دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- رغم أن مواطنيها لا يزالون يعانون من قيود الإغلاق، إلا أن اليونان تدعو السياح بالفعل للاستفادة القصوى من جزرها، وشواطئها، وكنوزها التاريخية.
وتعكس هذه الخطوة التي يحتمل أن تكون محفوفة بالمخاطر، والتي تضعها في مقدمة الوجهات الأوروبية الرئيسية الأخرى، يأس البلاد لإحياء صناعة السياحة وإيمانها باللقاحات والاختبارات للتغلب على المرحلة التالية من جائحة فيروس كورونا.
وسافرت ليديا انجيل بيتش، المولودة في لندن والبالغة من العمر 18 عاماً، والتي نشأت في إيبيزا، برفقة زميلتها شارلوت كلاوسن، 19 عاماً، من هامبورغ، بعد قرار اليونان رفع شرط الحجر الصحي للمسافرين الذين حصلوا على التطعيم، ولديهم نتائج فحص "كوفيد-19" سلبية من أسواق السياحة الرئيسية.
ولا يوجد في الوقت الحالي الكثير من السياح الآخرين الذين يستمتعون ببداية موسم الذروة في أثينا.
واعتباراً من 19 أبريل/ نيسان، يتمتع سكان الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وإسرائيل، وصربيا، والإمارات العربية المتحدة الذين تلقوا اللقاح أو قدموا نتائج فحص "PCR" سلبية قبل 72 ساعة من الوصول، بحرية الدخول إلى اليونان.
وقد وعدت اليونان بالانفتاح على جميع البلدان الأخرى من خلال الشروط ذاتها، اعتباراً من 15 مايو/ أيار المقبل.
وتعد هذه الخطوة حتى الآن الأولى من نوعها من قبل أي وجهة سياحية رئيسية أخرى في أوروبا، حيث تؤدي موجات جديدة من جائحة فيروس كورونا حالياً إلى عمليات إغلاق شديدة.
وحتى بالنسبة لليونان، فإنها تمثل خطوة جريئة في وقت لا تزال فيه القيود المفروضة على السكان المحليين سارية.
وترى أقلية صغيرة في اليونان أنها مقامرة غير ضرورية، وتخاطر بزيادة أخرى في حالات الإصابة بـ"كوفيد-19"، التي وصلت إلى ذروة جديدة في وقت سابق في أبريل/ نيسان.
ولكن في بلد يعتمد فيه الدخل القومي بنسبة 20% على الأموال النقدية من الزوار، ولا تزال فيه آثار أزمة مالية دامت عقداً من الزمن محسوسة، يرى معظم الناس أنها خطوة حيوية للخروج من فجوة مالية، ويصرون على أن اللقاحات وفحوصات "كوفيد-19" ستساهم في مواجهة أي عودة ظهور للفيروس.
وجهة جيدة للسفر
وبالنسبة للزوار الأوائل، فإن تخفيف القيود في اليونان يثبت بالفعل تبايناً مرحباً به مع الضوابط الأكثر صرامة في الداخل.
وتقول كلوسن إن قيود "كوفيد-19" في ألمانيا تعد أكثر صرامة، مضيفةً أن "الأوضاع أكثر استرخاءً هنا وهو مكان جيد للسفر إليه الآن، كما أن اليونان بحاجة فعلية للسياح".
وشعرت هي وبيتش بسعادة غامرة عندما علمتا أن المطاعم والحانات، التي ظلت مغلقة معظم العام الماضي من المقرر أن تفتح لتناول الطعام في الهواء الطلق في 3 مايو /أيار المقبل.
وبالنسبة للمواطنين اليونانيين، فإن الرسائل الرسمية حول انفتاح البلاد مختلطة، وبينما أن الحكومة اليونانية قد انتقلت إلى المسرح الدولي لفتح الأبواب على مصراعيها وإثارة إعجاب الزوار بأشعة الشمس الدافئة في البحر الأبيض المتوسط، لا يزال السكان يخضعون للقيود.
وفي الوقت الحالي، يمكن للسكان التنقل فقط بين البلديات داخل محافظتهم خلال عطلات نهاية الأسبوع. ويبقى إجراء ارتداء الأقنعة إلزامياً في الداخل والخارج.
وأعلن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، الأربعاء، عن إجراءات، بما في ذلك فرض حظر صارم على السفر الداخلي حول عيد الفصح الأرثوذكسي الثاني من مايو/ أيار المقبل، وهو أهم عطلة في البلاد، للعام الثاني على التوالي لتقليل انتقال الفيروس.
