في حالات الطوارئ.. هل تعتقد أنّ في إمكانك الهبوط بالطائرة بأمان؟

سياحة
نشر
7 دقائق قراءة
هل تعتقد حقًّا أنّ في إمكانك الهبوك بالطائرة في حالات الطوارئ؟
Credit: YOSHIKAZU TSUNO/AFP via Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- إنه سيناريو كابوس: طيّار رحلتك بات عاجزًا عن القيادة ويتوجّب على شخص ما أخذ زمام الأمور والهبوط بالطائرة. هل في وسع أيّ راكب القيام بذلك؟

إذا كان اسمك دارين هاريسون، فالإجابة ستكون، نعم. فبعدما فقد طيار رحلتها "تماسكه"، على متن طائرة سيسنا 208 ذات المحرك الواحد، المتجهة من جزر الباهاما إلى فورت بيرس في فلوريدا الأمريكية، مطلع مايو/ أيار، تمكنت تمكنت هاريسون من الهبوط بالطائرة على نحو مثالي تقريبًا في مطار بالم بيتش الدولي، بمساعدة روبرت مورغان، مدرب طيران معتمد ومراقب في الملاحة الجوية، بعد اتباع تعليماته عبر الراديو.

وهذه الحادثة، هي الأجد ضمن سلسلة من عمليات الهبوط "المحظوظة"، التي يقوم خلالها أحد الركاب بعملية هبوط الطائرة بأمان من خلال الاستعانة بشخص من الأرض أو على متن طائرة أخرى.

فعام 2019، هبط طالب الطيران ماكس سيلفستر بطائرة غرب أستراليا خلال أول درس طيران له، بعدما فقد الطيّار وعيه. وعام 2013، قام جون وايلد المتقاعد في القوات الجوية، لكن ليس كطيار، بحطّ الطائرة بأمان على الأرض ليلًا، شمال شرق إنجلترا، وذلك بعد بضع محاولات فاشلة. وعام 2012، نجحت هيلين كولينز، 80 عامًا، التي تملك خبرة قليلة في قيادة الطائرات، بالهبوط بالطائرة التي كان زوجها يطير بها قبل أن يمرض، في ولاية ويسكونسن.

ثمة سمة مشتركة بين هذه الأحداث: الجميع كانوا على متن طائرات سيسنا.

هذه الطائرات الصغيرة هي الخيار الأفضل لدى مدارس الطيران، لأنها قوية وحدسية نسبيًا للتحكم بها، لذلك أصبحت شائعة لدى عشاق الطيران.

وهذا النوع من الطائرات يستوجب طيارًا واحدًا فقط ، فيما الطائرات الأكبر تتطلب طيارين أو أكثر في الرحلات الطويلة المدى. عام 2009، هبطت طائرة بوينغ 777 بسلام إثر وفاة أحد الطيارين في منتصف الطريق خلال رحلة عبر المحيط الأطلسي، وتولى الطياران الآخران القيادة.

سابقة مخيفة

هل في وسع أي كان الهبوط بالطائرة عند الطوارئ؟
Credit: LINDSEY PARNABY/AFP via Getty Images

أوضح دوغلاس موس، مدرب طيران معتمد من قبل إدارة الطيران الفيدرالية، وطيار سابق لدى شركة يونايتد إيرلاينز، أنّه في حين يصعب هبوط طائرة من دون خبرة، فمن الممكن ذلك إذا تضافرت ظروف معينة.

أولاً، إذا كان الشخص متحمسًا ومدركًا أنه في حالة حياة أو موت.

ثانيًا، تلقى مساعدة مدرب طيران عبر الراديو واتبع تعليماته خطوة بخطوة.

وثالثًا، يتمتّع ببعض المواهب الطبيعية للتحكم بجهاز ميكانيكي.

بالنسبة لباتريك سميث، طيار طائرة بوينغ 767 ومؤلف الكتاب والمدوّنة الشهيرة "اسأل الطيار"، حتى مثل هذا السيناريو لا يسري على الطائرات الأكبر، وقد يفشل.

ويؤمن سميث بأن أي شخص لا يتمتع بخبرة في الطيران تخوّله تولّي زمام التحكم بطائرة ركاب تجارية على ارتفاع التحليق، لن يتمكن من النجاح بهذه المهمة.

وقال: "لن يكون لدى الراكب العادي أدنى فكرة عن كيفية تشغيل أجهزة الراديو للتواصل، ما بالك في الطيران والهبوط بالطائرة".

