دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كان يوماً صيفياً في خليج بايرون بأستراليا في أوائل عام 2003، وكانت الشمس مشرقة، وقررت جيانا ماتزيو أن تُنعش نفسها بمياه المحيط.
وأثناء خروجها من المياه، لاحظت جيانا مجموعة من الشبان يلعبون كرة القدم على طول الشاطئ.
آنذاك، كانت جيانا شابة تبلغ من العمر 27 عاماً، وهي أسترالية رغم أن والديها من إيطاليا، وقد أمضت الكثير من الوقت بالسفر في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.
واعتقدت جيانا أن مجموعة الشبان كانت من أوروبا، ولكنها لم تستطع تحديد لغتهم.
وأثناء عودتها إلى الشاطئ، وجدت جيانا نفسها تحدق في أحد اللاعبين، الذي كان منهمكاً في لعبة كرة القدم وغير مدركٍ بوجودها.
وتتذكر جيانا ذلك الموقف الآن: "اعتقدت أنه كان وسيماً للغاية".
وكانت جيانا تقضي عطلتها في خليج بايرون مع صديقتين، وتُدعى إحداهما، أليساندرا جاءت لزيارتها من إيطاليا، ما جعل جيانا، التي تعيش على بعد حوالي 1،600 كيلومتر في ملبورن، تصطحبها إلى خليج بايرون.
وتوضح جيانا لـCNN أن صديقتها من ساحل أمالفي، والذي يتميز بشواطئ جميلة للغاية، لذلك عندما أتت إلى أستراليا، قررت إصطحابها إلى مكان مذهل، أي إلى خليج بايرون.
"التفكير في طرق لجذب انتباهه"
وتُعد المدينة الواقعة على شاطئ البحر في نيو ساوث ويلز موقعاً خلاباً، وتشتهر بمشهد ركوب الأمواج، لون وغروب الشمس البرتقالي، وأجواء الاسترخاء، بالإضافة إلى مشهد حانات الشاطئ النابضة بالحياة.
وكانت جيانا وأليساندرا تقضيان إجازة أيضاً مع صديقة أخرى كانت ستتم عامها الـ30، لذلك كان من الضروري توفير الكثير من فرص الحفلات لها.
وجلست جيانا على الرمال في ذلك اليوم من شهر يناير/ كانون الثاني، ونبهت صديقتيها إلى مجموعة لاعبي كرة القدم، بما في ذلك اللاعب الذي لفت انتباهها.
وتقول جيانا: "جلست أنا وأليساندرا هناك على الشاطئ نشاهد هؤلاء الشباب يلعبون، وأتذكر أنني كنت أفكر في طرق لجذب انتباهه ولكنني كنت متوترة للغاية من القيام بذلك".
ومع اقتراب اليوم من نهايته، خطرت لجيانا فكرة.
وتوجهت جيانا برفقة صديقتيها إلى الشاطئ في وقت مبكر من صباح اليوم التالي، حيث قمن بنصب أغراضهن عن قصد في المكان ذاته الذي كانت تلعب فيه مجموعة من الشبان كرة القدم في اليوم السابق.
وتقول جيانا: "أردت أن تبدو وكأنها مصادفة، ولكنها لم تكن كذلك".
واستمتعت جيانا بشمس الصباح الباكر واستمعت إلى أمواج المحيط المتلاطمة، وسرعان ما غلبها النعاس، ولم يمض وقت طويل حتى استسلمت للنعاس.
وبعد فترة وجيزة، استيقظت جيانا على صوت ضحكات، ثم نظرت إلى الأعلى لتجد أن خطتها تكللت بالنجاح، إذ كانت مجموعة من لاعبي كرة القدم على بعد مترين فقط من مكانها.
ورصدت جيانا الشاب الذي لاحظته في اليوم السابق، وفي لحظة، وجدت عيناه تنظر إلى عيناها.
وتتذكر جيانا: "ابتسمنا لبعضنا البعض ثم جاء ليكلمني".
وسرعان ما علمت جيانا باسمه، سيباستيان غوغنبرغر، طالب هندسة ألماني يبلغ من العمر 28 عاماً كان يعمل في سيدني كجزء من دورة دراسته الجامعية.
