دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- إسوة بالعديد من المراهقين، ترعى هانا ييردلي، 17 عامًا، المقيمة في مدينة دنيدن جنوب نيوزيلندا، جراء أسود البحر وليس أطفال البشر، في أوقات فراغها.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع والعطل المدرسية، تتجول ييردلي خلال موسم التكاثر الذي يقع بين ديسمبر/ كانون الأول وفبراير/ شباط على شاطئ لونغ بيتش ذات الرمال البيضاء، حيث تكون الجراء حديثة الولادة الأكثر ضعفًا وهشاشة، حتى تتحقق من سلامة عائلات أسود البحر التي تعيش في المنطقة، وذلك كمتطوعة في منظمة "New Zealand Sea Lion Trust"، التي تُعنى بحماية الفصائل المهددة بالانقراض.
وتُعتبر أنثى أسد البحر المفضلة لديها هي زوي. وقالت ييردلي لـCNN إنها "بلغت 17 عامًا" في مارس/ آذار"، مشيرة إلى أنّه "لأمر رائع رؤيتها مجدّدًا كل عام، ومرافقتها في مخاضها، ومشاهدتها وهي تنجب صغارها".
ولقد كان عامًا مثمرًا بالنسبة لأسود البحر في شبه جزيرة أوتاغو، المتصلة باليابسة لجهة ضواحي مدينة دنيدن، ومنها تدخل في المحيط الهادئ، وهي تشكل موطنًا لأكبر عدد من أسود البحر على البر الرئيسي لنيوزيلندا، استنادًا إلى إدارة الحفظ التابعة للدولة. وقد وُلد 21 جروًا، ما يجعله أكثر موسم تكاثر نجاحًا للأنواع المهددة بالانقراض منذ قرابة 200 عام.
وازدهرت أسود البحر على طول الساحل النيوزيلندي حتى بدأ الصيد التجاري مطلع القرن التاسع عشر، الذي استمر حتى منتصف القرن العشرين، ما كاد يتسبّب بانقراض هذه الحيوانات. ونجت المواطن التي تعيش على مسافة بعيدة بمئات الأميال جنوبًا على جزر شبه القارة القطبية الجنوبية، مثل جزر أوكلاند وجزيرة كامبل، حيث لا تزال غالبية عمليات التكاثر لأسود البحر تحصل هناك لغاية اليوم.
ومن ثم، في مطلع التسعينيات، غامرت أنثى وحيدة بالعودة إلى البر الرئيسي، حيث أنجبت جروًا على شاطئ سانت كلير. وأصبحت تُعرف باسم "أمي" وينتصب تمثال لها الآن بفخر وسط ساحة تطل على الشاطئ.
وقال جيم فايف، حارس التنوع البيولوجي في منطقة أوتاغو الساحلية التابعة لإدارة الحفظ في نيوزيلندا إنّ "هذه الأنثى كانت مسؤولة عن إعادة مجموعة من أسود البحر إلى أوتاغو".
ولحسن الحظ، كانت جراء "أمي" إناثًا، الأمر الذي شكل بداية جيدة لهذا المجتمع، بحسب ما ذكره فايف. وأوضح أنّه "بحلول عام ألفين، يبصر لدينا النور جروان أو ثلاثة، ليزيد العدد لما بين ستة وثمانية جراء بحلول عام 2010، وليبلغ عدد الجراء المولودة في السنوات القليلة الماضية بين 18و20 صغير أسد بحر".
لكن أسود البحر عادت إلى موطن مختلف تمامًا عما كان عليه الواقع قبل 200 عام، فالطرق، والسيارات، والدراجات النارية، والبشر، والكلاب، وجميع أنواع المخاطر المحتملة باتت كثيرة في المنطقة. وهذا يمثل تحديات كبيرة للحفاظ على صحة وسعادة هذه الفصيلة.
