تمثالا "ممنون" في الأقصر بمصر.. ما هي الأسطورة الإغريقية وراء تسميتهما؟

سياحة
نشر
4 دقائق قراءة
تقرير نورهان الكلاوي
تمثالا ممنون
Credit: Mohamed wardany

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بصلابة وضخامة هائلة، يجسد هذان التمثالان المنعزلان في الأقصر في مصر أطلالاً لمعبد جنائزي قديم، ولكن ما سبب تسميتهما بـ"ممنون"؟

ويقع تمثالا "ممنون" في البر الغربي بمدينة طيبة، والتي تُعرف اليوم بالأقصر.

وتضم مدينة الأقصر، وهي من أهم المزارات السياحية العديد من الآثار الفرعونية التي ترتبط بحضارة قدماء المصريين قبل آلاف السنين.

تمثالا ممنون

تمثالا ممنون
يقع التمثالان في البر الغربي بالأقصر، وقد أشرف على بنائهما المهندس المعمارى أمنحتب بن حابو Credit: Mohamed wardany

ويشرح المرشد السياحي المصري، محمود بدوي، لموقع CNN بالعربية، أن التمثالين كانا أمام مدخل معبد جنائزي قديم تخليداً لذكرى الملك "أمنحتب الثالث" من ملوك الأسرة الثامنة عشرة، الذي حكم بين عامي 1417و 1379 قبل الميلاد.

ولم يتبق من المعبد الجنائزي سوى التمثالين العملاقين، بارتفاع يصل إلى 20 متراً، إذ استخدم المعبد كمحجر تم اجتزاء الأحجار منه في عهد الأسرة التاسعة عشرة، وفقاً لما ذكره بدوي.

وكان أمنحتب الثالث هو أول فرعون يقيم تمثايل ذات أحجام بضخامة هائلة.

ويشير  بدوي إلى أن نوعية هذه التماثيل العملاقة تعود إلى اعتبار الفرعون بطلاً قادراً على صنع المعجزات، بحسب المفهوم المصري القديم في عصر الدولة الحديثة، ما انعكس على فن النحت الملكي في ذلك العصر، وأصبح الملك يظهر في التماثيل بحجم بطولي.

تمثالا ممنون
يخلد التمثالان الملك أمنحتب الثالثCredit: Mohamed wardany

ويجسد التمثالان الملك أمنحتب الثالث وهو يجلس على العرش بمسند منخفض، واضعاً يديه على رجليه وفوقه التاج الملكي، وإلى يمين ساقيه يوجد تمثال صغير لزوجته الملكة "تي" وإلى يساره تمثال صغير لأمه "موت أم ويا"، وعلى جانبي العرش يوجد نقش يمثل آله النيل، يربط نبات البردي واللوتس (الدلتا والصعيد) رمز كل منها، وذلك إشارة لتوحيد البلاد.

الأسطورة وراء اسم "ممنون" 

تمثالا ممنون
ترجع تسمية التمثالين إلى عهد الإغريق إذ وقع تصدع بالتمثال الشمالي لمنحتب الثالث نتيجة زلزال، وعندما كانت تهب الرياح، كان يبدو الأمر وكأن التمثال يصدر أصوات حزينةCredit: Mohamed wardany

وقد اشتهر التمثالان العملاقان باسم تمثالا ممنون وذلك نتيجة زلزال حدث عام 27 قبل الميلاد، أدى إلى سقوط الجزء الأعلى من التمثال الشمالي وتصدع بعض الأجزاء.

وأصبح للتمثال الشمالي شهرته الأسطورية بعد الزلزال، إذ كان يصدر منه صوت غريب، كلما مرت الرياح من خلاله، ولهذا أطلق الإغريق على التمثالين اسم "ممنون"، تيمناً بالبطل الإثيوبي الأسطوري ويدعى "ممنون" والذي قتل على يد آخيليس البطل الأسطوري الأغريقي في حرب طروادة.

وبحسب الأسطورة، طلبت "ايوس" والدة "ممنون"، وهي إلهة الفجر، من الإله "زيوس"، أكبر آلهة الإغريق أن يميز ابنها عن باقي البشر، فكان يظهر لها "ممنون" في الفجر عن طريق هذا الصوت، وكانت أمه تبكيه عند سماع صوته، وكانت دموعها هي قطرات الندى.

وقد شاعت أسطورة تمثالي "ممنون" وظاهرة الصوت الذي يخرج من التمثال الشمالي، واستقطب الموقع الزوار من الإغريق، والرومان، وغيرهم من سكان العالم القديم ومن أشهرهم، الإمبراطور الروماني "هادريانوس" وزوجته، 

وقد توقفت الأصوات الصادرة بعد ترميم التمثال تقريباً عام 200 ميلادي. 

تمثالا ممنون
وثق المصور المصري محمد ورداني تمثالي "ممنون"، خلال زيارته الأخيرة، لمدينة الأقصر كجزء من مشروعه لإعادة رؤية حضارة مصر وتاريخها من خلال أعماله الفوتوغرافية عن أهم الوجهات السياحية والتراثية في البلاد.Credit: Mohamed wardany

وفي مقابلة مع موقع CNN بالعربية، يقول المصور المصري، محمد ورداني، إنه وثق التمثالين خلال جولته الأخيرة بالأقصر، كجزء من مشروعه المستمر لإعادة رؤية حضارة مصر وتاريخها من خلال أعماله الفوتوغرافية عن أهم الوجهات السياحية والتراثية في البلاد.

ويصف ورداني المشاعر التي تملكته لحظة الوقوف أمام تمثالي "ممنون"،  قائلاً: "العظمة، والقوة، والجمال هي المشاعر التي تتملكك في هذا المكان"، مضيفاً أنه رغم مرور آلاف السنين، لاتزال الحضارة المصرية القديمة صامدة بتاريخنا الحالي .

وخلال عملية التوثيق، حاول المصور المصري إظهار الصلابة المعمارية بهذا الموقع الفريد وسط الأراضي الزراعية، وخلفهما الجبل الذي يضم وادي الملوك ومعبد حتشبسوت، وحولهما المناطيد المحلقة في السماء. 

وينصح ورداني من يرغب في زيارة هذا الموقع "الساحر"، بخوض رحلة بالمنطاد الذي يعبر بجوار التمثالين "لمشاهدة هذه الحضارة العظيمة من سماء الأقصر"، على حد تعبيره. 

  • نورهان الكلاوي
    نورهان الكلاوي
    محررة
نشر