دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- للوهلة الأولى، تبدو هذه الصور وكأنها من سطح المريخ. ولكنها في الواقع، التُقطت على كوكب الأرض، وتحديدًا في قلب الصحراء الجزائرية.
وفي سلسلة تحمل عنوان "Space to Roam" أي "مساحة للتجول"، يسعى المصور الأمريكي أندرو ستودر إلى تسليط الضوء على المناظر الطبيعية هنا على كوكب الأرض، التي تبدو وكأنها من "عالم آخر".
ومن مناظر تشبه سطح الكوكب الأحمر في الصحراء الجزائرية، إلى قناديل البحر الشبيهة بالكائنات الفضائية، يجوب ستودر العالم بحثًا عن الأماكن والكائنات التي تجعله يشعر وكأنها من كوكب آخر.
وفي السلسلة، يمكن مشاهدة شخصية رائد فضاء يحاول استكشاف طبيعة هذا العالم الآخر من حوله.
ويشرح ستودر لموقع CNN بالعربية قائلاً: "بينما تعرض كل صورة من السلسلة رائد فضاء يستكشف العالم من حوله، ينصب التركيز على هذه الأماكن الفريدة من نوعها، بدلاً من رائد الفضاء".
أما عن مصدر الإلهام لهذه السلسلة، فيستمده ستودر من شغفه بكوكب الأرض، ويقول: "أشعر أن الكثير من الناس لا يدركون تمامًا مدى خصوصية كوكبنا، وكيف لا يزال هناك الكثير لحمايته".
ويتابع: "كطفل، نشأت وأنا أرسم المناظر الطبيعية المستوحاة من الكتب وأفلام الخيال العلمي. ومع تقدمي في العمر، بدأت أدرك أن الأماكن التي أحلم بها كانت في الواقع حقيقية، ولا تقتصر على وحي خيال المؤلفين".
وعن كيفية اختياره المواقع في السلسلة، يشير ستودر إلى عاملين يجب الالتزام بهما. الأول، يجب ألا تحتوي الصور على معالم أيقونية، إذ يهدف ستودر إلى التركيز على توثيق الأماكن الأقل شهرة لإثارة تساؤل المشاهد عما إذا كانت هذه الصور حقيقية.
أما الثاني، يجب أن تتوسط الشخصية التي ترتدي بدلة رائد الفضاء هذه المناظر الطبيعية بالفعل، من دون الحاجة إلى إضافتها في الصورة باستخدام وسائل التعديل الرقمي.
وحتى الآن، قام ستودر بتصوير مشاهد السلسلة في كل من إيران، وكندا، وجزيرة جورجيا الجنوبية، والقارة القطبية الجنوبية، وأيسلندا، والجزائر، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
أما عن شخصية رائد الفضاء، فيشير ستودر إلى أن العديد من متابعيه يعتقدون لسبب ما أنه هو من يرتدي بدلة رائد الفضاء. ولكن في الواقع، يرافق ستودر في رحلاته لتصوير السلسلة مجموعة من أصدقائه، الذين يشاركونه الشغف ذاته بالهدف من وراء السلسلة، ويتطوعون لارتداء بدلة رائد الفضاء خلال عملية التصوير.
ويقول: "أنا ممتن للغاية لكل واحد منهم لإيمانه بالمشروع والموافقة على ارتداء بدلة الفضاء، رغم كونها غير مريحة بشكل لا يصدق".
وفي أعماق الصحراء الجزائرية، حيث يمكن رؤية تكوينات صخرية فريدة من نوعها على امتداد العين ترتفع عالياً فوق رمال الصحراء وتجعلك تشعر وكأنها قطعة من المريخ حطت على الأرض، وثق ستودر بعضًا من أبرز الصور في السلسلة، حسبما ذكره.
ومن وجهة نظر ستودر، تُعد السياحة في الجزائر نادرة، لذلك لا يدرك الكثيرون حول العالم مدى جمال هذه المنطقة، على حد تعبيره.
ويتذكر ستودر: "كان من الصعب العثور على معلومات حول المنطقة عبر الإنترنت، ومنذ اللحظة التي صادفت فيها هذه المناظر الطبيعية على طول الحدود الجزائرية مع ليبيا، أدركت أن السلسلة لن تكتمل من دونها".
ورغم مخاوف تتعلق بالسلامة، سرعان ما أصبح ستودر مهووسًا بفكرة الذهاب إلى الجزائر، وانتهى به الأمر باصطحاب صديقه نيلز من هولندا، والذي لم يكن بحاجة إلى الكثير من الإقناع للانضمام إليه.
ورغم أنه أمضى وقتًا ممتعًا بالصحراء، وتلقى عونًا من السكان المحليين، أي الشعب الأمازيغي أو "الطوارق"، إلا أن توثيق هذا الجزء من السلسلة في الجزائر لم يخل من التحديات.
وبالإضافة إلى مصادرة معدات التصوير الفوتوغرافي الخاصة به فور وصوله إلى الجزائر، والتي تمكن من استعادتها لاحقًا، واجه ستودر صعوبة في التواصل مع نيلز، الذي تولى مهمة ارتداء بدلة الفضاء خلال جلسة التصوير.
وكما في لقطاته السابقة بالسلسلة، يحتاج ستودر إلى طريقة للتواصل مع شخصية رائد الفضاء، التي تقف بعيدًا عنه بعدد من الأمتار، لتوجيهها خلال عملية التصوير.
ولعلاج هذا الأمر، استعان ستودر بتأدية حركات معينة والتي تشير إلى طريقة تمركز ووقوف معينة.
ويتذكر ستودر: "نظرًا لأن العديد من الصور تتطلب أن أقف بعيدًا عن نيلز، فإن الإشارات التي صممتها غالبًا ما تضمنت حركات مبالغ فيها مثل القفز، والتلويح بذراعي وساقي، حتى يتمكن نيلز من ملاحظتها".
ويضيف: "أنا متأكد من أن الطوارق وجدوا هذه الحركات مثيرة للضحك".
أما التحدي الأخر فكان التعامل مع درجات الحرارة الشديدة في الصحراء، وبالنسبة لما ذكره نيلز الذي كان يرتدي بدلة الفضاء، فقد كانت تجربة صعبة للغاية.
مع ذلك، كان نيلز قادرًا على التحلي بموقف إيجابي طوال عملية التصوير.
ومنذ مشاركته هذا الجزء من السلسلة عن الصحراء الجزائرية عبر حسابه على "انستغرام"، تلقى ستودر ردود أفعال داعمة بشكل لا يصدق من قبل الجزائريين، والذي ساعدوا على انتشار سلسة "Space to Roam" عبر الإنترنت.
ويقول ستودر: "لقد كان من الرائع حقًا أن نرى مدى فخرهم بجمال طبيعة بلادهم".
ويسعى ستودر إلى استكشاف مواقع مماثلة في منطقة الشرق الأوسط، ومواصلة سلسلة "Space to Roam".