دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كان من المفترض أن يكون مطار "إيفرغلاديس" في ولاية فلوريدا الأمريكية أكبر مطار في العالم، ومركزاً ساحراً عابراً للقارات مخصصاً للطائرات الأسرع من الصوت، ومزوداً بستة مدارج هبوط وخطوط سكك حديدية عالية السرعة إلى المدن المحيطة.
ولكنه اليوم يعتبر أكثر بقليل من مهبط للطائرات وسط اللامكان.
وبدأ مطار "إيفرغلاديس"، كما كان يطلق عليه عند إطلاق المشروع في عام 1968، مسيرته في نهاية العصر الذهبي للسفر الجوي، عندما امتلأت مقصورات الطائرات بدخان السيجار وأصوات قرقعة الأواني الفضية.
وكانت طائرة "كونكورد" على وشك خوض أول رحلة لها، بينما كانت شركة "بوينغ" تعمل على تطوير طائرة ركاب أسرع من الصوت أكبر حجماً وأسرع، أي طائرة "بوينغ 2707".
ومع ارتفاع الطلب المتوقع على السفر الأسرع من الصوت، برزت جنوب فلوريدا كموقع مثالي، إذ أن "دوي اختراق حاجز الصوت" المخيف، والذي جعل هذه الطائرات بمثابة ضيوف غير مرحب بها في الداخل، يمكن أن يحدث بشكل غير ضار فوق المحيط المفتوح.
ولكن لم يكن الأمر كذلك.
وكان الطيران التجاري على وشك الدخول في عصر مختلف، وأدت المخاوف البيئية إلى إلغاء الخطة الكبرى لمطار إيفرجليدز النفاث بعد بناء مدرج واحد فقط.
والآن، يعمل هذا المدرج الوحيد كساحة تدريب وتذكير بالحنين إلى حلم لم يتحقق أبداً.
اليوم، يُعرف المطار باسم مطار التدريب والانتقال "Dade-Collier"، وتديره إدارة طيران مقاطعة ميامي داد، التي تدير أربعة مطارات أخرى في المنطقة، بما في ذلك مطار ميامي الدولي، ثالث أكبر مطار في الولايات المتحدة لحركة الركاب الدولية.
إنه مختلف تماماً عما كان من المفترض أن يكون عليه مطار "إيفرغلاديس".
ويقول لوني كرافن، الذي يدير المطار لإدارة الطيران ميامي ديد، إن "بعض الناس يعتقدون أنه مهجور، ولكنه ليس كذلك"، مضيفاً: "في الوقت الحالي، ونظراًً للقيود، نفتحه فقط من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة 5:30 مساءً".
وفي الخطة الأصلية، كان من المفترض أن يبلغ حجم المطار خمسة أضعاف حجم مطار جون إف كينيدي الدولي في نيويورك وأن يتعامل مع الطائرات الأسرع من الصوت المستقبلية التي تحمل ما يصل إلى 300 راكب لكل منها.
ولبنائه، اشترت هيئة ميناء مقاطعة داد 39 ميلاً مربعاً من أراضي المستنقعات غير المأهولة، و 36 ميلاً غرب حي الأعمال في ميامي، وستة أميال فقط شمال حديقة إيفرغلاديس الوطنية.
ويشرح كرافن: "لقد أرادوا وضعه في المنتصف بين مقاطعة مونرو، ومقاطعة داد، ومقاطعة كولير، ومقاطعة بالم بيتش، ليسهل الوصول إليه".
وكان من المقرر أن يربط طريق وممر للسكك الحديدية يبلغ عرضه 1000 قدم بين المطار النفاث والساحل الأطلسي وخليج المكسيك.
ولكن المخاوف البيئية بدأت تظهر بعد وقت قصير من بدء البناء.
وذكر تقرير صدر عام 1969 أن المشروع "سيدمر النظام البيئي لجنوب فلوريدا وبالتالي حديقة إيفرغلاديس الوطنية".
وبدعم من السكان المحليين والنشطاء، أدى التقرير إلى اتفاقية مطار "إيفرغلاديس"، التي أوقفت جميع أعمال البناء في عام 1970.
وفي عام 1971، تم إلغاء مشروع طائرة"بوينغ 2707" قبل أن يتم الانتهاء من النموذج الأولي، وتلاشى حلم طائرة ركاب تفوق سرعتها سرعة الصوت في الولايات المتحدة.
وكانت طائرة "كونكورد"، التي دخلت الخدمة في عام 1976، ونسختها السوفيتية، "توبوليف تي يو 144"، هي الطائرات الأسرع من الصوت الوحيدة التي تملأ ما اتضح أنه سوق متخصص للغاية.
وفي تلك المرحلة، بدلاً من محاولة نقل المطار النفاث، تم التخلي عن الفكرة بأكملها.
أما الجزء الذي بُني من المطار فإنه لم يفتح أبداً لحركة الركاب، ولكن مدرجه الوحيد، الذي يبلغ طوله 10،499 قدماً، أصبح شائعاً لدى الطيارين في التدريب، الذين استفادوا من الموقع البعيد، وغياب أي هيكل آخر في المنطقة.
واستُخدم المدرج كثيراً خلال السبعينيات والثمانينيات، وربما حتى منتصف التسعينيات، من قبل شركات الطيران للذهاب إلى هناك والقيام بعملية "اللمس والانطلاق"، بحسب ما ذكره كرافن.
ويحدث "اللمس والانطلاق" عندما تهبط الطائرة وتقلع مرة أخرى قبل أن تتوقف تماماً، وهي طريقة شائعة للطيارين لتجميع التدريبات بسرعة لهذه الجوانب الحاسمة من الطيران.
ويشرح كرافن أنه "مع ظهور أجهزة محاكاة الطيران وارتفاع تكلفة وقود الطائرات، انخفض الاستخدام، ولكننا ما زلنا نشهد رحلات عسكرية تدريبية، معظمها من خفر السواحل الأمريكي، وطائرات خاصة صغيرة".
اليوم، تعد المنطقة المحيطة بالمطار جزءًا من محمية "Big Cypress" الوطنية، وموطن للحياة البرية مثل التماسيح، والغزلان، ومالك الحزين، والدببة.
ويضيف كرافان: "كان من المفترض أن يكون مطار الغد".