دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- هل تتجرّأ على تحقيق حلم ينتابك بالتخلّي عن الحياة الشاقة لصالح العيش في عربة سكن متنقلة، من دون تخطيط لليوم التالي، مستسلمًا للوجهة التي تقودك الطريق لها؟
هذا ما فعله الزوجان ستيف وويندي ماكغراث، في الثلاثينيات من عمرهما، وهما من فينيكس، في ولاية أريزونا الأمريكية. فقد تخليا عن وظيفتيهما العام الماضي، وباعا منزلهما، وها هما يعيشان الآن مع طفليهما الصغيرين، برادي وأينسلي، والقطة "بيكاتشو"، والكلب الراعي الألماني "إيس"، داخل عربة سكن متنقلة مريحة بطول 45 قدمًا، ويجولون في مختلف أنحاء الولايات المتحدة.
وقبل البدء بهذه المغامرة، اختبرت الأسرة حياة التخييم لمدة عام كامل في فينيكس، ريثما ينهي طفلاهما دراستهما الابتدائية. وهذا الأمر علّمهم كيف يجمعون احتياجاتهم في مساحة صغيرة. وفي شهر مايو/أيار، انطلقوا في رحلتهم.
وأمضت العائلة الصيف في ولاية ماين الأمريكية، ويخطط أفرادها للذهاب ببساطة إلى أي مكان ترشدهم إليه الخريطة.
وعن هذه التجربة، قال ستيف الذي سبق وعمل كممرض طوارئ ومحارب أمريكي قديم في مناطق الحروب، لـCNN: "لا أريد أن أعمل 40 ساعة في الأسبوع، ولا أريد وظيفة محترمة، ولا أريد أن أقضي معظم حياتي في العمل بجد للاستمتاع ببضعة أسابيع في السنة". وأردف: "لن أكون ضحية لفخ الحلم الأمريكي".
وأضاف: "لقد قرّرنا، ويندي وأنا، أنّ طريقة الحياة هذه لم تعد مناسبة لنا بعد الآن. سنقوم بالأمور وفق طريقتنا الخاصة. سنعيش كل يوم كأننا بإجازة. سنتجول في هذا البلد وفي دول أخرى. سنجعل من كل يوم، وأسبوع، وشهر، وسنة أمرًا مهمًا حقًا. إذا سارت الأمور على ما يرام، فلن نندم على أي أمر رأيناه، أو فعلناه، أو شهدناه".
أما ويندي التي كانت تشغل منصب مديرة عمليات السلامة السابقة في إحدى شركات الطيران الأمريكية، فقالت لـCNN إنّ الضغط الذي تتعرّض له في وظيفتها بات لا يطاق، إذ أنها يوميًا، تعود إلى المنزل في وقت متأخر، الأمر الذي أثّر على قدرتها في قضاء وقت ممتع مع عائلتها".
التعليم من الطريق
وفي العام الماضي، باعت عائلة ماكغراث منزلها الذي تبلغ مساحته 200 قدم مربع والذي يتكونّ من خمس غرف نوم، في أحد أحياء فينيكس، مقابل 400 ألف دولار، بالإضافة إلى سياراتهم، وانتقلت إلى عربة سكن متنقلة، يتم سحبها بواسطة شاحنة.
وأشار الزوجان إلى أنّ تكاليف الحياة أصبحت أقل بكثير ممّا كانا ينفقانه عندما كانا يعيشان في المنزل، أي حوالي 1200 دولار شهرياً لشراء الغاز والغذاء والاحتياجات الأساسية.
لكنّ المشاكل الميكانيكية تُعتبر بين التكاليف الإضافية التي لا يمكن التنبؤ بها والتي تواجهها العائلة.
ويقول الوالدان إن لديهما انفتاح على إمكانية العثور على وظيفة "بسيطة" بدوام جزئي عبر الإنترنت لكسب بعض الدولارات الإضافية، لكن هذا ليس هدفهما الأساسي.
وراهنًا، تتمثّل أولويّتهما بتوفير حياة أفضل وأكثر سعادة وصحة لطفليهما.
