دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- بعد أن تستيقظ في ضواحي مدينة إنسبروك النمساوية وتتناول وجبة فطورك، يمكنك أن تأخذ الترام إلى أنسبروك هاوبتبانهوف، وهي محطة السكك الحديدية الرئيسية في المدينة، ثم تستقل السكك الحديدية النمساوية، "ÖBB Railjet"، وصولًا إلى فيينا.
وبعد أكثر من أربع ساعات من عبور بعض أجمل المناظر الطبيعية في وسط أوروبا، تصل إلى محطة قطار "Wien Hauptbahnhof"، حيث تتجه إلى الأنفاق المنحنية لمحطة "Südtiroler Platz".
وبعد مرور ست محطات على خط مترو "U1"، تصل إلى محطة "Praterstern"، وهي ليست بعيدة عن شواطئ نهر الدانوب.
ومن هناك، يمكنك ركوب قطار إقليمي على خط "S4" للاستمتاع بنزهة قصيرة، متجهًا شمالًا على بعد تسع محطات أخرى إلى بلدة كورنوبورج في النمسا.
وهنا يمكنك الصعود على متن الحافلة 853 للوصول إلى المحطة الأخيرة، حيث ستستمتع بمسار لطيف مدته تزيد عن 20 دقيقة عبر الشوارع الهادئة المورقة.
وأخيرًا، ستنزل بجانب برج الساعة في قرية إنزرسفيلد.
وفي هذه الرحلة، تكون قد قطعت مئات الأميال عبر الحافلات والسكك الحديدية وخدمات الترام والمترو.. وكم ستكلفك رحلة مثل هذه؟ حوالي 3.5 دولارًا فقط.
وبعد 15 عامًا من اقتراحها لأول مرة، يتم إطلاق "تذكرة المناخ"، أو Klimaticket، بتاريخ 26 أكتوبر/ تشرين الأول.
وتوفر هذه التذكرة فرصة السفر بمرونة وسهولة عبر وسائل النقل العام.
ويبلغ سعر التذكرة السنوية 1,267 دولارًا، مقابل 24 دولارًا فقط في الأسبوع، أو 3.50 دولارًا في اليوم. وإذا سارت الأمور وفقًا للخطة، فيجب أن يتشجع الناس على استبدال سياراتهم بوسائل نقل أكثر صديقة للبيئة.
وتحظى وسائل النقل العام بشعبية كبيرة في النمسا.
وأصبح يلجأ إليها الكثير من المسافرين بسبب خدماتها الموثوقة وعالية الجودة، وحجز التذاكر البسيط، وأسعارها الجذابة.
ورغم أن النمساويين يسافرون عدة كيلومترات بالقطار كل عام أكثر من أي شخص في أوروبا باستثناء السويسريين، إلا أن 16٪ فقط من الرحلات في عام 2018 قد تمت بواسطة وسائل النقل العام، وفقًا للأرقام الحكومية الرسمية.
وهناك أمل أن تساعد "تذكرة المناخ" على تغيير ذلك، وجعل السفر أكثر ملاءمة وبأسعار معقولة.
ويقول خبير السفر بالقطار الأوروبي آندي برابين: "أحد الأشياء التي أحبها في تذكرة المناخ هو أنها صالحة لجميع وسائل النقل العام، وهو مفهوم يجب تكراره في مكان آخر لأنه يزيل عناء الاضطرار إلى البحث عن تذاكر متعددة وشرائها".
وتم الاتفاق على ما لا يقل عن 278 مليون دولار من تمويل الحكومة الفيدرالية لدعم المبادرة الجديدة. ومن المتوقع أن تبلغ التكاليف الجارية حوالي 175 مليون دولار في السنة.
ورغم ذلك، تعد التذكرة أساسية بالنسبة للنمسا حتى تصبح محايدة مناخيًا في حلول عام 2040، بدعم من "الصفقة الخضراء" للاتحاد الأوروبي بعد "كوفيد-19".
وشهدت الأعوام الماضية نقاشًا وانتقادًا مكثفًا، خاصة من المناطق الريفية حيث تكون كثافة النقل العام واستخدامها في أدنى مستوياتها.
وقال يوهانس مارغريتير، المتحدث باسم النقل لحزب Neos الليبرالي: "السعر ليس السبب في عدم تحول الناس إلى وسائل النقل العام. في كثير من الأماكن، تكمن المشكلة في عدم توفرها بسبب ضعف أو غياب الاتصالات".
وفي حال نجاحها، هل تمتلك تذكرة المناخ القدرة على أن تصبح مخططًا لبلدان أخرى تتطلع إلى خفض انبعاثات النقل بشكل كبير؟
وتقول كيث بارو، محررة المجلة البريطانية "Today's Railways Europe"، إن هولندا يمكن أن تشكل منافسة، حيث تستفيد من شبكة النقل العام المترابطة بالفعل والتي تعمل بتردد عالٍ.
وتواجه الدولة المكتظة بالسكان حاجة ملحة لإيجاد الحلول لتحديات النقل.
وتقول بارو إن ألمانيا أيضًا في إطار الصورة، موضحة أن المشكلة في ألمانيا هي الاختلافات على مستوى الدولة في الالتزام بالنقل العام.
وعلى سبيل المثال، تُعد ولاية بافاريا في الجنوب مؤيدة للطرق نسبيًا، بينما تعمل ولاية بادن-فورتمبيرغ المجاورة بنشاط على تحسين وسائل النقل العام لفترة طويلة.
ويدعو نشطاء البيئة إلى توسيع العرض ليشمل تأجير الدراجات والسكوتر الإلكتروني، ما يوفر نطاقًا أوسع من خيارات السفر المرن.
وتُعد تذكرة المناخ هي مجرد جزء واحد من خطة النمسا لتحقيق أهداف خفض الكربون.
ولكن، إذا تم تقديم نتائج إيجابية سريعة، كما يعتقد مؤيدوها، فقد يتزايد الضغط لتطوير مفاهيم مماثلة في بلدان أخرى حول العالم، ما يجعل من التنقل بدون سيارة أكثر سهولة.