دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- نجح فريق دولي من علماء الحفريات الفقارية بقيادة مصرية في اكتشاف حفرية ديناصور مفترس عاش قبل نحو 98 مليون عام بالواحات البحرية في صحراء مصر الغربية، يشبه إلى حد كبير ديناصور "تي ريكس" الشهير.
وعثر فريق البحث على حفريٍة لفقرة مغطاة برواسب صلبة من الحديد والرمل، وذلك خلال إحدى الرحلات الحقلية المشتركة بين مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية، وعلماء وزارة البيئة في الواحات البحرية، وفقًا لبيان جامعة المنصورة عبر حسابها الرسمي على "فيسبوك".
ومن خلال دراسة تشريحية مفصلة استغرقت عدة سنوات، تبين أن الحفرية تمثل الفقرة العنقية العاشرة من رقبة ديناصور ضخم آكل للحوم.
وجاء في البيان أن هذا النوع من الفقرات تجمع من الصفات التشريحية ما يكفي ليوضح أنها تنتمي لفرد من عائلة من الديناصورات تسمى أبيلوصوريد (Abelisauridae) أو ديناصورات "هابيل"، نسبًة إلى العالم الأرجنتيني الذي اكتشف أولى حفريات هذه العائلة، روبرتوا هابيل.
وتتميز تلك الديناصورات بشكلها المرعب وجمجمتها المخيفة، وتخرج من فكوكها أسنان حادة أشبه بأنصال السكاكين، بينما تُظهر قدماها الخلفيتان كتلة عضلية ضخمة لتساعدها في الهجوم والافتراس، ورغم قصر طرفيها الأماميين لدرجة الضمور، إلا أن تلك الديناصورات كانت من بين الأشرس على الإطلاق.
وقبل نحو 98 مليون عام، لم تكن تعرف الواحات البحرية بهذا الاسم، بل كانت "واحة الديناصورات" بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فكانت واحة تعج بالحياة، سادت فيها صراعات دامية بين حيوانات مختلفة وعلى قمتها الديناصورات التي عاشت على طول ضفاف نهر قديم عُرف باسم "نهر العمالقة"، وفقًا لما ذكره هشام سلام، مؤسس مركز الحفريات الفقارية بجامعة المنصورة ورئيس الفريق المصري والأستاذ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.
وذكر البيان أنه على الرغم من أن الواحات البحرية عُرفت بغناها بالمحتوي الحفري؛ لما أنتجته من هياكل لأكثر الديناصورات شهرة في العالم، إلا أنه لم يتم تسجيل أي ديناصور ينتمي لعائلة ديناصورات "هابيل" من الواحات البحرية من قبل.
وقال الأستاذ بجامعة بنها وعضو فريق سلام لاب والمُبتعث لجامعة أوهايو الأمريكية والمؤلف الرئيس لهذه الدراسة، بلال سالم، إن هذه الدراسة تكشف أسرارًا مهمة عن الحياة السحيقة في المنطقة بتسجيلها لديناصور مفترس متوسط الحجم (يقدر طوله بنحو 6 أمتار) بين بقية عائلته، والأوسط حجمًا بين أبناء عشيرته من ديناصورات الواحات البحرية.
وأشار سلام إلى أن ديناصورات "هابيل" جابت القارات الجنوبية القديمة (جندوانا) وأوروبا، إلا أن التشابه بين ديناصورات الـ تي ريكس وديناصورات "هابيل" في القوة والشراسة جعل المجتمع العلمي يُلَقب عائلة "هابيل" بـ"تي ريكس قارات العالم الجنوبية القديمة".
ولفت عالم الديناصورات الأمريكي والمؤلف المشارك في الدراسة، مات لمانا، إلى أن الواحات البحرية اتخذت مكانة شبه أسطورية بين علماء الأحافير لأنها أنتجت أول أحافير معروفة للديناصورات التي أدهشت العالم، ولكن لقرابة قرن من الزمان كانت تلك الحفريات موجودة فقط كصور بسبب تدميرها أثناء قصف متحف برلين بألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية.
وأكد الأستاذ بجامعة أوهايو الأمريكية والمؤلف المشارك في الدراسة البروفيسور باترك أوكانور، بحسب ما ذكره البيان، أنه عند رؤيته لصورة هذه الفقرة لأول مرة عام 2016 تأكد على الفور أنها عظام رقبة ديناصور "أبيليصوريد" مميزة للغاية.
والجدير بالذكر أن ديناصورات "هابيل" كانت تجوب القارات الجنوبية القديمة (جندوانا) وأوروبا، لذا قام الفريق البحثي بمقارنة تلك الفقرة مع مثيلاتها من مختلف القارات، وأظهرت نتائج شجرة الأنساب وجود قرابة وثيقة بين ديناصور "هابيل المصري" وبين أقرانه من ديناصورات أمريكا الجنوبية أقرب حتى من ديناصورات مدغشقر وأوروبا، مما يدعم نظرية انفصال مدغشقر عن أفريقيا قبل انفصال أمريكا الجنوبية عنها.