دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- "إغلاق الأبواب والتحقّق من ذلك"..تعليمات صادرة عن مضيفة الطيران عبر نظام التخاطب مباشرة قبل مغادرة الطائرة لبوابة المطار، يسمعها دائمًا ركاب شركات الطيران.
وبالنسبة لغالبية المسافرين، يشكّل هذا الأمر جزءًا من الطقوس التي تسبق الإقلاع على نحو مماثل لإرشادات السلامة. لكنّ هذا الأمر جوهري لضمانة سلامة الركاب وطاقم الطائرة، بهدف إعداد جهاز أساسي للتفعيل الفوري، أي منزلقات إخلاء الطائرة.
وفي حالة الطوارئ على الأرض، تتوزّع منزلقات قابلة للنفخ من الأبواب ومخارج الأجنحة، الأمر الذي يشكل وسيلة سريعة للركاب للهروب من الطائرة. وتعود جذور هذه التقنية إلى بداية عصر الطائرات النفاثة في خمسينيات القرن الماضي، بيد أنه سبق هذه المنزلقات حل نجاة أبسط.
وسائل النجاة الأولى
وثمة سمة مشتركة تجمع بين الطائرات البرية الأولى للركاب، وهي عجلة الذيل. إذ خصّص في هذه الطائرات الأولى التي صنّعتها كل من شركات "فورد"، و"فوكر"، و"دي هافيلاند"، ثم "دوغلاس"، و"بوينغ"، بابًا محاذيًا لذيل الطائرة القريب من اليابسة، عادةً.
ويصعد الركاب بضع درجات، ثم يتّجهون إلى مقاعدهم. وفي حال أمر قبطان الطائرة بالإخلاء، يمكن للمسافرين الخروج باستخدام باب الدخول الرئيسي.
ومع ازدياد حجم الطائرات التجارية، بات من غير العملي إدراج العجلة الخلفية في التصميم إن لجهة ارتفاع عدد الركاب أو شحنات البضائع. فأدخلت إلى الطائرات المجهزة بعجلة "Nosewheel"، التي بموجبها تم تسوية المقصورة أرضًا، لكن الدخول إلى الطائرة يتطلب صعود سلالم طويلة للوصول إلى بوابة الدخول.
وفي حالات الطوارئ، كان مستبعدًا أن يقفز الركاب بأمان من المقصورة إلى الأرض، لذا تمّ تطوير حل أولي.
وقال طوني بوب، كبير مهندسي أنظمة الإخلاء لدى شركة "كولينز إيروسبيس" (Collins Aerospace) إنّ "أوّل طريقة إخلاء للركاب من أبواب طائرة، كانت عبر الحبال المعقودة، وذلك قبل وقت طويل من ابتكار المنزلقات".
وتابع أنهم "استخدموا في ما بعد قطع قماش مسطحة تمتد بين الذراعين، ولا بدّ من حملها حتى يتمكّن الناس من الانزلاق إلى أسفل. وأطلق عليها اسم المنزلق، وهو الاسم المستخدم حتى يومنا هذا".
وتطورت هذه المنزلقات القماشية البسيطة إلى أخرى متطورة، تُنفخ بواسطة أسطوانة غاز مضغوطة.
لكن ما زال في الإمكان العثور على الحبال المعقودة على متن الطائرات، وهي متاحة للطيارين إذا احتاجوا إلى الإخلاء من خلال نوافذ قمرة القيادة أو كوّة الطوارئ.
ستة أقدام وما فوق
وصممت شركة "Collins Aerospace" وشركتها السابقة "Goodrich"، منزلقات قابلة للنفخ وصنّعتها، منذ عشرات السنوات، بدءًا من حقبة الستينيات مع طائرة "بوينغ 747"، الملقبة بـ"ملكة السماوات".
ولفت بوب إلى أن المواد وتقنيات التصنيع تطورت بشكل طبيعي منذ إنتاج المنزلقات الأولى، إلا أنّ المفهوم الأساسي وتصميم منزلقات الإخلاء الحالية، لم يتغير كثيرًا.
ووضعت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية مجموعة من المتطلبات للمنزلقات، التي تغيرت بمرور الوقت استنادًا إلى عمليات الإخلاء التي تمت بفعل حالات الطوارئ، ما أعطى واضعي النظم وقائع حقيقية يستندون إليها كمرجع.
وتشمل هذه المواصفات جميع جوانب التصميم ضمنًا قوة الأقمشة، وقابليتها للاشتعال، ومقاومتها للحرارة، وإضاءة الطوارئ والوقت الأقصى للنفخ الذي يتراوح بين 6 و10 ثوانٍ، تبعًا لموقع المنزلق.
ويجب أن تنفتح بشكل صحيح في جميع الظروف المناخية، الباردة مثل حرارة -40 درجة فهرنهايت، والساخنة مثل 160 درجة فهرنهايت، وخلال تساقط الأمطار بغزارة أو هبوب رياح بسرعة 25 عقدة تضرب المنزلق من زوايا 45 درجة حول الطائرة.
كما يجب أن تكون طائرات الركاب التي يزيد ارتفاع عتبة بابها عن ستة أقدام فوق سطح الأرض مجهزة بمنزلق، وعادة ما تتجهّز طائرات الرحلات طويلة المدى بمنزلقات مدمجة بأطواق نجاة.
تصاميم فريدة
ويؤثر شكل الطائرة على نحو مباشر بتصميم منزلقاتها، حيث يتميز كل منزلق بفرادة عمومًا تبعًا لموقعه.
وقال بوب: "نتمكن أحيانًا من وضع المنزلق ذاته على أبواب عدة، لكن هذا ليس معيارًا. وعادة يكون للطائرة محيط، وعليه يتوجب علينا تصميم سلالم الإخلاء القابلة للنفح حتى تتوافق ومتطلبات المحيط، فتتعلّق بالطائرة بشكل صحيح في مختلف الظروف القصوى".
وشكّلت طائرة "إيرباص A380" المؤلفة من طبقتين تحديًا لكولينز. فهذه الطائرة العملاقة تحتوي على إجمالي 16 منزلقًا، 8 للسطح العلوي و8 أخرى للطبقة السفلية.
وكان على المصممين التأكد من أن تكوين المنزلقات متشابك، بحيث لا تتداخل العلوية منها مع السفلية. إلى ذلك احتاجت القيود الناجمة عن محدودية المساحة لتخزينها، إلى عناية خاصة أيضًا.
ويتوجّب على شركة كولينز، التي تعمل مع مصنّعي الطائرات، إثبات أن في إمكان جميع الركاب وأفراد الطاقم إخلاء طائرة في 90 ثانية أو أقل.
وأوضح بوب أنه "لدينا معدل اختبار للإخلاء، حيث نثبت من خلاله أن المنزلق يمكنه التعامل مع مختلف الظروف لإجلاء الأشخاص، مثل عتبة باب مرتفعة، أو أخرى منخفضة، أو في ظروف ليلية"، مضيفًا: "أحب أنّ ما نقوم به، صناعة معدات السلامة. لا نرغب بأن تُستخدم يومًا، ونكره الموقف الذي ستستخدم فيه. لكن عند استخدامها، نعرض ذلك لفريق عملنا، فيدركون أنّ ما ينجزونه مهم حقًا، ويمنحنا الأمر جميعًا الشعور بالفخر".