لأسود البحر رائحة كريهة
وحرصًا منها على حماية الجراء من ذكور أسود البحر البالغة التي يصل وزنها إلى 450 كيلوغرامًا، والتي قد تدوس الجراء خلال البحث عن رفيقة، تبحث الأمهات غالبًا عن ملجأ في الداخل لحضانة صغارها، لكن هذا الأمر يعرضها لتهديدات بشرية.
وقال فايف إنه عثر عليها تعشّش في الحدائق الخلفية، وفي بيوت الكلاب، والمباني الملحقة، وملعب الغولف المحلي، الأمر الذي يتسبّب أحيانًا بمشاكل مع الجيران من البشر. وتذكرّ عندما نامت تحت منزل قرابة ثلاثة أشهر، حتى ضاق أصحابه ذرعًا بها لأن "رائحة المنزل صارت كريهة".
وأضاف أن "عادات أسود البحر الليلية المتمثلة بالتحقق من صغارها عند الثانية فجرًا والأصوات الذي تصدرها، تتسبب بالانزعاج منها".
لكن رغم كل عاداتها السيئة، فإن أسود البحر تواجه خطرًا مميتًا. إذ صدمت مركبة هذا العام، أسد بحر يبلغ ثلاثة أشهر وقتلته على طريق شبه جزيرة أوتاغو، وتم رصد مسارات للدراجات النارية الأخيرة على مقربة من منطقة "حضانة" شهيرة حيث استقرت الأمهات من أسود البحر وصغارها.
وتحاول إدارة الحفظ وصندوق أسد البحر النيوزيلندي، مع مجموعة من "المربيات" مثل ييردلي، إدارة هذه التهديدات. فتتعقب المنظمات الإناث وصغارها، وتطوق المناطق التي قد تعشش فيها، وتضع لافتات تحذر المارة، وتطلب منهم إبقاء جميع الكلاب في المقدمة. وفي حال اختارت أسود البحر التعشيش في منطقة مكشوفة، فسيقوم فايف وفريقه بإنشاء ملجأ بسيط للمساعدة في حماية الجراء. حتى أنهم أغلقوا طريقًا في دنيدن العام الماضي، لمدة شهر للحفاظ على أسرة أسد البحر آمنة.
وأشار فايف إلى أنّ "دورة التكاثر الموسمية تُعتبر مرحلة دقيقة لأسود البحر"، متابعًا أنّ ما "نطلبه من الناس هو التحلي بالصبر، لأن هذا أمر لا يدوم".
لكن مع استمرار نمو أعداد أسود البحر، فقد تُصبح هذه الخدمة الشخصية أقل قابلية للتطبيق. وبدلاً من ذلك، يأمل فايف أن تقدم التكنولوجيا حلاً. فقد شارك بمشروع بحث نُشر العام الماضي، يستخدم النماذج القائمة على الخوارزمية، ورسم خرائط نظم المعلومات الجغرافية لتحديد الموائل الحرجة، ويمكن أن يساعد الحراس في تحديد أولويات مناطق الحماية.
"لن يعضك في الواقع"
ويُعتبر تثقيف الناس حول كيفية الاستجابة لأسود البحر أحد أبسط الحلول لحمايتها من التهديدات البشرية.
ونصح فايف أنه "عند الاقتراب كثيرًا من أسود البحر خلال فترة التكاثر، فإن أسود البحر قد تهاجم الناس الذين يميلون إلى الهرب". وأوضح أنّ "الجري هو التصرّف الخاطئ لأنها لن تعضّك في الواقع بل في 99% من الحالات ستتوقف وتشمك. لذا حاول فقط المحافظة على هدوئك، وابتعد عن المكان".
وخلص فايف إلى أنه لحسن الحظ، زيادة الوعي والاهتمام بالحيوان ليس بالأمر الصعب، لافتًا إلى أنها "أفضل أداة تسويق لها، لأنها عمومًا حيوانات لطيفة للغاية".