رحلة شديدة التعقيد..هكذا تمكن دبلوماسيون روس من مغادرة كوريا الشمالية بعربة قطار يدوية الدفع

سياحة
نشر
6 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أمضى ثمانية من موظفي السفارة الروسية في مدينة بيونغيانغ وعائلاتهم أكثر من 34 ساعة في محاولة لمغادرة كوريا الشمالية هذا الأسبوع، وهي رحلة شاقة انتهت بدفع أحد الدبلوماسيين عربة يدوية على متنها أطفاله الصغار، وأمتعتهم إلى الأراضي الروسية.

وأغلقت كوريا الشمالية حدودها بشكل فعلي منذ أشهر كجزء من جهود نظام كيم جونغ أون لإبقاء جائحة "كوفيد-19" بعيداً، مما أدى إلى تقطع السبل بالدبلوماسيين القلائل الذين يعملون داخل العاصمة بيونغيانغ.

وتدير شركة الخطوط الجوية الكورية الشمالية المملوكة للدولة، أي "طيران كوريو" رحلات من مدينة فلاديفوستوك في شرق روسيا، ولكن هذه الرحلات عُلقت أيضاً منذ شهور.

وأوضحت السفارة الروسية عبر صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك"، أن الرحلة شديدة التعقيد كانت بمثابة الطريقة الوحيدة التي يمكن للدبلوماسيين الروس وعائلاتهم من خلالها مغادرة البلاد.

وبدأت الرحلة بالقطار، حيث أمضى الروس 32 ساعة في السفر عبر نظام السكك الحديدية القديم في كوريا الشمالية، والذي لم تتم صيانته بشكل جيد، ثم استقلوا الحافلة لمدة ساعتين إلى الحدود، حيث احتاجت العائلات إلى طلب عربة يدوية، لنقل أمتعتها ودفعها لبقية الطريق.

والعربة اليدوية، هي نوع من عربات السكك الحديدية التي اشتهرت في القرن التاسع عشر، والتي يتم تشغيلها بواسطة ركابها من خلال استخدام الذراع، أو بواسطة أشخاص يدفعون العربة من الخلف.

ونشرت السفارة الروسية صورتين للسكرتير الثالث، فلاديسلاف سوروكين وهو يقوم بدفع عربة يدوية تحمل عائلته وأمتعتهم على طول السكة الحديدية، وهم يرتدون ملابس شتوية سميكة. وأصغر أفراد الطاقم كانت ابنة سوروكين البالغة من العمر 3 أعوام، واسمها فاريا.

واضطر سوروكين إلى دفع العربة اليدوية لمسافة كيلومتر، تضمن جزء منها عبور جسر فوق نهر تومين يفصل روسيا عن كوريا الشمالية.

وبمجرد وصول العائلة إلى محطة روسية، التقوا بزملائهم من وزارة الخارجية الذين ساعدوهم في الوصول إلى المطار في فلاديفوستوك.

مزيد من العزلة

ويعني رحيل عائلة سوروكين وغيرهم من الدبلوماسيين الروس أن مجتمع المغتربين الصغير بالفعل في بيونغيانغ، والذي يعد مصدر قيم للمعلومات عن واحدة من أكثر دول العالم عزلة وسرية، يتقلص أكثر.

واختار الدبلوماسيون، وعمال الإغاثة، وموظفو المنظمات غير الحكومية مغادرة كوريا الشمالية بدلاً من المخاطرة بأن تتقطع بهم السبل بسبب ضوابط الحدود الصارمة وغير المرنة في البلاد.

ووصف الأجانب الذين اختاروا البقاء في كوريا الشمالية الوضع المتردي بشكل متزايد في بيونغيانغ، حيث نفد الطعام من محلات البقالة وفقد الناس وظائفهم، وفقاً لما ذكره السفير الروسي في كوريا الشمالية ألكسندر ماتسيغورا.

وقررت كوريا الشمالية قطع جميع علاقاتها تقريبًا مع العالم الخارجي في عام 2020 لمنع تدفق حالات الإصابة بفيروس كورونا. ويعتقد الخبراء أن كيم اتخذ القرار لأنه يدرك أن نظام الرعاية الصحية المتهالك في بلاده سوف يطغى عليه تفشي المرض.

وأوضح ماتسيغورا أن الواردات إلى كوريا الشمالية توقفت بالكامل تقريباً منذ أن ضربت الأعاصير المدمرة شبه الجزيرة الكورية في سبتمبر/ أيلول العام الماضي.

وقال ماتسيغورا في مقابلة مع وكالة الأنباء الروسية "إنترفاكس" إن "الزعيم الكوري الشمالي اعترف علناً ​​بعدم وجود بنية تحتية طبية كاملة هنا تلبي المتطلبات الحديثة وقادرة على التعامل مع هذه الأزمة".

ويبدو أن استراتيجية كيم قد نجحت من وجهة نظر الصحة العامة. ولم تبلغ كوريا الشمالية عن تفشي كبير لـ"كوفيد-19"، ولم تكن هناك مؤشرات على حدوث ذلك، على الرغم من أن الخبراء يشككون في إدعاء بيونغيانغ، بأن البلاد لم تشهد حالة إصابة واحدة بالفيروس.

نقص الغذاء

وأدى قرار إغلاق جميع سبل التجارة تقريباً مع بكين، أي شريان الحياة الاقتصادي الذي تحتاجه الدولة الفقيرة لمنع شعبها من الجوع، إلى جعل الاقتصاد الكوري الشمالي أقرب إلى حافة الانهيار مما كان عليه منذ عقود.

وقال ماتسيغورا: "لم تكن الحياة سهلة بالنسبة لنا في بيونغيانغ"، مضيفاً: "على مدار أشهر من العزلة الذاتية، انخفض المخزون المتاح على الرفوف إلى الحد الأدنى. إنه تحدٍ لشراء حتى سلع أساسية مثل المعكرونة، والدقيق، والزيت النباتي، والسكر، ولا توجد ملابس أو أحذية لائقة. وإذا توفر ما يمكن أن يُشترى، فإنه عادة ما تكون تكلفته ثلاثة أو أربعة أضعاف أكثر مما كان عليه قبل الأزمة".

وتعد تعليقات ماتسيغورا مفاجئة، بالنظر إلى أن كوريا الشمالية تتمتع بعلاقات أوثق مع روسيا أكثر من أي دولة أخرى تقريباً باستثناء الصين. وبينما أقر كيم وزعماء كوريون شماليون آخرون بأن اقتصاد البلاد يعاني بسبب الفيروس، لم يعترفوا بأن الإمدادات الغذائية تتعرض لضغوط.

ويعاني حوالي 10.3 مليون شخص في كوريا الشمالية، أي أكثر من 40% من السكان، من نقص التغذية، وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي.

وأوضح برنامج الأغذية العالمي أن عملياته في كوريا الشمالية كانت "متقطعة" العام الماضي بسبب إغلاق الحدود، محذراً من أن العمليات هذا العام قد تكون في خطر.

وقالت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي، كون لي، إن المنظمة "لا توقف عملياتها" في كوريا الشمالية، ولكنها واجهت تحديات واجهتها العديد من الصناعات وسط الجائحة.