دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- للوهلة الأولى، عند سماع قصة هذا الثنائي، وهما طبيبان بيطريان يجوبان العالم برفقة كلبتهما على متن سيارة إسعاف، قد تظن أنها حبكة لفيلم ما.
لكنها حقيقة واقعة للثنائي البريطاني، لورانس دودي وراشيل نيكسون، وهما يخوضان منذ حوالي عام رحلة عالمية عبر أكثر من 50 دولة، في محاولة لتسجيل رقم قياسي جديد، بموسوعة غينيس للأرقام القياسية، لأطول رحلة على متن سيارة إسعاف.
وجذب الثنائي، عندما انطلقا في رحلتهما بتاريخ أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، قدرًا كبيرًا من الاهتمام أثناء انتقالهما من بلد إلى آخر على متن سيارة إسعاف، وهي من طراز Land Rover Defender بيضاء بخطوط صفراء وخضراء فاتحة، وكانت تُستخدم سابقًا خلال فعاليات سباقات الخيول.
وأوضح دودي أنه لم يُطلب منهما من قبل التوقف للحصول على مساعدة طبية، مشيرًا إلى أن سيارة الإسعاف التي يستقلانها لا تشبه في الواقع سيارات الطوارئ المستخدمة في أي من الوجهات التي قاما بالمرور بها.
ومع ذلك، واجه الثنائي الكثير من النظرات المحدقة بهما، خاصة وقت الازدحام المروري، إذ قالا: "الجميع ينظر إلينا".
تحدي سيارة الإسعاف
وكان الطبيبان البيطريان دودي ونيكسون، يبحثان عن سيارة لتحويلها إلى عربة نقل للسفر حول العالم فيها، عندما عثرت نيكسون بالصدفة على سيارة إسعاف، معروضة للبيع عبر موقع eBay في عام 2018.
ويشرح دودي: "لم تكن الخطة الأولية شراء سيارة إسعاف، أو محاولة تسجيل رقم قياسي عالمي، أو أي شيء من هذا القبيل"، موضحًا: "كنا نبحث عن سيارة عملية للسفر فيها، ووقعنا في حب سيارة الإسعاف وجمالياتها".
وبعد أن قاما بشراء السيارة، التي كانت لا تزال تحتوي على جميع تجهيزات وتركيبات سيارة الإسعاف بالداخل مع نقّالة، صادفت نيكسون مقالًا عن مجموعة تحاول تسجيل الرقم القياسي لأطول مسافة تنقل على متن شاحنة إطفاء.
وعندما اكتشفت نيكسون أنه لم يحاول أحد تسجيل مثل هذا الرقم القياسي رسميًا بسيارة إسعاف، تواصل الزوجان مع موسوعة غينيس للأرقام القياسية للسؤال عما إذا كان بإمكانهما المحاولة.
وقيل لنيكسون ودودي إنهما بحاجة إلى تلبية قائمة المواصفات، مثل ضمان احتفاظ السيارة بالقدرة على العمل كسيارة إسعاف، رغم عدم استخدامها كسيارة إسعاف، مع المحافظة على شكلها الخارجي كسيارة إسعاف.
وأخذ الثنائي هذه الموصفات في الحسبان أثناء عملهما على التصميم الداخلي للسيارة، وتمكنا من الالتزام بالإرشادات مع توفير مساحة لفرن وثلاجة، وجميع العناصر الأخرى التي تتوفر بعربة التخييم.
ورغم أنهما قد أكملا بالفعل الحد الأدنى للمسافة البالغة 20 ألف كيلومتر المحددة في البداية من قبل موسوعة غينيس للأرقام القياسية، إلا أن الثنائي قرّر "مواصلة الرحلة لتسجيل أعلى مسافة ممكنة".
ويصطحب الثنائي معهما كلبتهما من سلسلة الكلب الوثاب "سبرنجر"، وتُدعى بيجي سو، والتي تملك جواز سفر أوروبي للحيوانات الأليفة، بالإضافة إلى التطعيم اللازم ضد داء الكلب، وفحص الدم المطلوب للحيوانات للسفر داخل أوروبا، ويقول الزوجان إنها كانت "تعيش أفضل مراحل حياتها" خلال فترة وجودهما على الطريق.
ويُوضح دودي: "قد تكون في العاشرة من عمرها، لكنها تعتقد أن عمرها عامين، يمكنها التنزه طوال اليوم، وإذا احتاجت إلى الجلوس في العربة طوال اليوم، يمكنها القيام بذلك".
ورغم اضطرارهما إلى تخطي بعض الأنشطة التي لا يُسمح فيها بالكلاب، ودخولهما بعض البلدان الأقل صداقة للكلاب، لم يشعر دودي ونيكسون بالندم على الإطلاق بشأن اصطحاب بيجي سو معهما.
وفي البداية، خطط دودي ونيكسون، وهما كانا يشاركان مقتطفات من رحلاتهما عبر مدونتهما على الإنترنت، بأن تكون الرحلة "طوافًا عالميًا حقيقيًا"، تشمل السفر عبر آسيا الوسطى إلى روسيا قبل شحن سيارة الإسعاف إلى أمريكا الشمالية.
ومع ذلك ، نظرًا لعوامل مختلفة، مثل الحرب في أوكرانيا، والصراع بين أذربيجان وأرمينيا، والاحتجاجات على مستوى البلاد التي تحدث في إيران، وحقيقة أن بعض الحدود في آسيا الوسطى لا تزال مغلقة بسبب قيود "كوفيد-19"، أُجبر الثنائي على تغيير مسارهما.
ويخطط الزوجان للعودة إلى المملكة المتحدة في أوائل العام المقبل، قبل شحن سيارة الإسعاف إلى مدينة هاليفاكس في كندا، وقيادة الطريق السريع للبلدان الأمريكية، الذي يُعد أطول طريق قابل للقيادة في العالم، إلى قاع الأرجنتين.
وستكون وجهتهما النهائية إلى نادي "ليفربول"، وهو فريق كرة قدم مقره مدينة مونتيفيديو بأوروغواي، والذي يحمل اسم الفريق الإنجليزي الشهير بمسقط رأسهما في المملكة المتحدة.
ورغم أنّ الثنائي خطط في الأصل لقضاء عامين في إكمال التحدي، إلا أنهما مدّدا ذلك لفترة تتراوح بين ستة و12 شهرًا آخرًا.
وكان الثنائي يجمعان الأموال لمؤسستين خيريتين، هما "أنتوني نولان"، وهي مؤسسة خيرية بريطانية تربط الأشخاص المصابين بسرطان الدم بالمتبرعين المتطوعين، ومؤسسة خيرية مستقلة أخرى هي Vet Life، التي تقدم دعمًا عاطفيًا وماديًا لمجتمع الأطباء البيطريين.
ووفقًا لما ذكرته دراسة أجرتها شركة Merck Animal Health في عام 2020، بالشراكة مع الجمعية الأمريكية للطب البيطري، فإن الأطباء البيطريين أكثر عرضة بمعدل 2.7 مرة للوفاة بالانتحار مقارنة بأفراد عامة الناس.
ويقول دودي ونيكسون إن كلاهما فقدا زملاء وأصدقاء في المجال بسبب الانتحار، وهما حريصان على زيادة الوعي بهذه القضية.
ورغم اكتشفاهما بعض المواقع الرائعة، بما في ذلك أعلى القمم في كوسوفو، والجبل الأسود، وأرمينيا، إلا أنهما يؤكدان أن الأشخاص الذين التقيا بهم على طول الطريق والتجارب التي مرّا بها كانت الجزء الأبرز من الرحلة.