وكان بعض أصدقاء سيباستيان الألمان قد سافروا لزيارته قبل أيام قليلة، وكانت المجموعة قد قطعت ثماني ساعات بالسيارة من سيدني لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في التنقل بين الحانات وركوب الأمواج في خليج بايرون.
ولم يكن التحدث مع فتاة على الشاطئ أمراً يفعله سيباستيان حسبما قاله لـ CNN .
ويتذكر سيباستيان ذلك الموقف اليوم قائلاً: "نظرت إلى الأعلى وابتسمت لي، وفكرت حينها أنه يجب أن أذهب إليها".
وتقابل الثنائي مع أصدقائهما في حانة محلية معروفة في خليج بايرون تُسمى "فندق الشاطئ" في وقت لاحق من ذلك اليوم.
وعرض سيباستيان على جيانا أن يشتري لها مشروباً.
وفي نهاية الأمسية التي أمضياها في الدردشة وتناول المشروبات والرقص، تبادلت جيانا وسيباستيان أرقام هاتفيهما.
وكان من المفترض أن يعود سيباستيان إلى سيدني بعد يومين، ولكنه أدرك أنه لم يكن مستعداً لانهاء الرحلة، لذلك قرر إمضاء المزيد من الوقت في خليج بايرون.
عطلة رومانسية
وتقول جيانا إنه كان من السهل الانغماس في الرومانسية في خليج بايرون، حيث أمضت هي وسيباستيان أيامهما بالمشي في مسارات بايرون الساحلية الرائعة للتعرف أكثر على بعضهما البعض.
وكان من أبرز أحداث قصتهما اليوم الذي سافر فيه الثنائي إلى منارة كيب بايرون، وهي محطة إضاءة بيضاء مشعة في أقصى نقطة شرقية من البر الرئيسي لأستراليا.
ويذكر سيباستيان يوم زيارتهما إلى المنارة، واصفاً إياه بـ"الرومانسي".
وكان الوداع بعد هذا الأسبوع الشاعري صعباً على كليهما، وخلال لحظات الوداع ناقش الاثنان إمكانية حضور سيباستيان لزيارة جيانا قبل انتهاء إقامته في أستراليا.
وكانت فعاليات سباق "فورمولا 1" لعام 2003 تقام في ملبورن في نهاية الأسبوع، وكان لدى جيانا بعض التذاكر، وتذكر جيانا أنها أمضت وقتاً رائعاً حين التقى سيباستيان بأسرتها التي رحبت به، كما اصطحبته في جولة حول المنطقة.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، تحدث الاثنان أيضاً عن إمكانية قدوم جيانا لزيارة سيباستيان في ألمانيا في ذلك الصيف.
وتوضح جيانا أن الأمر لم يكن مثل زيارة حبيبين لبعضهما، بل صديقين فقط، مضيفةً: "كلانا كنا نشعر براحة كبيرة، ولم يتوقع أي منا الكثير".
ومع ذلك، ثمت ما حصل خلال لقاء سيباستيان، وأشعل لدى جيانا رغبة متنامية بالفعل في إجراء تغيير حاسم.
وتقول جيانا: "لطالما كانت حياتي منظمة وبمجرد أن أنهيت دراستي الجامعية، حصلت على وظيفة بعد أسبوع، وكنت أعمل كمندوبة مبيعات لشركة أدوية".
وتضيف: "حاولت فقط أن أفعل كل شيء بشكل صحيح، وكنت بحاجة إلى القيام بشيء مختلف",
وفي غضون بضعة أشهر، تركت جيانا وظيفتها وباعت شقتها في ملبورن، وقررت التوجه إلى ألمانيا ليس في إجازة لمدة أسبوع، ولكن كجزء من رحلة أوروبية أطول.
وتؤكد جيانا أن هذا القرار لم يكن متعلقاً بسيباستيان فحسب، إذ كانت فرصة للسفر في جميع أنحاء القارة، ورؤية عائلتها في إيطاليا واستكشاف وجهات جديدة.
وقبل مغادرتها، التحقت جيانا بدورة تعليم اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية، معتقدة أنها يمكنها أن تصبح معلمةً في إسبانيا، أو ربما تتوجه إلى اليابان بعد أوروبا بهدف العمل في مهمة التعليم.