لم يسبق أن هبط أي راكب بطائرة تجارية، والسبب أنّ هذه الفرصة لم تكن متاحة قبلًا.

وأشار سميث إلى أن "أقرب مثال واقعي على ذلك يعود إلى سنوات خلت عندما تولى مضيف طيران فوق اليونان، كان طيارًا طالبًا أيضًا، زمام التحكم في قمرة قيادة طائرة 737، بعدما أصيب باقي أفراد الطاقم والركاب بالعجز بسبب الضغط. نفذ الوقود من الطائرة وتحطمت"، ومشيرًا بذلك إلى تحطّم طائرة هيليوس إيرويز الرحلة 522 عام 2005، التي قضى فيها كل من كانوا على متنها وعددهم 121 شخصًا.

بقي مضيف الرحلة، أندرياس برودرومو، واعيًا لأنه استخدم علبة أكسجين محمولة، بيد أنه لم يتمكن من الوصول إلى قمرة القيادة إلا قبل دقائق من اشتعال المحركات.

وأوضح أن السيناريو الأكثر ملاءمة عندما تكون فيه الطائرة مهيئة بالفعل للهبوط وتقابل المدرج، وليس على ارتفاع التحليق.

ولفت سميث إلى أنّ المعوقات ما زالت كبيرة، لكن النتائج قد تختلف من شخص لآخر ومن طائرة لأخرى".

هل التحلي بالثقة في النفس يساعد؟

هل في وسع أي كان الهبوط بالطائرة عند الطوارئ؟
Credit: ERIC PIERMONT/AFP via Getty Images

ماذا عن برامج محاكاة الطيران، مثل برنامج Microsoft Flight Simulator الشهير؟ قال سميث إن في وسعها منحك ميزة ما.

وتابع أنّه "ربّما يتمكّن هاوٍ ماهر من إنقاذ الموقف. لكن حتى أكثر ألعاب المحاكاة تقدّمًا ليست واقعية تمامًا. فالشيطان يكمن في التفاصيل، إذ هناك مفاتيح، وتسلسلات، وأنظمة مراوغات لا تراها حقًا، لكن يمكنها إحداث فرق لجهة الحياة أو الموت في السيناريوهات التي سبق وأشرنا إليها".

ولفت إلى أنه من الصعب القول إذا كانت هذه البرامج ترفع فرص النجاة، لكنها بالتأكيد يمكن أن تزيد ثقة المرء بنفسه.

فقد أظهرت دراسة نفسية أجرتها جامعة وايكاتو في نيوزيلندا، أن مجرد مشاهدة مقطع فيديو مدته أربع دقائق على يوتيوب لطيارَين يقومان بهبوط اضطراري في منطقة جبلية، يشعر الناس فجأة بأنهم أكثر استعدادًا للقيام بذلك بمفردهم.

وقالت كايلا جوردان، المشاركة بتأليف الدراسة، إنّه "رغم إخبارنا بأنهم يعلمون أنّ الهبوط بالطائرة يتطلب قدرًا كبيرًا من الخبرة، إلا أن الأشخاص الذين شاهدوا الفيديو كانوا أكثر ثقة بقدرتهم على الهبوط بالطائرة من دون أن يموتوا بنسبة 28.6٪، مقارنة مع الأشخاص الذين لم يشاهدوه".

وأوضحت أنّ مرد ذلك إلى حقيقة أنه عندما يتعلم المبتدئون القليل عن مهمة معقدة، كما شرحت جوردان، فإن ثقتهم بأدائهم تزداد بسرعة، وهي ظاهرة تُعرف باسم تأثير دانينغ كروغر.

وبيّنت الدراسة أّن هذا التحيز بالثقة في النفس أسوأ لدى الرجال منه لدى النساء.

وقال جوردان: "سواء شاهدوا الفيديو أم لا، وجدنا أنّ الرجال تمتعوا بثقة أكبر لجهة أنّ لديهم القدرة على الهبوط بالطائرة من النساء بنحو 12٪". وخلصت إلى أنّ "هذه النتيجة تتماشى مع العمل الحالي الذي وجد أن الرجال أميل كي يكونوا أكثر ثقة بمعارفهم وقدراتهم من النساء، حتى في بيئة عالية المخاطر، مثل الجري التنافسي أو الغوص".