دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- كانت جزيرة "سنتوسا" تُعرف باسم "بولاو بلاكانغ ماتي". ويُترجم البعض هذا الإسم إلى "جزيرة الويل"، لكن الترجمة الأكثر استخدامًا هي "الجزيرة التي يكمن وراءها الموت".
ويأتي اسم الجزيرة الحالي، أي "سنتوسا"، من الكلمة التي تعني "السلام والهدوء" بلغة الملايو.
وتمتلئ الجزيرة بالحدائق الترفيهية، والشواطئ، والمنتجعات الفاخرة، وغيرها من وسائل الترفيه، وهي الجزيرة الرئيسية في سنغافورة لقضاء العطلات، كما أنها واحدة من أكثر الوجهات شعبيةً في المدينة للسيّاح الدوليين، ولكن كيف بدأ كل شيء؟
وقبل 50 عامًا، في سبتمبر/أيلول بالتحديد، شكّلت سنغافورة شركة "سنتوسا" للتطوير (SDC)، وكان هدفها تحويل جزيرة ريفيّة وغير مأهولة غالبًا إلى ملعبٍ حضري.
أثر بريطاني
وكانت هناك 4 قُرى أساسية في الجزيرة التي تكوّن سكانها من مزيج يتضمن الصينيين، والماليزيين، والـ"بوجيس"، وهم أفراد من جزيرة "سولاويزي" الإندونيسية.
وفي عام 1819، وصل السير ستامفورد رافلز إلى ما أصبح الآن "مدينة الأسد". وترك السياسي البريطاني بصمة لا تُمحى في سنغافورة، ومناطق عديدة أيضًا في شرق آسيا، إذ أنه استكشفها، وكتب عنها خلال شغله مناصب دبلوماسية هناك.
وبدأ البريطانيون في بناء الحصون حول سنغافورة في النصف الثاني من القرن الـ19.
وتواجدت 5 منها في "سنتوسا"، ومنها "Fort Serapong"، و"Fort Connaught"، و"Imbiah Battery".
جزيرة في سنغافورة
ويوازي الكثير من تاريخ "سنتوسا" تاريخ سنغافورة.
وفي عام 1965، أعلنت سنغافورة استقلالها عن ماليزيا رسميًا.
ومع نمو التجارة والصناعة في سنغافورة، بقيت جزيرة "سنتوسا" ريفيَة، وغير مأهولة على الأغلب، وغادرها غالبية السكان في السبعينيات، واستقروا في سنغافورة مجددًا.
وجاءت التغييرات بسرعة، وبشكلٍ كبير.
وفي سبعينيات القرن الماضي، كان بإمكان زوّار الجزيرة ركوب "التلفريك"، ولكن في غضون عِقد، أصبح هناك أيضًا "ترام" الأمر الذي سهّل التنقل من مكان إلى آخر، كما كُشِف النقاب عن جسر "سنتوسا" الذي يربط الجزيرتين في عام 1992.
وظهرت واختفت مناطق الجذب السياحي مع تغيّر الصيحات الشعبيّة.
وكان من المُقرر افتتاح أكبر حوض مائي في آسيا آنذاك، أي "Underwater World"، في عام 1989، ولكن لم يحدث ذلك حتّى عام 1991.
وتراجعت أعداد الزوار إليه على مرّ الأعوام، ما أدى إلى إغلاق الحوض في عام 2016.
كما أصبحت "القرية الآسيوية"، التي احتضنت "قُرى" مختلفة تمثّل ماليزيا، وتايلاند، والفلبين، ودول آسيوية أخرى، بالإضافة إلى بعض الألعاب، من مخلّفات الماضي أيضًا، فتم إغلاقها في عام 2000.
وكان فندق "أبولو" أول مرفق لإقامة السيّاح في الجزيرة، وتم افتتاحه عام 1978، وأُغلق في عام 1986.
وقال المدير الإداري لشركة الاستشارات السياحية الدولية "MasterCounsult"، كريستوفر كو، لقناة "News Asia": "مع استمرار السياحة، تزداد التوقعات، (وعلينا) إفساح المجال لشيء جديد".
وأوضح كو أن السياح في هذه الأيام يهتمون بالتجارب أكثر من اهتمامهم بالمعالم.
وخلقت الحرارة والرطوبة المستمرة في المدينة أيضًا سوقًا للأنشطة الليلية، ولذلك تُعد الإبداعات الرقمية، وعروض الضوء مُدرجة في قائمة الإضافات الممكنة.
ورُغم أن أيامها العسكرية ولّت منذ فترة طويلة، إلا أن جزيرة "سنتوسا" ظهرت بشكلٍ مفاجئ على الخريطة السياسية في عام 2018 عندما قابل رئيس الولايات المتحدة آنذاك، دونالد ترامب، الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون في منتجع "كابيلا".
وشكّلت إعادة السكان الدائمين إلى الجزيرة إحدى التغيرات الكبيرة.
ومع ذلك، إلا أن سكان "سنتوسا" الحاليين لا يُشبهون المجتمعات التي عاشت في "بولاو بلاكانغ ماتي".
ويُعد "سنتوسا كوف" على الساحل الشرقي للجزيرة بمثابة المجتمع الفاخر الوحيد المسوّر في سنغافورة.
وفي مكان يعيش فيه الكثير من الناس في مساحات ضيقة، سرعان ما أصبح المكان من أكثر العقارات المرغوبة في البلاد.
ما القادم؟
وتُفكّر سنغافورة، التي تبحث دائمًا عن فرص تطوير جديدة، خارج نطاق "سنتوسا".
ومن المرجّح أن تتحوّل "بالاو براني" إلى "سنتوسا" الجديدة، وهي عبارة عن قاعدة بحرية سابقة بين سنغافورة و"سنتوسا".
ومثل أي مشروع كبير آخر للبنية التحتية على هذا الكوكب، أخّرت جائحة "كوفيد-19" المشروع، ولكن تم استئنافه مع إلغاء سنغافورة للقيود، واعتمادها استراتيجية "التعايش مع الفيروس".
وستعمل الخطة الطموحة على تطوير الجزيرتين وتحويلهما إلى عرض سياحي واحد كبير، وتقسيمهما إلى 5 أجزاء تتضمّن واجهة بحرية، وشاطئية، ومجمّع حاضن لمناطق الجذب.
كما تهدف الخطة أيضًا إلى توسيع المسارات الطبيعية، والتراث، وإضفاء لمسة جمالية على الشواطئ.
ومن المقرّر افتتاح أول مبادرة رئيسية، وهي عبارة عن "ممر حسّي" يتكوّن من طابقين، في العام المقبل.
ويربط الممر بين الأجزاء الشمالية والجنوبية في جزيرة "سنتوسا".