دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في قلب العاصمة المصرية القاهرة، يقع أحد أهم المنازل الأثرية، والذي يخبئ بين ثناياه مجموعة أثرية فنية نادرة تعود لمختلف الحقب والعصور التي مرّت على مصر، ويعد شاهدًا على أصالة العمارة الإسلامية، فما قصته، ومن هو صاحبه؟
وتعود قصة هذا المنزل إلى ضابط إنجليزي، عُرف باسم جاير أندرسون باشا، أتم دراسته للطب بالعاصمة البريطانية لندن، وعُيّن بالقسم الطبي بالجيش الإنجليزي العام 1904، ثم انتقل إلى خدمة الجيش الإنجليزى بمصر عام 1907، وفقًا لما ذكرته مواقع وزارة السياحة والآثار المصرية.
وفي عام 1935، تقدم جاير أندرسون إلى لجنة حفظ الآثار العربية طالبًا بأن يسكن في بيتين شاهدهما بالصدفة أثناء تجوله بمنطقة السيدة زينب، وأن يقوم بتأثيثهما على الطراز الإسلامي العربي، ويضع فيهما مجموعته من المقتنيات الأثرية، على أن يصبح هذا الأثاث ومجموعته من الآثار ملكاً للشعب المصري بعد وفاتة أو حين يغادر مصر نهائياً، فوافقت اللجنة.
وعرف عن أندرسون ولعه بالآثار، وخلال الفترة من عام 1935 إلى عام 1942، قام بتجميع العديد من الآثار النادرة من مختلف العصور ومنها فرعونية، وإسلامية، وآسيوية.
وفي عام 1942، اضطر أندرسون للسفر إلى انجلترا بسبب اعتلال صحته، فتسلمت الحكومة المصرية المنزلين بمحتوياتهما من آثار وتحف، وقامت بتحويلهما إلى متحف، وأطلقت عليه اسم "جاير أندرسون"، وفقًا لموقع وزارة الآثار المصرية.
ونظرًا لما يتمتع به من طراز معماري فريد، جذب المتحف عدسات التصوير السينمائية، وشهد تصوير العديد من الأفلام المصرية.
لكن لم يقتصر على جذب الأفلام المصرية فحسب، بل جذب السينما العالمية، حيث صُورت به بعض المشاهد من فيلم "The Spy Who Loved Me"، (الجاسوسة التي أحبتني)، أحد أفلام سلسلة جيمس بوند الشهيرة عام 1977.
وفي مقابلة مع موقع CNN بالعربية، يشرح المصور المصري محمد ورداني أن زيارته إلى متحف جاير أندرسون، جاءت بهدف تسليط الضوء على المواقع السياحية غير المعروفة في مصر برؤية جديدة.
ويسعى ورداني بمشروعه المستمر إلى إعادة اكتشاف جمال مصر من زاوية مختلفة من خلال عدسة كاميرته الفوتوفراغيه، بحسب ما ذكره.
وخلال عملية توثيق متحف جاير أندرسون، أراد ورداني إظهار جمال العمارة والفن في تصميم المنزل، الذي يصفه بأنه "تحفة فنية تراثية من العصر العثماني ويضم مقتنيات أثرية نادرة".
ويشرح ورداني أن متحف جاير أندرسون، الذي يعرف كذلك باسم "بيت الكريتلية"، يتكون من منزلين متجاورين يضمان كنوز من حضارات متعددة منها الفرعونية والإسلامية، وحضارات من بلاد فارس والقوقاز، وهذه الكنوز عبارة عن تحف وآثار وضعها الضابط الإنكليزي جاير أندرسون، بعد استلامهما من الحكومة المصرية.
ومن وجهة نظر ورداني، يتمتع موقع المتحف بسحر خاص، إذ يقبع بجوار مسجد ابن طولون، أحد أقدم المساجد في مصر، وتشرف نوافذ المنزل على بوابات المسجد بمنطقة السيدة زينب التي تعد أحد أشهر أحياء القاهرة الشعبية، والتي لازالت تحمل نفحات التاريخ والتراث الإسلامي إلى يومنا هذا، على حد تعبيره.
وحرص ورداني على توثيق أثاث المنزل إلى جانب مقتنيات أثرية هامة، منها درع حرب مملوكي عند مدخل المنزل، وبجواره علبة خشبية صغيرة كانت تستخدم في رفع مستلزمات أصحاب المنزل بحبل من الطابق الأرضي إلى السطح.
ومن أبرز ما وثقه ورداني خلال زيارته إلى المتحف هو سبيل لسقاية الناس، مشيرًا إلى ظهور آخر ساقِ في مصر في صوره، ما أكسبها صدى واسع على منصات التواصل الاجتماعي في البلاد.
والجدير بالذكر مشاركة صورة الساقي أمام متحف جاير أندرسون خلال فعاليات المهرجان الدولي للتصوير "إكسبوجر" الذي أقيم بإمارة الشارقة فبراير/ شباط الماضي.
كما حصلت الصورة على المركز 11 عالميًا بمسابقة "الويكي تهوى المعالم"، المصنَفة من قبل موسوعة غينيس للأرقام القياسية عام 2011 كأكبر مسابقة تصوير في العالم.