دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تتكشف لوحة طبيعية غنية بالألوان في كابادوكيا مثل سجادة ضخمة منسوجة يدويًا.
وتشتهر كابادوكيا، التي تقع وسط تركيا، بمداخنها الخيالية غريبة الأطوار، فضلاً عن الكنائس والأديرة الصخرية.
وتزخر المنطقة بالمجتمعات الزراعية السابقة، إلى مساكن ومباني خارجية منحوتة من الحجر، حيث يعيش الناس العاديون بجوار الرهبان.
ونحتت المسارات تدفقات الحمم البركانية القديمة من ثلاثة براكين خامدة الآن.
وعندما برد الرماد البركاني، خلّف صخورًا مسامية ناعمة تسمى التوفا، تآكلت على مدى آلاف السنين وتشكّلت بفعل المياه والرياح.
وحتى الخمسينيات من القرن الماضي، عاش معظم السكان في هذه التكوينات الصخرية السريالية، وهو تقليد يعود تاريخه إلى قرون.
وهي الآن واحدة من أكثر مناطق الجذب السياحي لفتًا للانتباه في تركيا، وغالبًا ما تُشاهد من الجو بواسطة عدد هائل من مناطيد الهواء الساخن التي تملأ السماء.
ولكن، وفقًا للسكان المحليين، فإن الطريقة الحقيقية لتقدير هذه المنطقة تتمثّل بالسير على الأقدام.
وفيما يلي بعض أفضل الخيارات لاستكشاف كابادوكيا:
متحف زيلف في الهواء الطلق
يوفر هذا الكنز الأثري الدفين فرصة لتجربة مستوطنة ريفية نموذجية، تشمل إلقاء نظرة داخل المنازل القديمة، والإسطبلات، والكنائس، والغرف الرهبانية المنحوتة من المداخن الخيالية، والوجوه الصخرية.
هنا يمكن تخيّل شكل مداخن كابادوكيا الخيالية عندما كانت المسيحية الأرثوذكسية في أوجها، خلال الحقبة البيزنطية بالعصور الوسطى.
وإسوة بمعظم الكهوف المأهولة في كابادوكيا، أعيد استخدام المساحات ونحتها.
والآن يعد المتحف بمثابة نموذج لحضارة منحوتة في الصخر محفوظة من العصور المسيحية المبكرة وصولًا إلى الجمهورية التركية المعاصرة.
وهذه المسارات المحددة بوضوح تجعل من السهل التجول في "زيلف"، وتعطي فكرة عما يُحتمل أن تصادفه في أماكن أخرى من الوديان.
من قرية Çavuşin إلى وادي Kızılçukur
تنطلق مسارات عدة من Çavuşin، القرية التي كانت ذات يوم موطنًا لمزيج من المسلمين الأتراك، والمسيحيين الأرثوذكس اليونانيين الذين عُرفوا باسم الروم.
وهنا، تعد كنيسة يوحنا المعمدان الضخمة، التي يعود تاريخها إلى القرن الخامس، أكبر كنيسة كهفية في المنطقة.
يجب أن يتوجه المتنزهون عبر القرية إلى المقبرة، حيث يؤدي المسار إلى وادي Kızılçukur.
هناك العديد من الكنائس القديمة على طول الطريق.
وفي وادي Kızılçukur (الوادي الأحمر)، تبرز المداخن الخيالية ذات اللون الوردي نهارًا، فيما تتخذ لونًا أحمر جميلًا عند غروب الشمس، بسبب خام الحديد في الصخور.
ومن الممكن أن تتبع المسار بنفسك، ولكن يصعب العثور على العديد من الكنائس التي عادة ما تكون مغلقة، لذا فإن مرافقة مرشد يتحدث التركية ويعرف من يسأل بالجوار، يجعل التجربة أكثر ثراءً.
رحلات برفقة مرشدين
أحد هؤلاء المرشدين هو محمد غونغور، الذي يدير منذ عام 1998، تجارب Walking Mehmet، في بلدة Göreme الصغيرة، حيث لا يزال يعيش في منزل منحوت جزئياً من الصخر.