وهناك بعض الضوء في نهاية النفق مع تسارع برنامج التطعيم اليوناني من خلال فتح مواعيد لمن هم في الثلاثينيات من العمر الأسبوع المقبل. ويبدو أن معدلات انتشار الفيروس والوفاة تتناقص بشكل طفيف.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، شعر أصحاب المتاجر بالراحة بعد السماح لهم بالترحيب بالعملاء من خلال تحديد موعد داخل المتجر أو استلام العناصر المطلوبة مسبقاً.
"الجميع متعب"
وقال الدكتور ثيوكليس زاوتيس، أستاذ طب الأطفال وعلم الأوبئة في كلية الطب بجامعة بنسلفانيا وعضو اللجنة الاستشارية لفيروس "كوفيد -19" التابعة للحكومة اليونانية، لـ CNN أن قرار الفتح ضروري لاستعادة الروح المعنوية الوطنية.
وأوضح زاوتيس أن المسؤولين على استعداد للضغط على المكابح إذا بدأت حالات "كوفيد-19" في الخروج عن السيطرة، قائلاً: "نريد أن نمنح الشعب اليوناني بصيصاً من الأمل، بالنظر إلى أن الجميع متعب".
وأضاف زاوتيس: "إذا تحسنت الأرقام أو ازدادت سوءاً، فلدينا فرصة لتغيير خارطة الطريق، وتتواجد الآن أداتان لم نمتلكهما في العام الماضي، وهما اللقاحات وأدوات الاختبار الذاتي".
ورغم من تحرك الحكومة لتحفيز محركات السياحة، بعد كارثة عام 2020 التي شهدت انخفاضاً كبيراً في عدد الوافدين على مستوى اليونان من 31.3 مليون في عام 2019 إلى 7.4 مليون في العام الماضي، إلا أنه يبدو أن المسافرين في حالة تردّد حتى الآن.
ولا تزال معظم الفنادق الصغيرة المنتشرة حول أثينا مغلقة، ومن المتوقع أن يفتح الكثير منها في الأول من يونيو/ حزيران أو بعده تماشياً مع نظيراتها في باقي أنحاء البر الرئيسي والجزر.
وافتتح فندق ".18Micon Str"، الذي يقع على مسافة قصيرة سيراً على الأقدام من ميدان موناستيراكي، أبوابه بحذر أمام الضيوف في منتصف شهر مارس/ آذار الماضي.
وتبلغ نسبة الإشغال لشهر أبريل/ نيسان 10% فقط وهي يونانية حصرياً، بينما كانت في عام 2019 عند 89%، كما يقول مدير الشركة التي تمتلك الفندق فريني سباناكي.
ويقول سباناكي: "لدينا حجوزات في الغالب من منتصف شهر مايو فصاعداً، ومعظمها من المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وإسرائيل، وفرنسا، والدنمارك، وبلجيكا، مع نسبة 99% منها على أساس مرن"، مشيراً إلى أن جداول الرحلات لم تستقر بعد.
وفي غضون ذلك، صرحت الحكومة اليونانية أن العاملين في صناعة السياحة سيُمنحون أولوية التطعيم خلال الأسابيع المقبلة.
ويضيف سباناكي: "أعتقد أن أثينا تعد وجهة آمنة وأصبحت حماية صحة الزوار وسلامتهم راسخة في ثقافة جميع القطاعات، لذلك ، لا يوجد سبب يدعو أي شخص للتردد في حجز عطلة في أثينا أو في الجزر".
وعلى طول الشوارع المخصصة للمشاة حول أكروبوليس أثينا المدرج ضمن قائمة التراث العالمي لليونيسكو، يبدو غياب السياح واضحاً.
وعند مدخل أكروبوليس أثينا، يمكن رؤية ثلاثة من المرشدين السياحيين وهم يجلسون على أحد المقاعد في الظل.
وينادي أحدهم مجموعة من الشباب اليونانيين الذين يمرون بمكتب التذاكر بعبارة: "إذا كنت مهتماً بجولة، فأخبرنا بذلك"، ولكن لا يوجد أحد ينتظر شراء تذكرة، ناهيك عن طوابير الانتظار الطويلة المعتادة.
وعند سؤالهم عما إذا كانوا قد رأوا أي سائح في الجوار، أجاب أحدهم: "الأمر يشبه البحث عن إبرة في كومة قش".