دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في إحدى الصور، تمشي امرأة في شارع مهجور ببيلاجيو في شمال إيطاليا، وهي مرتدية فستاناً منقوشاً، وبرفقتها كلب ألماني صغير. فعلى يسارها، ستجد حانة جيلاتيريا، بينما تلوح في الأفق كنيسة حجرية بنهاية الممر.
وتظهر المرأة بصورة أخرى جالسة على حافة بحيرة بمشهد مليء بالهدوء والسكينة.
تبقى هوية هذه المرأة مجهولة، لكن شوهدت صورتها من قبل عشرات آلاف الأشخاص في جميع أنحاء العالم.
واكتُشفت مجموعة الصور مؤخراً، حيث وجدها الايرلندي ويليام فاجان في كاميرا قديمة من طراز "Leica". ومنذ ذلك الحين نُشرت على نطاق واسع في الصحف.
لطالما كان فاجان، وهو موظف عام متقاعد، مفتوناً بالتصوير الفوتوغرافي، إذ جمع الكاميرات القديمة لأكثر من عقد من الزمن.
وفي عام 2015، اشترى هذه الكاميرا من طراز "Leica"، والتي يعود تاريخها إلى عام 1935. كان يعلم فاجان أن بداخلها فيلم، لكن لم يطوره حتى هذا الصيف.
وبمساعدة صديقته ميلا ترافرز، التي تمتلك غرفة تصوير فوتوغرافي مظلمة في دبلن، شرع فاجان في معرفة ما إذا كان يمكن إنقاذ أي من الصور السالبة.
وبعد تطوير الفيلم ببطء وحذر، كان ترافرز هو أول من شاهد الصور المعالجة.
وكانت إحدى الصور التي تظهر فيها سيارة قديمة من أكثر اللقطات إثارة، حيث تظهر سيارة "بي إم دبليو" قابلة للتحويل، في منتصف الثلاثينيات، عبر ممر جبلي مغطى بالثلوج.
يبدو أن اللقطات الـ 22 تروي قصة معينة.
وإلى جانب الشابة الفاتنة، كان هناك رجل نبيل كبير يظهر في عدد أقل من الصور، لكن بدا وكأنهما يسافران معاً عبر أوروبا.
وكانت هناك أيضاً لقطات لمناظر طبيعية جميلة في جميع أنحاء سويسرا وإيطاليا، فتجد مشاهد محاطة بالجبال والبحيرات وأوراق الشجر والمياه.
وكانت الصور شخصية إلى درجة أن فاجان شعر كما لو أنه لا ينبغي أن ينظر إليها. فالأمر أشبه بالاطلاع على ألبوم صور عائلي لشخص آخر، أو ذكريات شخص آخر.
يقول فاجان: "تلتقط الصور لحظة من الزمن، لا يمكن إحيائها مرة أخرى. هذا هو أهم شيء في التصوير الفوتوغرافي".
علم الآثار الفوتوغرافية
وبعد أن نشر فاجان الصور في موقع صديقه، مايك إيفانز، للتصوير الفوتوغرافي "MacFilos"، ومقره بالمملكة المتحدة، تم تداولها عبر مختلف المنشورات في جميع أنحاء العالم.
يقول فاجان لـCNN Travel إن بعض المعلقين مقتنعون بأن الزوجين يمكن أن يكونا من العائلة المالكة أو من نجوم هوليوود.
ويبدو أن إحدى اللقطات الطبيعية قد التقطت من فندق "تامينا" في سويسرا، وربما من الطابق الرابع. الأمر الذي دفع عدد قليل من السكان المحليين، الذين قرؤوا مقال فاجان، بسؤال الفندق للحصول على سجلات الزوار من منتصف القرن العشرين، رغم أنهم لا يفعلون ذلك.
وكان الشارع الذي تمشي فيه المرأة مع الكلب الألماني مجهول الهوية في الأصل، لكن تم تحديده على أنه شارع بيلاجيو من قبل بعض القراء المهتمين.
وبذلك قارن فاجان صوره مع اللقطة الأصلية عبر موقع "Google Street View".
يقول: "ذلك الشارع بصرياً يبدو نفسه.. برج الكنيسة في النهاية والساعة لم تتغير حرفياً منذ 70 عاماً".
القصة وراء الصور
ورغم الكثير من التحقيقات والصور التي يتم مشاركتها على نطاق واسع، إلا أن اللغز يبقى مجرد لغزاً.
وبطبيعة الحال، هناك الكثير من القصص والنظريات التي تدور في مخيلة فاجان حول الزوجين الغامضين ومغامرتهم الأوروبية، حيث بدا وكأنه يعرفهم.
فهناك صورة لامرأة شابة مع سيدة كبيرة في السن، والتي يعتقد فاجان أنها قد تكون والدتها. بدوره، يتساءل ما إذا كان الثنائي قد تزوجا ثم سافرا في سيارة "بي إم دبليو" عبر سويسرا وشمال إيطاليا.
يقول فاجان إنه أصيب بالدهشة من المشاهد التي بدت فارغة عند مقارنتها باليوم، أو على الأقل كيف كانت قبل كوفيد-19.
ومن المحتمل أن تكون القصة الواقعية للصور هي أقل سعادة، ما جعل فاجان يتردد بداية في نشرها. لكن، قرر لاحقاً أنه مثلما كان من الممكن أن يكون للصور دلالات حزينة، فربما يكون لها أيضاً دلالات مبهجة.