دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- عندما عادت ريت بادنهورست من جراحة السرطان في جنوب أفريقيا، لم يكن في وسع خطيبها ستيف مان سوى مواساتها عبر الهاتف من المملكة المتحدة، بينما كانت تتمنى لو كان معها.
وقالت بادنهورست لـ CNN: "الأصدقاء والعائلة يساعدون، ولكن الأمر مختلف"، وأضافت "مكالمات الفيديو تساعد، ولكنها ليست الشيء ذاته .. نريد أن نتمسك ببعضنا البعض عندما نشعر بالحزن والإرهاق".
وبدأ الثنائي بادنهورست ومان المواعدة في عام 2016 ثم عقدا خطبتهما بعد ثلاث سنوات. ولم يتسن للثنائي فرصة اللقاء منذ أكثر من عام، حتى بعد تشخيص بادنهورست بمرض السرطان.
ويعد هذا الثنائي من بين العديد من الشركاء غير المتزوجين من جنسيات مختلفة، الذين فرقهم حظر السفر بسبب فيروس كورونا، واضطروا لقضاء عيد الحب هذا العام بعيداً عن أحبائهم.
وبدأت أزمة حظر السفر في مارس/ آذار العام الماضي، عندما دفعت المخاوف المتزايدة بشأن فيروس كورونا الولايات المتحدة إلى فرض قيود على معظم المسافرين من أوروبا والبرازيل.
وفرضت العديد من البلدان الأخرى حظر السفر الخاص بها، وبينما سمح معظمها بالاستثناءات، إلا أنها كانت فقط للأزواج، ما ترك الشركاء غير المتزوجين وعائلاتهم في طي النسيان.
تشتت العائلات غير التقليدية
ومنذ عام 2016، كانت إليزابيث آن شانون تسافر من أوكلاهوما إلى الفلبين أربع مرات في السنة لزيارة خطيبها ريكا موركادا، حتى أن ابنها لين، وهو أحد أطفالها الخمسة الذين أنجبتهم من زوجها السابق إد، جاء معها مرتين.
وأوضحت شانون لـ CNN: "نحن نُعتبر عائلة، قد تكون غير تقليدية ولكنها عائلتنا".
ومع فرض كل من الفلبين والولايات المتحدة قيوداً صارمة على السفر، لم يلتق شانون وموركادا ببعضهما البعض منذ أكثر من عام.
وكتبت شانون لشريكها عبر صفحتها على منصة التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "لا أطيق الانتظار حتى تعود إلى المنزل لعائلتك في أوكلاهوما". وأضافت: "نحتاجك معنا ونفتقدك".
قاعدة "عفا عليه الزمن"
وأعربت أوفلي إبين، وهي فرنسية مقيمة في لندن لم تتمكن من رؤية شريكها السريلانكي منذ نحو ثمانية أشهر، عن استيائها من هذا الوضع قائلة "نحن لسنا في عام 1850"، موضحة: "نحن بحاجة إلى تجاوز هذه القاعدة القديمة التي لا تعترف إلا بالمتزوجين كشركاء حياة".
وأشارت أوفلي إلى أن القواعد المنفصلة للأزواج غير المرتبطين "عفا عليها الزمن، في عالم تسوده العولمة، حتى الآن، سمح لنا بالتحرك بحرية، ومقابلة أي شخص، والوقوع في حب أشخاص ليسوا من نفس الجنسية".
من جهتها، قالت الأمريكية ماجي فوستر، التي تربطها علاقة حب مع طالب دكتوراه فرنسي يدعى ألكسندر بورتييه: "يمكن بالتأكيد أن تجد أزواجاً غير مرتبطين، ظلوا معاً لسنوات ولم يتزوجوا، أو أزواج غير قادرين على العيش في البلد ذاته لأي سبب من الأسباب، هذا مجرد نتاج لتغيير العالم".
النضال من أجل "إعفاءات الحبيب"
وفي الربيع الماضي، أسست فوستر مجموعة تحمل اسم "أزواج افترقوا بسبب حظر السفر"، وهي مجموعة على "فيسبوك" شارك فيها الأزواج معلومات حول قيود السفر.
