دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بالنسبة للعديد من محبي الرحلات البحرية، الإقامة على نحو دائم على متن سفينة، حلم طال انتظاره.. لكنّه قد يتحقّق قريبًا.
ويتصاعد الإقبال على الرحلات البحرية العالمية الطويلة، وها قد أعلنت الشركات عن برامج رحلاتها الجديد، ودخلت العديد من مساكن البحر الفخمة إلى السوق في السنوات الأخيرة، رغم تأثيرات الجائحة.
لكنّ هذه المغامرة تبقى باهظة الثمن، ما يعني ببساطة، أنّ عشاق السفن السياحية لن يتمكّنوا من تكبّد كلفة الصعود على متنها.
ولكن شركة "ستوريلاينز" وهي عبارة عن "مجتمع سكني في البحر" حديث العهد، تطمح إلى تغيير هذه الفكرة من خلال تقديم فرص للعيش على متن سفينة سياحية لفترة طويلة الأمد، أو بشكل دائم، "بأسعار مدروسة أكثر".
وتقدّم "ستوريلاينز" التي ستطلق سفينتها عام 2024، مساكن مفروشة تتراوح مساحتها بين غرفة و4 غرف نوم، واستوديوهات، وشقق علويّة تتألف من طبقتين، بأسعار تبدأ من 400 ألف دولار وصولًا إلى 8 ملايين دولار.
وهذه الشقق معروضة للبيع فورًا، مع تخصيص عددًا محدودًا منها للإيجار، تتراوح مدته بين 12 و24 عامًا.
مجتمع بحري
وبيعت العديد من الوحدات السكنية على متن السفينة التابعة لهذه الشركة إلى الآن، بلغت 547 شقة، بحسب المؤسس والرئيس التنفيذي أليستر بونتون، الذي يتوقّع أن تباع الشقق المتبقية بحلول نهاية 2022.
وسيحصل المالكون، على متن سفينة "MV Narrative" لـ"ستوريلاينز" قيد الإنشاء في كرواتيا، على حياة شاملة في البحر، تتمتّع بالعديد من وسائل الترفيه المثيرة للاهتمام.
وستحتوي السفينة على 20 مطعمًا مختلفًا وحانات، وبارًا صغيرًا مخصّصًا للجعة، وثلاثة حمامات سباحة، ومكتبة تضم 10 آلاف كتاب، وصالة سينما، فضلًا عن مركز صحي عالي الجودة، وصالة بولينغ، وحديقة للزراعة المائية تعمل على الطاقة الشمسية.
ومن المقرر، أن تستهل سفينة "نارّاتيف" رحلتها الأولى الممتدة لألف يوم، ويشمل مسارها القارات الست، أواخر عام 2024، ترسو خلالها في كل ميناء، بين ثلاثة وخمسة أيام.
وقال بونتون لـCNN إنّ "ما قد ينجزه مسار ملاحة بحرية نموذجي بشهر أو ثلاثة أسابيع، نحتاج إلى ثلاثة أو أربعة أشهر لتحقيقه".
وبالإضافة إلى برنامج التوقف على المرافئ، خُصّصت عدة أيام خلال الشهر حتى تكون من "اختيار السكان"، حيث يحدّد نزلاء السفينة المرفأ الذين يرغبون بالتوجه إليه.
حياة شاملة للجميع
ولفت بونتون إلى أنّ "المالك الذي اشترى مباشرة شقته، سيحصل على بند لمدى الحياة، يسمح له بالانتقال للعيش في مسكن جديد على متن سفينة مستقبلية، الأمر الذي يجعل هذا الاستثمار طويل الأمد"، مضيفًا أنّ "هذه المنازل يمكن تأجيرها أو بيعها "إسوة بأي استثمار عقاري آخر".
أما "رسوم المعيشة" المفروضة على قاطني السفينة فتتراوح بين 65 ألف و200 ألف دولار عن كل وحدة سكنية سنويًا، تشمل مصاريف مثل الطعام والصيانة.
ورغم أنّه لا يمكن للجميع تكبّد هذه المبالغ، إلا أنّها تبقى أدنى من اليخوت السكنية الأخرى، مثل "The World"، حيث يمكن أن تبلغ رسوم المنازل فيها حوالي 14 مليون دولار، ورسوم الصيانة السنوية نحو 1.4 مليون دولار.
