دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- "باريس فكرة جيدة دومًا". بهذه العبارة حاولت أودري هيبورن إقناع همفري بوغارت في فيلم "سابرينا" عام 1954. لم يكن مقتنعًا، لكن بالنسبة لمعظمنا، العيش في باريس حلم تحقيقه ممكنًا.
وتشير السجلات الرسمية إلى أنّ أكثر من 31 ألف أمريكي يعيشون في فرنسا، ونصفهم تقريبًا يعتقدون أن باريس موطنهم، بحسب ما نشرت صحيفة The Local France. فعليًا، هذا الرقم يرتفع إلى عشرة أضعاف، ما أن تضيف إليه الطلاب، والعاملين لفترات قصيرة، والأشخاص غير المسجلين في السفارة.
لطالما كانت باريس نقطة جذب للمبدعين من إرنست همنغواي إلى فيتزجيرالدز وإيزرا باوند وجيرترود شتين وأليس ب. توكلاس. لكن هل الحياة وردية كما تحاول سلسلة نتفليكس"Emily in Paris" إقناعنا بها؟
فرغم حقيقة أن باريس تحتل المرتبة الأولى في قوائم المدن الأغلى للعيش فيها، يمكن أن تكون مسرحًا لاحتجاجات شديدة وأحيانًا عنيفة، كما كان الحال في يونيو/ حزيران، ويوليو/تموز 2023.
إذن، كيف حقق كل هؤلاء حلمهم للعيش في مدينة النور؟ التقت CNN ببعض المهاجرين الأمريكيين الذين ما زالوا يستمتعون بكل دقيقة من حياتهم في باريس.
كاسيا ديتز، مصممة حقائب اليد
انتقلت ديتز من نيويورك إلى باريس عام 2009، مخلّفة وراءها صف اليوغا الذي كانت تعطيه. فزوجها المستقبلي حينها، الإيطالي الجنسية، كان يعيش في باريس. وسهّل جواز سفرها البولندي دخولها إلى فرنسا، حيث حصلت على إقامتها بزواجها من إيطالي.
ورغم عشقها لمدينة الحب، إلا أنّ الانتقال لم يكن سهلاً، كما توضح. وقالت: "مع أكثر من عشر سنوات من خبرة راكمتها كمنتجة طباعة في صناعة الإعلانات التي نمت بسرعة في مدينة نيويورك، اعتقدت أني لن اواجه مشكلة بالعثور على عمل في باريس".
لكن الحقيقة كانت مختلفة. فديتز تفتقر إلى خبرة عمل في باريس والعلاقات.
وتشرح: "عندما لم أتمكن من الحصول حتى على عمل مؤقت، بدأت بكتابة مدونة لأشعر بمزيد من الارتباط بحياتي الجديدة. بموازاة ذلك قررت تحقيق أحلامي في التصميم.. فأطلقت حقائب اليد Kasia Dietz. لم أتمكن بداية من العثور على مصنع محلي، لذلك اشتريت ماكينة خياطة وصنعت نماذجي الخاصة".
الدكتورة مونيك واي ويلز، مؤسِّسة غير ربحية ومشغلة رحلات
من هيوستن، تكساس، زارت ويلز باريس لأول مرة عام 1989 كجزء من رحلة أوروبية مع أخواتها. أثناء وجودها هناك، شعرت بأنها ستعود يومًا ما. بعد ثلاث سنوات، عُرض عليها وظيفة اختصاصية علم الأمراض في شركة أدوية مقرّها باريس. وهذا يعني حصولها على تأشيرتي دخول لها ولزوجها.
وبعد 5 سنوات من الإقامة القانونية أصبحا مؤهلين للحصول على الجنسية الفرنسية.
في وقت لاحق، أنشأت شركتها الاستشارية الخاصة في مجال السلامة قبل السريرية، وبدأت مشروعًا سياحيًا بعنوان "اكتشف باريس!".
عام 2018، غيّرت علامتها التجارية إلى Entrée Black Paris، مع التركيز بشكل خاص على تاريخ المدينة الأمريكي الأفريقي.
وراهنًا، تدير أعمال الرحلات بالإضافة إلى توفير التدريب والإرشاد في مجال السلامة قبل السريرية من خلال مؤسسة Wells International Foundation غير الربحية في الولايات المتحدة.