وخلال فترة قياسية، اجتمعت جهود أعضاء المجموعة مع مجوعات أخرى على "فيسبوك"، مثل مجموعة تحمل اسم "الحب ليس سياحة" لممارسة الضغط على الممثلين المنتخبين لإلغاء القواعد للأزواج غير المتزوجين، أو ما يسمى بـ"إعفاءات الحبيب".
وفي يوليو/ تموز العام الماضي، كانت الدنمارك أول دولة تمنح تلك الإعفاءات، وتبعتها دول أخرى، بما في ذلك النمسا، وهولندا، وألمانيا، وفرنسا، حيث شجعت المفوضية الأوروبية جميع البلدان على السماح للأزواج غير المتزوجين بالدخول.
We encourage all EU countries to allow the entry of unmarried partners of EU citizens and residents into the EU without a delay. #LoveIsNotTourism #LoveIsEssential https://t.co/K462WDIiaj
وأعربت فوستر عن سعادتها بذلك القرار قائلة: "أنا فخورة للغاية بما حققناه"، مضيفة: "لقد أصبحت هذه حركة شعبية أساسية، أجبرنا الحكومات على الاهتمام بنا. وكانت الحكومات الأوروبية أكثر استجابة من الولايات المتحدة".
اختلاف الإجراءات
وبينما تطلب الدنمارك فقط اعترافاً موقعاً، تطلب فرنسا وثائق شاملة تتضمن تاريخ العلاقة، بالإضافة إلى صور للثنائي، وطوابع جواز السفر من الرحلات معاً، وأي أدلة تثبت "العلاقة الرومانسية مع مواطن فرنسي لمدة ستة أشهر على الأقل قبل إغلاق الحدود"، وفقاً للوزارة الخارجية الفرنسية.
ومنحت فرنسا 2،570 إعفاء للحبيب، وفقاً للأرقام الرسمية.
ومن بين الأزواج المحظوظين الصيدلانية الفرنسية بياتريس فايلوكس ومغني الأوبرا الأمريكي جاكسون ويليامز.
وأوضحت فايلوكس أنها جهّزت مع ويليامز ملفاً من 31 صفحة يحتوي على كل ما تمكنا من العثور عليه، من رسالة موقعة، لصورهما معاً، وطوابع جواز سفر.
وبعد لم شملها مع ويليامز في باريس بتاريخ 30 يناير/ كانون الثاني الماضي، قالت فايلوكس: "أنا ممتنة لأننا أتيحت لنا هذه الفرصة لرؤية بعضنا البعض وسط الجائحة، بالنسبة لنا أشعر أنه كان سهلاً للغاية مقارنة بالآخرين".
مواكبة الأخبار
وتتغير قيود السفر بسبب فيروس كورونا أسبوعياً. وبعد فتح حدودها الصيف الماضي مع تلاشي الموجة الأولى من الإصابات، بدأت الدول الأوروبية في إغلاق حدودها مرة أخرى.
وبتاريخ 4 فبراير/ شباط الجاري، أعلنت فرنسا أنها ستتوقف عن تقديم إعفاءات للشركاء غير المتزوجين، لمنع انتشار السلالات المتحورة الجديدة من فيروس كورونا.
وأوضحت وزارة الخارجية الفرنسية لـ CNN أنها ستستأنف الإجراء فقط "حسب الوضع الصحي".
وقالت الراقصة الإيطالية الألمانية ياسمين جاسبر: "في معظم الأوقات، أحاول ألا أتابع منشورات وسائل التواصل الاجتماعي بشأن قواعد السفر لأنها إذا كانت أخبار سيئة، فسوف تجعلني أشعر بالسوء".
وتحدثت جاسبر إلى CNN من فندق في صربيا حيث كانت تقضي أسبوعين قبل أن تتمكن من لقاء حبيبها أنتوني بوتوتسكي في نيويورك.
وصربيا ليست مدرجة حالياً في قائمة حظر السفر الأمريكية، مما يعني أن جاسبر قادرة على السفر إلى الولايات المتحدة بعد قضاء أكثر من 14 يوماً في بلغراد.
وتتغير المتطلبات باستمرار لجميع المسافرين، حيث تتبنى الدول سياسات جديدة مثل الحجر الصحي في الفنادق الممولة ذاتياً أو فحوصات "كوفيد-19" قبل المغادرة وبعد الوصول.
وتأمل جاسبر أن تمهد تلك الإجراءات الطريق للبلدان لإعادة فتح حدودها بأمان.