دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تُعد مبادرة بيع المنازل مقابل مبلغ يورو واحد في إيطاليا مثالية للأشخاص الذين يسعون لبدء حياة جديدة في بعض المناطق النائية في البلاد.
وبالنسبة لأولئك الذين يبحثون عن منازل أقرب قليلاً إلى العاصمة الإيطالية روما، كانت الخيارات ضئيلة.
ولكن ليس بعد الآن، حيث أصبحت مدينة ماينزا الريفية، الشهر الحالي، أول مدينة في منطقة "لاتيوم" في روما تعلن عن بيع المنازل مقابل دولار واحد فقط.
وتبرز ماينزا بموقعها المميز على تلال "ليبيني" البرية جنوب العاصمة الإيطالية، حيث عاش الرعاة والقبائل ذات يوم، وتضم عشرات المساكن الحجرية المهجورة، والتي تأمل في جذب سكانها الجدد.
ويقول رئيس البلدية، كلاوديو سبيردوتي، إنه يطلق "ميثاقًا طموحًا لإعادة إحياء" مسقط رأسه بهدف بث حياة جديدة في الأزقة الهادئة.
والهدف، هو إعادة إحياء جميع الممتلكات المتداعية المهجورة من خلال التواصل بين المالكين القدامى والمشترين المحتملين الذين تغريهم الأسعار المتدنية.
ويضيف سبيردوتي لـCNN : "نحن نتخذها خطوة واحدة في كل مرة، إذ تتواصل معنا العائلات الأصلية وتسلمنا منازلها القديمة، ونعرضها في السوق من خلال إشعارات عامة محددة على موقعنا الإلكتروني".
أما المشترين المهتمين فهم مدعوون أيضًا إلى التواصل لتقديم طلبات ملكية محددة، حيث سيسعى المسؤولون المحليون إلى مطابقة متطلباتهم.
وتأمل البلدة أن تنفث حياة جديدة في حوالي 100 عقار مهمل، أصبح بعضها يشكل خطراً محتملاً على المارة بسبب حالته المتداعية.
وتنتهي طلبات شراء المنازل القليلة الأولى المعروضة للبيع في 28 أغسطس/ آب الجاري، ولكن العمدة يطمئن الأشخاص الذين قد لا يحالفهم الحظ هذه المرة بأن المزيد من المنازل ستطرح في السوق في أثناء التواصل مع أصحابها الأصليين.
ويتعين على أولئك الذين تمكنوا من شراء عقار في "ماينزا" الالتزام بتجديده في غضون 3 أعوام، وذلك بضمان وديعة بقيمة 5 آلاف يورو (نحو 5840 دولاراً) ليتم إعادتها بمجرد الانتهاء من الأعمال.
ويجب أيضاً تقديم خطة إعادة تصميم تفصيلية للمكان بعد إعادة البناء، سواء كان منزلاً، أو مكان إقامة مبيت وفطور، أو متجراً، أو مطعماً.
ويقول سبيردوتي إن الحصول على الإقامة ليس إلزامياً، ولكن العائلات التي لديها أطفال والأزواج الشباب الذين يرغبون في العيش في "ماينزا" بصفة شبه دائمة، يجري تشجيعهم على التقديم.
وإذا أراد العديد من المتقدمين الحصول على المنزل ذاته، فستعطى الأولوية لأولئك الذين يرغبون في الاستقرار وأولئك الذين يخططون لعمل تجديدات بصورة أسرع.
وبحسب ما قاله سبيردوتي، فإن بلدته، على عكس غيرها، لا تعرض منازل بقيمة يورو واحد لوقف تضاؤل أعداد السكان، حتى لو تجاوز عددهم بالكاد 3 آلاف نسمة في السنوات العشرين الماضية، ولكنه يرى في ذلك خطوة لمنع أصحاب العقارات والمضاربين من الاستيلاء على المنازل القديمة لكسب المال.
وأوضح سبيردوتي قائلاً: "غالباً ما تغادر العائلات والشباب المدينة للانتقال إلى منازل أكبر في المدن المجاورة، ولكن هناك دائماً بعض الوافدين الجدد الذين يحلون مكانهم".
وأضاف سبيردوتي: "هذه ليست مدينة تحتضر، إذ لا يزال الناس يسكنون في الحي القديم، لكنهم بحاجة إلى تجديد، بحاجة إلى أوكسجين جديد".
وأكد سبيردوتي أن المشروع هو بمثابة إحياء طويل الأجل، يوفر للمشترين المهتمين وقتاً ليأتوا ويروا بأنفسهم ما تقدمه "ماينزا"، بما في ذلك الفرص المغرية الأخرى.
ويُوضح رئيس البلدية أن "المالك الذي كان يائسًا من التخلص من ممتلكاته القديمة، حتى لو كان ذلك يعني التخلي عنها مجانًا، باعها في النهاية مقابل 3000 يورو لشخص ظهر في المدينة".
ونظراً لأن معظم المساكن القديمة صغيرة، أي نحو 50 - 70 متراً مربعاً، فإن تجديدها يعد اقتراحاً قليل التكلفة نسبيا.
وتعني التخفيضات الضريبية لعمليات إعادة التصميم الصديقة للبيئة والتحديثات المقاومة للزلازل، وفقاً لسبيردوتي، أن التكاليف تبدأ من 100 يورو للمتر المربع. لذلك يجب أن تبدأ تكلفة إعادة منزل متداعٍ إلى الحياة من نحو 5 آلاف يورو.
وتأسست مدينة ماينزا على يد رعاة فروا من غارات المسلمين على السواحل، ولكنها ازدهرت لاحقًا مع وصول القبائل الجرمانية التي استسلمت للإمبراطورية الرومانية بعد قرنين من الحروب الدامية.
وفي الأيام الصافية، يمتد المنظر من ماينزا إلى نتوء جبل سيرسيو، حيث سُحر أوديسيوس، ملك إيثاكا الأسطوري، بالساحرة سيرس، ابنه إله الشمس هيليوس، طبقًا للأساطير اليونانية.
ويقال إن أصل اسم المدينة يشير إلى مدينة ماينز الألمانية، ولكن السكان المحليين يفضلون الادعاء بأنها تأتي من عبارة لاتينية تعني "الأشخاص الذين يزدهرون".
وتطل المدينة على مستنقعات سابقة خصبة تنتشر فيها الحدائق المورقة، ومزارع الكيوي، والبحيرات.