دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- لطالما حلم المتزلجون بمنحدرات ومسارات ثلجية فارغة للاستمتاع بهدوء الطبيعة وسكونها.. ولكن، يبدو أن فرصة الحصول على منتجع تزلج خاص قد أصبح أقرب للواقع بالنسبة لعدد قليل من المحظوظين، في بعض المناطق الجبلية بأوروبا، بسبب تفشي كورونا.
ورغم أن مصاعد التزلج لا تزال مفتوحة في العديد من المنتجعات بسويسرا، والنمسا، وإسبانيا، وبلغاريا، والنرويج، والسويد، إلا أنها مغلقة في فرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، حيث أعلنت الحكومات أن خطر انتشار الفيروس مرتفع للغاية.
وفي النمسا، تم تحديد مدن التزلج، مثل ايشجل، على أنها مناطق ساخنة لانتشار كورونا في الشتاء الماضي، ولكن سُمح للمنتجعات أن تقرر ما إذا كانت ستفتح أبوابها أمام الزوار، رغم فرض الإغلاق على البلاد.
وبذلك، قرر منتجع "سانت أنتون"، وهو جزء من منطقة أرلبيرج، تشغيل عدد قليل من المصاعد، وبيع التذاكر الموسمية واليومية للمتزلجين المحليين.
ويجب أن تظل الفنادق، ودور الضيافة، والشاليهات مغلقة، بحيث تبقى أعداد الزوار منخفضة.
وقال آندي بتروورث، المدير والمؤسس المشارك لشركة تشغيل شاليهات التزلج الفاخرة لـ"Kaluma Ski": "أن أعيش في هذه الأوقات الغريبة للغاية في مثل هذا المكان الجميل، وأن أستطيع التزلج يومياً دون وجود أحد في الجوار، واصطحاب أطفالي إلى الثلج هو أمر استثنائي".
وبالطبع، هناك بعض اللوائح الصارمة التي يتم تطبيقها، مع وجود خطوط انتظار محددة ومتباعدة اجتماعياً، بالإضافة إلى إلزام الأفراد بارتداء أقنعة "FFP2" للوجه.
وقال بتروورث: "يلتزم الجميع بالقواعد لأنهم يدركون أننا محظوظين"، قبل أن يضيف أن الحوادث الأخيرة مع بعض الزوار الذين يتجمعون بشكل غير قانوني قد تسببت في توتر الناس.
ووفقاً لما ذكرته الشرطة المحلية، تم وضع حوالي 100 شخص، بعضهم من بريطانيا، والدنمارك، والسويد، ورومانيا، وألمانيا، وأستراليا، وأيرلندا، وبولندا، في الحجر الصحي.
وهناك غرامة تصل قيمتها إلى 2605 دولارات عند مخالفة قواعد السفر والإغلاق التام في سانت أنتون.
وبدوره، استذكر بتروورث أوائل شهر يناير/ كانون الثاني، حينما شهد "أعمق" الثلوج التي تزلج عليها.
ورغم أن تلك اللحظات كانت خيالية، إلا أن هذا السيناريو الشبيه بالحلم ليس سوى جانب واحد من القصة، في جبال الألب، خلال الوباء.
وقال بتروورث، الذي اضطر الإشراف على عملية إجلاء طارئة للضيوف من المنتجع، عندما ظهر الفيروس لأول مرة في مارس/ آذار الماضي: "هناك الجانب المحزن من القصة".
وأوضح: "لا توجد مطاعم جبلية مفتوحة، ولا توجد حانات مفتوحة.. لا يمكنك فعل أي شيء على الجبل باستثناء التزلج، ولا يمكنك تناول شوكولاتة ساخنة، أو حتى وجبة غداء".
مدينة الأشباح
وعادة ما تكون الشوارع مزدحمة، والمتاجر مضاءة، لكنها أصبحت مدينة أشباح جميلة وفارغة، حيث لن تجد شيئاً مفتوحاً سوى البنك، والصيدلية، والسوبرماركت.
