسها طوال الوباء، لكن تغيرت وظائف بعض زملائه، على حد قوله.
وقال وو: "عملت هنا لمدة ست سنوات في المطار، ولم أشعر بهذا الصمت من قبل. لطالما كان مزدحماً قبل الوباء".
وأضاف: "منذ بداية الوباء، أصبح الركاب أكثر وعياً بإجراءات الوقاية، ويحرصون على ترك مسافة اجتماعية بين بعضهم البعض، والامتناع عن التحدث عند الاصطفاف لدخول الطائرة".
وأوضح: "لا يرتدي بعض الركاب الأقنعة فحسب، بل أيضاً نظارات وملابس واقية، كما أن بعضهم يتخلى عن وجبات الطعام على متن الطائرة لعدم زيادة مخاطر الإصابة".
ويعتقد وو أن الطريقة الوحيدة لشعور عمال الطيران بالأمان وعودة قطاع السفر لسابق عهده هي من خلال برنامج لقاح ناجح. ولذلك، من المهم الحفاظ على الإيجابية والتحلي بالصبر.