دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- كان في يوم من الأيام مغمورًا بالدماء، ومرتبطًا بالمدانين، ومرادفًا لعمليات الذبح، ومطاردًا من القراصنة.
ولكن مؤخرًا، حاز شاطئ "Misery"، (البؤس)، على جائزة "أفضل شاطئ في أستراليا"، لعام 2022.
ولطالما كان هذا الشاطئ المذهل الذي تحيط به واجهة صخرية عملاقة ومليئة بالمياه الهادئة في الماضي المشؤوم بمثابة محطة لصيد الحيتان، ومخبأ للمدانين الهاربين الذين نهبوا السفن على طول الساحل الجنوبي لغرب أستراليا.
وتغلّب شاطئ "Misery" على الشواطئ الاستوائية المشهورة، مثل "Blue Pearl Bay" في ولاية كوينزلاند الأسترالية.
وتمنح الجائزة كل عام من قبل "Tourism Australia"، حيث تزعم البلاد أنها تحتضن شواطئ أكثر من أي بلد آخر في العالم، أي حوالي 12 ألف شاطئ.
وتضم القائمة الأخيرة لأفضل 20 شاطئًا في أستراليا، والتي تم الإعلان عنها في أوائل شهر فبراير/ شباط، مواقع في جميع ولايات وأقاليم البلاد.
ويبعد شاطئ "Misery" حوالي 400 كيلومتر جنوب عاصمة ولاية أستراليا الغربية، برث، بالقرب من المحيط الجميل لمدينة ألباني الأسترالية.
وتُعتبر هذه المدينة، التي يبلغ عدد سكانها 38 ألف شخص، معزولة تمامًا إلى درجة أنها لم تسجل حالة واحدة من "كوفيد-19" خلال فترة الوباء بأكملها، وفقًا لما قاله رئيس بلدية ألباني، دينيس ويلينجتون.
ويعود ذلك إلى حقيقة أن أستراليا الغربية مغلقة أمام السياح الأجانب منذ حوالي عامين حتى الآن، كما أنها كانت تتبع قوانين صارمة في السماح بدخول السياح من الولايات الأسترالية الأخرى.
ويُوضح ويلينجتون أن ألباني كانت تتمتع بشعبية كبيرة بين الزوار المحليين خلال الوباء، متأملًا أن تساهم الجائزة في جعل المنطقة أكثر جاذبية للسياح الأجانب في المستقبل.
وأضاف: "يُعتبر شاطئ Misery مكانًا منعزلًا جميلًا، وبعيدًا جدًا عن بقية العالم، وأعتقد أن هذا سيجذب الكثير من السياح الأجانب الذين كانوا عالقين في فترة الوباء، ويبحثون عن المساحة والطبيعة".
المياه ملطخة بالدماء
وأصبحت ألباني أول مستوطنة أوروبية في أستراليا الغربية في عام 1826. ومثل العديد من المستعمرات الأسترالية التي أنشأها البريطانيون منذ أواخر القرن الثامن عشر فصاعدًا، بُنيت إلى حد كبير من قبل المدانين.
ونُقل المجرمين، ومعظمهم من البريطانيين والأيرلنديين، إلى أستراليا، حيث أُجبروا على العمل في مواقع مثل ألباني. لكن بعضهم هرب، بحسب ما ذكرته سو ليفروي، منسقة التاريخ المحلي لمدينة ألباني.
وهرب هؤلاء الرجال إلى الغابات والشواطئ المحيطة بألباني، ولجأوا إلى ارتكاب الجريمة من أجل البقاء، وحتى القرصنة.
وتقول ليفروي: "كانت هناك بعض الشخصيات البغيضة التي تعمل في المياه بالقرب من ألباني".
وظهر أول قرصان أسترالي في عام 1826.
ووصل الأمريكي جون أندرسون على متن سفينة لصيد الحيتان رست في "King George Sound"، وهو جسم مائي يعانق شاطئ "Misery"، وفقًا لما قالته رئيسة جمعية "Esperance Bay Historical Society"، بيفرلي درابيك.
ولجأ أندرسون إلى القرصنة بعد أن أُلقي عليه اللوم في قتل رجل بشجار حصل في ألباني وهرب من المستوطنة، بحسب ما أوضحته درابيك.
وقاد عصابة قراصنة من المدانين الهاربين الذين قضوا سنوات في مداهمة السفن على طول الساحل الجنوبي لولاية أستراليا الغربية، والتي كانت طريقًا رئيسيًا للشحن بالنسبة للبريطانيين.
وأوضحت ليفرولي أن هذه المياه نفسها بالقرب من ألباني أصبحت ملطخة بالموت.
وكان "King George Sound" موطنًا لعمليات صيد الحيتان منذ أربعينيات القرن التاسع عشر. وفي أوائل القرن العشرين، بدأ هذا النشاط الوحشي بجوار شاطئ "Misery".
وتشير ليفروي إلى أن مياهها الهادئة غالبًا ما تغمرها دماء الحيتان المذبوحة. وبالتالي، ربما تسبب هذا الرعب في إعطاء الشاطئ اسمه الفريد.
وأضافت: "في الواقع، لا يُوجد سجل رسمي لكيفية تسمية شاطئ بـMisery، ولكن تتواجد مدرستان فكريتان بشأن ذلك"، موضحة: "عندما يقترب صائدو الحيتان من الشاطئ بالقوارب، فإن الطريقة التي تضرب بها الشمس على وجه صخرة الشاطئ، في فترة بعد الظهر، تجعلها تبدو وكأنها وجه عابس. ويُعتقد أيضًا أن اسم Misery، أي البؤس، يشير إلى فعل قتل الحيتان، ولون الماء (الأحمر الدموي)، والرائحة الكريهة".
واستحق الشاطئ اسمه حتى سبعينيات القرن الماضي، عندما توقف صيد الحيتان هناك.
ويمكن أن يتعرّف السياح على هذه الحقبة في محطة "Albany Historic Whaling" الكبيرة والمثيرة للإعجاب، وهي على بعد 500 متر فقط غرب شاطئ "Misery".
وإلى جانب تلك المحطة، باتجاه الغرب، يُوجد شاطئ "Cheyne" المذهل، وهو من بين شواطئ الرمال المهيبة التي لا حصر لها في أستراليا الغربية.