ولم يعد برادي البالغ من العمر ثماني سنوات وأينسلي البالغة من العمر سبعة أعوام يذهبان إلى مدرسة تقليدية، بل أصبحا يدرسان مع والديهما، خصوصًا والدهما الذي تولّى أيضًا دور الطباخ لأنه يحب إعداد الأطباق الطازجة كل يوم. وأعرب عن فخره أنهم منذ مغادرتهم فينيكس لم يتناولوا وجبة واحدة مجمّدة أو وجبات طعام سريعة.
ولخّصت ويندي الفكرة كالتالي: "كان الهدف تبسيط الحياة، فبعدما حصل طفلانا على أسس جيدة للقراءة، رغبنا بتعريفهما على ماهية العالم الحقيقي". ولفتت إلى أنه "عوض تعليمهما أشياء مكتوبة بكتاب مدرسي معتمد من قبل الدولة، رأينا أنه من الأفضل أن نشرح لهم معنى الصيد من خلال الذهاب للصيد".
وأشارت إلى أنهما "يتعلّمان الكثير من الأمور من وجهة نظر أخرى، ونحن لدينا القدرة على حمايتهما والحفاظ على سلامتهما. فكل أسبوع يحدث إطلاق نار في بعض مدارس الولايات المتحدة، ولم يعد من الآمن إرسالهما إلى المدرسة".
وتطرّق ستيف إلى مفهوم تراكم سنوات العمل والنضال من أجل البقاء ضمن نظام نمط الحياة الشاق الذي يحوّل العامل في النهاية إلى شخص غاضب وغير سعيد.
وأضاف: "لم تعد المشكلة متّصلة بالتوازن بين العمل والحياة، "فويندي تعمل لمدة 16 ساعة متواصلة في كثير من الأحيان، وكانت تفوّت بعض المشاريع التي خططنا لها كعائلة".
وهذا الأمر يسري على ستيف أيضًا، إذ قال إنه "في قسم الطوارئ..كنت قادرًا على التعامل مع التوتر، لكن بعد انتشار كوفيد، أدركت مدى غباء المدراء الذين كانوا يضعون سياسات لا معنى لها (لأنهم) لم ينجحوا".
وأوضح ستيف: "لقد وقعنا حقيقة بحب حياة الترحال. ويتمثل يومنا النموذجي بالتالي: نستيقظ من دون منبّه، نشرب القهوة في الخارج مع النسيم المنعش، أسأل طفلاي عن أولويّاتهما لهذا اليوم، وما إذا كانا يريدان الذهاب إلى البحيرة للسباحة وصيد الأسماك، أو أخذ الدراجات في جولة، أو الذهاب بنزهة. ثم في المساء نلعب ألعاب الطاولة، ونشاهد فيلمًا، ونتناول العشاء، وننام. نستيقظ في صباح اليوم التالي، ونرى ما هي أنشطتنا لهذا اليوم. ليس لدينا جدول زمني ولا جدول أعمال حتى".
المحطة الأخيرة: لاترونيكو، إيطاليا
أما الوجهة الوحيدة التي يخططان للوصول إليها في مرحلة ما.. فتتمثل بلاترونيكو، وهي قرية ريفية صغيرة تقع في منطقة بازيليكاتا بجنوب إيطاليا.
وبعد قراءة قصة على موقع "CNN Travel" عن المنازل الرخيصة الجاهزة للبيع عام 2021، سافرت عائلة ماكغراث إلى إيطاليا لإلقاء نظرة واشترت منزلاً قديمًا في المركز التاريخي للمدينة.
وهذه هي الملكية الوحيدة للعائلة الآن، إذ وُلد ستيف في ألمانيا، ويخطّط لتقديم طلب للحصول على الجنسية المزدوجة.
وثمة الكثير من القواسم المشتركة بين لاترونيكو وحياة الترحال الجديدة، التي تقودها العائلة، إذ قالت ويندي: "نحن نحب أجواء القرية المريحة، والمناظر الطبيعية الخضراء، والمنتزه الحراري مع النوافير الجميلة".