وشرحت: "بدأت رحلتي كمحترفة سفر وركزت فقط على تاريخ الأمريكيين من أصل أفريقي في باريس، ليس لأن المدينة "تفتقر" لهذا الأمر، لكن لأنني أردت تعلم شيء ما ومشاركته مع المسافرين الأمريكيين من أصل أفريقي"، مضيفة أن الجولات والأنشطة تعرض "التاريخ والثقافة والحياة المعاصرة للشتات الأفريقي الأكبر في باريس".
وأوضحت: "في حين أنّ معظم زبائننا أمريكيون من أصل أفريقي، فقد شهدنا خلال السنوات القليلة الماضية أعدادًا متزايدة من الأمريكيين البيض، والفرنسيين البيض، والأوروبيين البيض والسود من دول أخرى يفيدون من خدماتنا".
بريستون موهر، الساقي
وُلد موهر ونشأ خارج مينيابوليس، وجاء لأول مرة إلى باريس كطالب عام 2003، وعاش هنا الجزء الأكبر من العشرين عامًا الماضية. لكن حلمه الباريسي بدأ قبل ذلك بزمن طويل. فقد "أخبرت والدتي عندما كنت في السابعة من عمري أنني سأنتقل إلى باريس، رغم عدم وجود صلات لي بفرنسا"، على حد قوله.
الهجرة إلى فرنسا ليست سهلة أبدًا وقد تكون البيروقراطية صعبة جدًا، لكن موهر يقول إن هناك دومًا حلولًا. بدأ طريقه بتأشيرة طالب.
بالنسبة لأمريكي، فإنّ الرغبة بأن يصبح ساقيًا في فرنسا لمهمة طموحة للغاية.
وأوضح: "بالتأكيد لم يكن الأمر سهلاً بداية لكن الأمور تغيرت بالفعل في السنوات العشر الماضية". وأشار إلى أنه "عندما بدأ في هذه الصناعة، كنت بالتأكيد واحدًا من عدد قليل من الأجانب الذين يحاولون صنع اسم لأنفسهم. اليوم، أصبحت باريس بسرعة مدينة نبيذ دولية حقيقية، منفتحة جدًا على التغيير والتأثير الخارجي".
وكونه رجلًا مثليًا، فإنه يقدر أيضًا المقاربة الباريسية المنفتحة كي تكون على طبيعتك.
وخلص إلى أن "باريس مكان يمكنك أن تحلم فيه، وتكون على طبيعتك، وتلهمك دومًا لعيش حياة جميلة".
ليندسي تراموتا، مؤلفة
بالنسبة إلى تراموتا، لم يكن استبدال فيلادلفيا بباريس من أجل تحقيق حلم، بقدر ما هو تقدم طبيعي. بعدما درست الفرنسية منذ بلوغها من العمر 12 عامًا، في سن الـ21، عبرت المحيط الأطلسي للدراسة هناك. سمحت لها تأشيرة الطالب بالبقاء، حتى قابلت وتزوجت من زوجها الفرنسي، وأصبحت مواطنة فرنسية عام 2014.
عملت كصحفية تكتب عن المدينة المتغيّرة للعديد من المنشورات الدولية، وتقدمت في النهاية إلى تأليف كتب عن المدينة وسكانها. وأوضحت: "أردت أن أوثّق التطوّر، وأن أفتح نقاشًا حول خصوصية باريس اليوم ودينامكيتها التي هي نتيجة مزج القديم والجديد".
عندما نُشر كتابها "The New Paris" عام 2017، وحقق نجاحًا كبيرًا، حفّز ذلك تراموتا لمشروعها التالي، لا سيما أن كتابها الأول أتاح لها فرصة مقابلة شخصيات تساهم بتشكيل هوية المدينة.
وخلصت إلى أنه في حين "حاولت كشف زيف الصور النمطية في الكتاب الأول، فإن الثاني سيكون محاولة لقلب الروايات المتعبة والمختزلة عن أكثر سكان المدينة حظًا: سكان باريس".
وتشعر تراموتا بأنها جزء من الإبداع اللامتناهي الذي يتدفق عبر المدينة.