وأشار بونتون إلى أنّه "بمجرد تسديدك الرسوم الخاصة بك، يمكنك وضع محفظتك الشخصية أو بطاقات ائتمانك الخاصة وادخار أموالك للسنة المقبلة إذا قرّرت ذلك".
ولطالما ارتبطت هذه الرحلات السياحية بالمتقدمين بالعمر، إلا أنّ هذا المشهد تبدّل في السنوات الأخيرة، حيث ظهرت نزعة متزايدة لدى الشباب للغوص في عالم الرحلات البحرية.
ولفت بونتون إلى أن هناك مختلف الشرائح العمرية التي دفع أفرادها عربونًا لشقة. وأضاف أنّ "العديد من العائلات تختار السفن السياحية. وهنا نتحدث عن الأهل في الثلاثينيات والأربعينيات من العمر مع أطفالهم الصغار".
المبادرات المستدامة
ولم تسقط "ستوريلاينز" من رؤيتها تلبية حاجات من لديهم أطفال. لذا تقدم برنامجًا تعليميًا كاملاً على متن السفينة، إضافة إلى الكثير من الأنشطة التعليمية. وإلى ذلك، سيضم طاقم السفينة فريقًا طبيًا، مؤلفًا من أطباء، وممرّضات، واختصاصيين في العلاج الطبيعي، كما سيكون على متن السفينة صيدلية ومكتب بريد.
ولفت بونتون إلى أنّ "ستوريلاينز هي مجتمع حقيقي، والمجتمع الحقيقي يتكوّن من نماذج مختلفة".
كما يمكن للمالكين استقبال الضيوف على متن السفينة، ويمكنهم تأجير مساكنهم عندما لا يستخدمونها.
ونظرًا للجدل الدائر حول الأثر البيئي للسفن السياحية، في السنوات الأخيرة، أكّد بونتون أنّ تصميم السفينة أخذ هذا الجانب بالاعتبار.
وسيكون لـ"ستوريلاينز" العديد من المبادرات المستدامة ما أن يتم إطلاقها، مثل وحدة الزراعة المائية التي تعمل على الطاقة الشمسية حيث تنمو بعض المنتجات المستخدمة على متن السفينة، بالإضافة إلى تقنيات تحويل النفايات إلى طاقة.
وفي هذا الخصوص، أكدّ بونتون: "سنكون السفينة السياحية الأكثر صديقةً للبيئة"، موضحًا: "أنا لا أتحدث عن الوقود الذي نستخدمه حيث ستعمل السفينة على الغاز الطبيعي المسال (LNG)، وهو أحد أنظف أنواع الوقود البحري غير الكهربائي احتراقًا".
وأضاف: "لكن هناك جوانب أخرى، مثل موارد الطعام، وكيف نخزّنه بكميات كبيرة، ونزرعه على متن السفينة، ونحول النفايات إلى طاقة، ونحد من استخدام البلاستيك، إلى ما هنالك من أمور أخرى".
الهدف من بناء السفينة
وكانت الخطة الأولية من إطلاق المشروع عام 2016، إعادة ترميم سفينة قديمة وتكييفها لتكون سفينة سكنية.
ورغم ذلك، بعد تعثر عملية ترميم سفينتين، اتُّخذ القرار ببناء سفينة جديدة تلبي التطلعات المرجوّة.
ولاحظ فريق "ستوريلاينز" التي تعمل منذ بضع سنوات تبدّلًا لجهة الطلب جراء الجائحة، وزيادة في عدد العائلات والمدراء التنفيذيين الذين يبدون اهتمامًا بها.
وأُجريت العديد من التعديلات على التصميم الأساسي، منذ ذلك الحين، وأضيفت مساكن جديدة صمّمت حتى تلائم هذه السوق.
وقال بونتون معلقًا: "في الأشهر الثلاثة الماضية قمنا بالكثير من التحديثات على تصميم سطح السفينة الأساس، حتى تشمل خمسة أنواع كاملة جديدة من المساكن، بالإضافة إلى مكتبات، وشرفات أوسع، ومساحة ترفيهية أكبر".
ومن المقرّر إطلاق "ستوريلاينز" في العام ذاته الذي سيشهد إطلاق اليخت السكني المرتقب "سومنيو" المعروف بأنّه "العنوان الأكثر تميزًا في العالم".