وقد بدأ الأمر معه بالصدفة، ويقول: "ذات يوم التقيت بزوجين (من السياح) ومشينا لبضع ساعات. وفي النهاية أعطوني بقشيشًا. ثم قررت أن أصبح مرشدًا".
ومنذ ذلك الحين، يتبادل غونغور المعرفة حول مواقعه المفضلة.
وعلى مدى السنوات الـ25 الماضية، شاهد السكان المحليين ينتقلون من مجال الزراعة إلى السياحة.
وبعد تطهيرها من المضافات الزراعية، تغيرت المناظر الطبيعية، مع عودة ظهور أنواع من النباتات والحيوانات يعتقد منذ فترة طويلة أنها اختفت.
وفي الربيع، تتفتح زهرة قزحية جالاتيكا النادرة.
وتتشكل بتلات هذه الأزهار، ذات اللون الأزرق الداكن أو الأرجواني، من شقوق ضيقة.
ويعرف غونغور مكان العثور عليها، إلى جانب الهليون البري، وبساتين الفاكهة، والزعتر.
وإذا كنت محظوظًا، فقد تكتشف بمفردك سلحفاة تختبئ تحت الشجيرات، أو نسرًا يحوم في السماء.
ولكن برفقة غونغور، ستتسنّى للزوار رؤية كنائس وأديرة تعود للقرن الخامس والسادس والسابع، التي لن يتمكنوا من العثور عليها بمفردهم.
يقوم غونغور بتجارب المشي لمسافات طويلة ليلاً مع اكتمال القمر، ما يمنح الزائر أفضل إضاءة لتصوير الوديان، أو تلك المناسبة خلال الأيام الحارة.
وبالنسبة لغونغور، توجيه السياح عبر الوديان يعد أكثر من مجرد وظيفة.
ويقول: "كابادوكيا لا مثيل لها في أي مكان آخر، إنها مليئة بالطاقة الإيجابية، وأثناء المشي أشعر وكأني أتّحد مع الطبيعة".
رحلات ركوب الخيل
وبالنسبة لأولئك الذين لا يريدون المشي، ثمة جولات على ظهر الخيول، ولطالما عُرفت كابادوكيا بأنها "أرض الخيول البرية" نسبة إلى الحيوانات التي تتجول بحرّية، والتي تعرف باسم يلكي.
وكانت الخيول العاملة في المزارع تُفقد خلال الشتاء عندما ينتهي الحصاد، إذ تنطلق لتتجول كما تشاء.
وفي الربيع، تعود للعمل مرة أخرى، لكن بمجرد استبدال الجرارات الزراعية لها بشكل دائم، تُركت الخيل لتتدبّر أمورها.
أما الخيول لدى شركة Cemal Ranch فليست برية، ويتم الاعتناء بها جيدًا على مدار السنة.
ولد جمال كوكسال وترعرع في بلدة أورطة حصار المجاورة، وهو شغوف بالأعمال التجارية التي أسسها قبل 15 عامًا مع شقيقه ووالده الذي يربي الخيول.
ويقول: "إن الهدوء والطبيعة لركوب الخيل في مثل هذا المشهد الفريد والرائع على حصاني المفضل، يساعدني على إبقائي قريبًا من الطبيعة وقريبًا من جذور عائلتي في تربية الخيول".
وتدير Cemal Ranch جولات جماعية صغيرة مختلفة (بحد أقصى 14 شخصًا) مناسبة للمبتدئين، وحتى الأطفال، وصولاً إلى الفرسان الأكثر خبرة.
ويحصل كل فرد على جلسة تدريبية قصيرة قبل أي جولة، ويكون ارتداء الخوذة إلزاميًا.
يحصل المشاركون في الجولات الطويلة على عينات من الطعام المطبوخ من قبل والدة كوكسال.
وتتميز رحلات ركوب الخيل بمنظر غروب الشمس وسط الوديان الوردية والحمراء في كابادوكيا.
ويقول كوكسال: "إن النظر إلى جميع الوديان المذهلة أثناء تغيّر ألوانها مع إضاءة غروب الشمس تعتبر تجربة ساحرة".
ويضيف: "أشعر بالسعادة على ظهر حصان وسط وديان كابادوكيا الجميلة، حيث الحرية المطلقة والسكينة".