دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- عندما كانت غلوريا فيلا طفلة صغيرة، كانت الطائرات بمثابة منزل ثان لها.
فيلا، وهي ابنة مضيفة طيران وطيّار التقيا خلال عملهما لدى الخطوط الجوية النمساوية، وغالبًا ما كانت ترافق والديها خلال رحلات عملهما.
والتُقطت صورًا لها وهي تلعب بسعادة على مقعد الطائرة، حيث احتلت الطائرات جزءا من بعض ذكرياتها المبكرة، إذ كانت تحب كل دقيقة تقضيها في الجو.
وقالت فيلا لـCNN: "كنت دائمًا متحمسة. لا أستطيع تذكّر أي مرة شعرت فيها بالخوف على متن طائرة".
وعندما لم يكن والد فيلا يقوم برحلات تجارية، كان يصطحب ابنته في رحلات ممتعة على متن طائرة خاصة.
وتتذكر فيلا قائلة: "كان دائمًا يأخذني معه. ولطالما طلبت منه القيام ببعض الحركات الاستعراضية بالطائرة، لأنني أحببتها كثيرًا، وكانت أفضل شيء على الإطلاق"
صورة الطفولة
وهناك صورة لفيلا الصغيرة تجسّد شغفها بالطيران في طفولتها، والتُقطت في عام 1999، عندما كان تبلغ من العمر عامين فقط، أثناء إجازة في جزر المالديف.
وتقف فيلا وهي ترتدي فستانًا باللونين الأزرق والأبيض، وتجّر حقيبة أطفال صفراء على شكل شخصية الدب "ويني ذا بوه". وفي الخلفية، تظهر طائرة من طراز "إيرباص" A340.
والتُقطت هذه الصورة قبل لحظات من صعود فيلا وعائلتها على متن الطائرة للعودة إلى فيينا، النمسا.
وقالت فيلا: "إنها إحدى الصور العائلية المفضلة لدينا".
والآن، كلما تتذكر فيلا، البالغة من العمر 26 عامًا، حبها للطيران، تتبادر هذه الصورة إلى ذهنها.
ونظرًا لأنها كانت صغيرة جدًا خلال هذه الإجازة في جزر المالديف، فإنها لا تتذكر اللحظة الفعلية لالتقاط الصورة.
مع ذلك، أوضحت إنها تتذكر أجزاءً من هذه الرحلة، إذ قالت: "لدي ذكريات رائعة حقًا عن هذه الرحلة، رغم أنني كنت صغيرة".
وعندما تخرجت فيلا من الكلية، حصلت على وظيفة في أحد البنوك بالنمسا.
ولطالما رغبت فيلا بالعمل في مجال الطيران، ولكن مع تقدمها في العمر، بدأت تتساءل عما إذا كان هذا مجرد حلم ورثته عن والديها.
وقررت فيلا أنه من المهم للغاية محاولة العمل في مجال آخر أولاً، للتأكد من حقيقة مشاعرها تجاه الطيران، على حد تعبيرها.
ولكن بعد عام ونصف، قالت: "حسنًا، حُسم الأمر، سأستقيل من وظيفتي في المكتب. وسأذهب أخيرًا لما أحبه حقًا". وتتذكر فيلا: "حينها قررت أن أصبح مضيفة طيران".
وظيفة الأحلام
وقُبلت فيلا كمضيفة طيران لدى الخطوط الجوية النمساوية في عام 2022، وقد أحبت الوظيفة على الفور.
وكان العمل على ارتفاع 30 ألف قدم يبدو ملائمًا تمامًا لها. وفي كل يوم عندما تذهب إلى العمل، تشعر بأنها محظوظة.
وأشارت فيلا إلى أن "الطائرات كانت أكثر الأشياء حضوراً في حياتي - والطيران بشكل عام. وحتى يومنا هذا، أحبه حقًا - وهذا ما يجعل عملي، بالنسبة لي، خاصًا للغاية".
وتحب فيلا أيضًا مقابلة الركاب من جميع أنحاء العالم، وأفراد الطاقم المتشابهين في التفكير.
الصورة المعاد إنشاؤها
وكلما صعدت فيلا على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية النمساوية، باللونين الأبيض والأحمر، وجدت نفسها تفكر في صورة الطفولة تلك.
وبعد ذلك، أي بعد بضعة أشهر من العمل، خطرت لفيلا فكرة إعادة إنشاء الصورة، بعد أكثر من 20 عامًا، بمساعدة زملائها في الطاقم.
وفي نهاية مناوبة ذات يوم، عرضت فيلا الصورة على عدد من زملائها، وسألتهم عما إذا كانوا سيساعدونها في التقاط نسخة لعام 2022.
وهذه المرة، تظهر فيلا وهي ترتدي بفخر زي طاقم الضيافة الأحمر للخطوط الجوية النمساوية، وتجر حقيبة سفر ذات لون غامق، وفي الخلفية، طائرة من طراز "إيرباص" A320، وليس A340، متوقفة في مطار فيينا.
وقامت فيلا بإرسال الصورة المعاد إنشاؤها إلى عائلتها، التي أبدت إعجابها بها. وكان والداها قد قاما بتشجيعها على قرار دخولها عالم الطيران، وشعرا بسعادة غامرة بالنسخة الحديثة لإحدى الصور المفضلة لابنتهما.
تحقيق الحلم
وخلال الأشهر التي تلت ذلك، عرضت فيلا الصورتين - الأصلية والمعاد إنشاؤها - على أفراد الطاقم أثناء توقف الرحلات الجوية.
وعرضت فيلا الصورتين على زملائها في الخطوط الجوية النمساوية، والتي تمت مشاركتهما فيما بعد على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بشركة الطيران.
وتحمل الصورتان بالنسبة إلى فيلا رسالة عامة وعالمية أيضًا حول أهمية البقاء على اتصال مع الذات في مرحلة الطفولة، وأن يكون الشخص شجاعًا بما يكفي للسعي وراء أحلام الطفولة، حتى عند الشعور بأنها بعيدة المنال.