ولكنها سافرت أولاً إلى بافاريا العليا في روزنهايم، حيث عاش سيباستيان.
اغتنام الفرصة
ويتذكر سيباستيان أنه ذهب لاستقبال جيانا في مطار ميونيخ، حينها كان لا يزال طالباً ويعيش بشقة مع طلاب آخرين.
ولم يصدق زملاء سيباستيان في السكن أن جيانا قد قطعت تلك المسافة من أستراليا لرؤيته، ولكنهم أحبوها على الفور.
وعلى مدار الأشهر القليلة التالية، سافرت جيانا في جميع أنحاء أوروبا، واستمتعت بوقتها في ألمانيا، واسكتلندا، وإيطاليا، وأيرلندا، وفيينا. وانضم سيباستيان إليها كلما سنحت له ظروف دراسته بذلك.
ولكن بحلول أكتوبر/ تشرين الأول، كانت جيانا تدرك بشكل متزايد أن مغامرتها الصيفية قد أوشكت على الانتهاء، وقالت حينها لسيباستيان :"يجب أن أعود أو أن أجد وظيفة"، فأجابها "ربما يجب عليك البقاء".
وهذا ما فعلته، وفي غضون أسبوعين، حصلت جيانا على وظيفة في إحدى المدارس لتعليم اللغات في ريغنسبورغ، حيث قامت بتدريس اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية.
وتفاجأ والدا جيانا من تحول رحلتها الصيفية التي قضتها في أوروبا إلى انتقالٍ دائم إلى ألمانيا، ومع ذلك كانا على ثقة بقرارات جيانا وتمنيا لها السعادة.
وبحلول عيد الميلاد عام 2003، استقرت جيانا وسيباستيان معاً في ألمانيا، وقد التقت عائلته التي رحبت بها على الفور، والتزم الثنائي بإنجاح علاقتهما على المدى الطويل.
وبعد أن أنهى سيباستيان دراسته، بدأ العمل في وظيفة غالباً ما كانت تنقله إلى الخارج.
واستمر الثنائي في السفر معاً على نطاق واسع عندما أمكنهما ذلك، وكان حب استكشاف العالم أحد الأشياء العديدة التي ربطتهما أولاً.
وفي عام 2005، أمضى الثنائي جيانا وسيباستيان إجازة طويلة في أستراليا، وعادا إلى شواطئ خليج بايرون مرة أخرى، إذ تقول جيانا: "كان الأمر مدهشاً".
وعندما عادا إلى ألمانيا، اكتشفت جيانا أنها حامل، وكان كلاهما سعيداً بتكوين عائلة معاً، ولكن بينما كانت جيانا تحلم دوماً بإقامة حفل زفاف، يقول سيباستيان إنه لم يخطط للزواج أبداً.
ولكن قبل بضعة أشهر من وضع جيانا مولودهما، اقترح سيباستيان القيام برحلة مشي لمسافات طويلة، ولم تكن ترغب جيانا في خوض الرحلة، ولكن سيباستيان كان مصراً، لذلك رضخت وتوجها إلى تيجينسي، بافاريا، في جنوب ألمانيا.
وتتذكر جيانا: "عندما وصلنا إلى القمة، عرض علي الزواج"، مضيفةً أن كانت متفاجئة.
ورأى سيباستيان أن المشي لمسافات طويلة كان وسيلة لتقديم عرض زواج "مثير للاهتمام".
وتزوج الثنائي زواجاً مدنياً قبل وقت قصير من ولادة جيانا لطفلهما الأول.
وبعد مرور عام، احتفلا بزواجهما مع العائلة في المناطق المحيطة الجميلة ببالي، بحضور ضيوف من أستراليا، وألمانيا، وإيطاليا.
وخلال السنوات اللاحقة، رزق الزوجان بطفلين آخرين. ومن خلال ثقافتهما المزدوجة، غرس سيباستيان وجيانا الانفتاح وحب السفر لدى أطفالهما.
وقبل بضع سنوات، انتقلت العائلة مؤقتاً إلى الصين بسبب وظيفة سيباستيان، وانغمس الزوجان في هذه المغامرة الجديدة بحماس وشغف. ويقول سيباستيان إن حقيقة استعدادهما للمخاطرة أمر أساسي لإنجاح علاقتهما.