دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يقول علماء الآثار الذين يعملون في مجمع قديم في جنوب شرق إسبانيا إن النساء ربما كان لديهن سلطة سياسية في مجتمع العصر البرونزي الذي حكم المنطقة منذ 4،000 عام، وهو ما يشكل تناقضاً حاداً مع وجهات النظر السابقة عن هذه الحضارة.
وقال باحثون إن نساء الطبقة الحاكمة ربما كن يتمتعن بدور مهم في إدارة مجتمع الأرغار، بحسب ما قالت مجموعة الأبحاث في علم البيئة الأركيولوجية الاجتماعية لمنطقة البحر الأبيض المتوسط في جامعة برشلونة المستقلة، في بيان صحفي نُشر الخميس.
وقام الفريق بتحليل الأغراض الجنائزية التي عُثر عليها في مقبرة أميرية في موقع "La Almoloya"، الذي يُعرف حالياً باسم "مرسية".
وتحتوي المقبرة، المعروفة باسم "Grave 38"، على رفات شخصين، رجل يتراوح عمره بين 35 و40 عاماً وامرأة يتراوح عمرها بين 25 و30 عاماً، إلى جانب حوالي 30 قطعة ثمينة، العديد منها مصنوع من الفضة.
وكانت معظم الأغراض تخص المرأة، بما في ذلك المجوهرات، مثل الأساور والقلائد إضافةً إلى "ديادم" مضنوع من الفضة، وهو نوع من أنواع التيجان على شكل طوق.
وتم اكتشاف العناصر لأول مرة في عام 2014، وقد حدد الباحثون الآن أن القبر يقع أسفل القاعة الحاكمة لمبنى فخم.
وهذه هي المرة الأولى التي يجد فيها علماء الآثار دليلاً على أن مجتمع الأرغار كان منظماً حول هذه الأنواع من المجمعات، والتي كان لها وظيفة سياسية.
وقالت كريستينا ريهويت، أستاذة ما قبل التاريخ في جامعة ألاباما في برمنغهام، لـ CNN إن الدفن تحت القاعة الحاكمة، كان من شأنه إضفاء الشرعية على الوضع الاجتماعي لأولئك الموجودين في المقبرة.
وأوضحت ريهويت أن النساء شكلن جزءاً من النخبة السياسية في المجتمع الهرمي.
وقالت ريهويت: "كان دور المرأة في الماضي أكثر أهمية بكثير مما تجرأنا على تخيله"، موضحةً أن النساء في مجتمع الأرغار كانت لديهم القدرة على الحصول على سلطة سياسية في حد ذاتها في مجتمع شديد العنف والاستغلال.
وأضافت ريهويت: "هذا يشرح الكثير عن عملية الإسكات التي عانت منها النساء منذ ذلك الحين".
وأشارت ريهويت إلى أن الناس يميلون إلى الاعتقاد بأن تاريخنا تراكم، ولكن مجتمع الأرغار عانى من انهيار مجتمعي، لدرجة أن الحضارات اللاحقة لم يكن لديها ذاكرة عنها.
وبحسب البيان الصحفي، حكم مجتمع الأرغار المنطقة من عام 2200 إلى عام 1550 قبل الميلاد، حيث تطور ليصبح أول منظمة حكومية في غرب البحر الأبيض المتوسط خلال القرنين الأخيرين من وجوده.
وقارن علماء الآثار التاج الموجود في موقع "La Almoloya" بأربعة تيجان أخرى عثروا عليها في مقابر مختلفة تعود لمجتمع الأرغار، ووجدوا أن جميعها متشابهة للغاية وذات قيمة كبيرة.
وأوضحت ريهويت أن المفاجأة الكبرى هي أن جميع التيجان تطابق نموذجاً واضحاً، على الرغم من أنه تم العثور عليها على بعد مئات الكيلومترات.
وأضافت أن هذا يعني أن رموز السلطة السياسية بقيت على حالها عبر الحدود الواسعة للمجتمع.
ووفقاً للباحثين، فإن حقيقة أن نساء النخبة قد دفنّ بمثل هذه القطع الجنائزية الفاخرة، يشير إلى دورهن المهم في مجتمع الأرغار.
وقالوا: "في مجتمع أرجاريك، كانت النساء من الطبقات المسيطرة تُدفن بالتيجان، بينما كان الرجال يُدفنون بالسيف والخنجر. وكانت القطع الجنائزية المدفونة مع هؤلاء الرجال أقل كمية ونوعية".
وتابعوا: "بما أن السيوف تمثل الأداة الأكثر فاعلية في تعزيز القرارات السياسية، فقد يكون الرجال الذين هيمنوا في مجتمع الأرغار قد لعبوا دوراً تنفيذياً، على الرغم من الشرعية الإيديولوجية، وربما الحكومة، كانت في أيدي بعض النساء".
وتوفي الزوجان اللذان تم العثور عليهما في القبر في وقت واحد تقريباً، في منتصف القرن السابع عشر قبل الميلاد. ولديهما ابنة، دُفنت في مكان قريب.
وأضافت ريهويت أن فريق البحث يخطط للمزيد من أعمال التنقيب في الموقع لمحاولة توسيع معرفتنا حول مجتمع الأرغار.