دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- إذ نزلت إلى المحيط في المكان الصحيح فستتمكن في نهاية المطاف من دخول نطاق الشفق.
ويقع على عمق مئات الأمتار، ولكنه ليس بعمق قاع المحيط، وفي الوسط بين الضوء والظل، يقوم العلم باكتشافات لا تصدق.
ويقع نطاق الشفق، المعروف رسميًا باسم منطقة البحار متوسطة العمق، على عمق يتراوح بين 200 و 1000 متر تحت السطح.
وتُعد هذه المنطقة موطنًا لمجموعة من أنواع الحياة البحرية، من أسماك الصياد إلى الحبار مصاص الدماء والسحاريات الشبيه بالضوء، وهو مكان تسوده الغرابة.
وفي الظلام تكون العيون صغيرة والأسنان كبيرة، إذ تتواجد العديد من الأنواع شفافة والأنواع التي تنتج ظاهرة الضيائية الحيوية.
وبما أنها منطقة يصعب دراستها وغالبًا ما يغفلها العلم، تساعد التكنولوجيا الجديدة في استكشافها، مما يجبر العلماء على إعادة تقييم مقدار الحياة هناك.
ويعتقد الباحثون الآن أن هناك 10 أضعاف، وربما 100 ضعف الكتلة الحيوية التي كان يُعتقد بوجودها سابقًا، حسبما تقوله هايدي سوسيك، كبيرة العلماء في معهد وودز هول لعلوم المحيطات.
ومع كل إجابة، هناك المزيد من الأسئلة، إذ تقول سوسيك: "ما نعرفه الآن هو مدى عدم معرفتنا".
والآن، أصبح هذا البحث عن المعرفة سباقًا مع الزمن.
ويخشى بعض العلماء أن تتوسع عمليات الصيد التجاري في هذا النظام البيئي، وقد ينتهي الأمر بالأنواع الصغيرة الوفيرة في زيت السمك، المستخدم في مستحضرات التجميل والمكملات الغذائية، أو مسحوق السمك المستخدم في تربية الأحياء المائية لتغذية الأنواع المستزرعة للاستهلاك البشري.
وتوضح سوسيك: "هناك معلومات أساسية جدًا لا نعرفها حول نطاق الشفق"، بما في ذلك عمر بعض الأنواع، والمدة التي تستغرقها لتنمو وتتكاثر.
وبدون فهم دورات الحياة، لا توجد طريقة لمعرفة كيف يمكن اصطياد الأنواع على نحو مستدام.
تحت الضغط
ولطالما كانت التكنولوجيا وسيلة ضرورية لأولئك الذين يدرسون نطاق الشفق. ولكنها لم تكن دائمًا متقدمة أو دقيقة بما يكفي لتقديم وصفًا دقيقًا للمنطقة.
ويمتلك الباحثون الآن الأدوات اللازمة لتقدير ما يصل إلى كوادريليون (1000 تريليون) من الأسماك هلبية الفم التي قد تعيش في المحيط، مما يجعلها أكثر الفقاريات وفرة على وجه الأرض.
ويشرح دانا يورجر، كبير علماء معهد وودز هول لعلوم المحيطات أن "التحدي الفريد المتعلق بالعمل في نطاق الشفق، هو أننا لا نريد إزعاج المخلوقات البحرية".
وهذه المخلوقات حساسة للضوء والصوت، لذا فإن مراقبتها تعني أن الأجهزة بحاجة إلى التزام الهدوء، واستخدام الأضواء الحمراء التي لا تستطيع معظم المخلوقات رؤيتها.
وطور يورجر جهاز "Mesobot"، وهو إنسان آلي مستقل يراقب المخلوقات بطيئة الحركة.
وباستخدام الكاميرات الاستريو للحكم على الوضع النسبي للمخلوق (بنفس الطريقة التي يعمل بها الدماغ البشري)، يتحرك الروبوت مع المخلوقات على مسافة ثابتة، مما يسمح للباحثين بمشاهدة طريقتها في السباحة ومطاردة فريستها، وتوثيق الهياكل الجسدية الحساسة التي يمكن تدميرها إذا تم اصطيادها في الشباك، حسبما أوضحه.
واستغرقت التجارب ما يصل إلى 40 دقيقة حتى الآن، ولكن يأمل يورجر في متابعة الهدف في نهاية المطاف على مدار 24 ساعة. ويقول: "في النهاية، نود أن يفكر Mesobot كمستكشف علمي بشري، في البحث عن المخلوقات الأكثر غرابة ومراقبة سلوكها لفترات طويلة".
وفي يوليو/ تموز الجاري، سيبحر باحثو معهد "وودز هول" لعلوم المحيطات للمرحلة الأولى من دراسة رسم خرائط لنطاق الشفق قبالة الجرف القاري شمال شرق الولايات المتحدة.
وسيقوم فريق بنشر شبكة من أجهزة الاستشعار القادرة على تتبع روبوتات البحث المنجرفة المعروفة باسم "التوابع"، بالإضافة إلى العينات ذات العلامات من المياه العليا التي تدخل نطاق الشفق، على مساحة تزيد عن مليون كيلومتر مربع.
وتشرح سوسيك أن العلماء لا يحاولون فقط بناء المعرفة حول نطاق الشفق، بل كيفية تناسبه مع المحيط الأوسع.
وتقول سوسيك إن "الحيتان وأسماك القرش، وكائنات المحيطات، كلما عرفنا المزيد عنها، كلما بدا أنها تعتمد على التفاعل مع نطاق الشفق".