وقال بتروورث: "إنه أمر محزن أن نرى الشركات مغلقة وربما لن تفتح مجدداً حتى الشتاء القادم. ربما يكون التأثير على معظم الناس في المدينة سلبي أكثر مما هو إيجابي".
وفي فرنسا، تفتح منتجعات التزلج أبوابها أمام الزوار للاستمتاع بجمال الجبال، لكن مصاعدها تظل مغلقة.
ومن أجل تفادي الفجوة الاقتصادية للمنتجعات، حرصت فرق التسويق على جذب السياح للمشاركة في مختلف الأنشطة الخارجية، والاستمتاع بالهواء النقي.
ورغم إغلاق الحانات والمطاعم في منطقة كورشوفيل، إلا أن بعضها يستجيب لطلبات الطعام السريعة. وأوضحت أخصائية العلاج الطبيعي، سيان ماهر، التي تدير عيادة "Ski Physio"، أن الشرطة كانت صارمة للغاية في منع التجمعات بعد التزلج.
وبالطبع، يجب الالتزام بحظر التجول بعد الساعة السادسة مساء، إلا إذا كنت تقوم بأنشطة أساسية.
وأضافت: "كانت فترة الميلاد ورأس السنة الجديدة هادئة للغاية مع وجود عدد قليل من الفرنسيين وبعض أصحاب الشاليهات. لكن أعتقد أن العائلة التي لديها أطفال صغار تستطيع قضاء عطلة سعيدة لأسابيع".
وتقول ماهر: "إنه أمر محير، فالجانب الإيجابي هو أن الجبال لا تزال هنا، ولا تزال جميلة كما كانت دائماً".
ولكن، تضررت أعمال ماهر بشكل كبير في نهاية الموسم الماضي، حيث اضطرت لإغلاق عيادة في كورشفيل، واثنين من المنتجعات الصحية في فال ديزير، لخفض التكاليف.
ولا تعد ماهر الوحيدة التي تأثرت من الوضع الحالي الذي يمر به العالم.
ويتحدث أحد سكان كورشوفيل، سايمون هوبر، وهو صاحب شركة تأجير معدات التزلج في متجر "White Storm"، عن قلقه من الآثار الاقتصادية الناجمة عن الوباء.
وقال: "قد تتحمل المنتجعات موسماً واحداً، ولكنها لا تستطيع تحمل أي موسم آخر.. لا أعرف ماذا سيحدث بعد ذلك".
ورغم الثلوج الوفيرة وقلة حشود الزوار، إلا أنه كان هناك جانباً سلبياً آخراً.
ووقعت العديد من الانهيارات الجليدية الكبيرة، التي كان بعضها مميتاً، في جبال الألب الفرنسية الشمالية وفي سويسرا.
ولقي العديد من الأشخاص حتفهم في انهيارات ثلجية في منتجع فيربير السويسري، بينما توفي مدرب تزلج إيطالي في كورشوفيل، أثناء قيامه بجولة تزلج وحده.
وقال خبير الإنهيارات الثلجية في فال ديزر، هنري شنيفيند، إن سبب حدوث ذلك يعود إلى وجود طبقة ضعيفة من بلورات الثلج غير المجمعة.
ويأتي عدم الاستقرار بسبب نقص حركة المتزلجين المعتادة التي تضغط على الطبقات، وانخفاض نشاط التحكم في الإنهيارات الجليدية، ومجموعة من العوامل الأخرى، منها الطقس، والمناخ، والعنصر البشري.
وبينما أن الاستمتاع بمنتجع التزلج لوحدك سيكون أمراً مثالياً، إلا أن مشاركته ستكون أفضل للروح.
وقال بتروورث: "قضينا جميعاً شهراً جميلاً من التزلج على منحدرات فارغة، لكننا نفضل أن يعود الأمر إلى طبيعته".