دبي، الإمارات العربية المتحدة CNN) -- ذكر علماء آثار أنّ خمسة كنوز ذهبية غامضة مكتشفة حديثًا، يبلغ طول كل منها أقل من سنتيمتر واحد وعرض ظفر الإصبع، قد تساعد على كشف أسرار مجتمع قديم.
وتعتبر القطع الصغيرة، وهي عبارة عن رسوم منقوشة على رقائق الذهب بشكل معقد، المكتشفة خلال عمليات التنقيب في معبد وثني، من الاكتشافات النادرة في النرويج.
وبحسب إنغون ماريت روستاد، عالمة الآثار والأستاذة المشاركة بمتحف التاريخ الثقافي في أوسلو، يوجد في النرويج 10 مواقع معروفة فقط، ويحتضن هوف أكبر عدد من الرقائق، حيث عثر على 35 قطعة في المجمل. مع ذلك، عُثر على أكثر من 3 آلاف قطعة مماثلة في جميع أنحاء الدول الاسكندنافية.
وقالت روستاد: "عُثر عليها في جميع الدول الاسكندنافية تقريبًا، فقط في الدول الاسكندنافية".
وتابعت: "النقوش ذاتها منتشرة في جميع أنحاء الدول الاسكندنافية، لذا لا بد أن لها معنى ما وأعتقد أنه كان من المهم التعامل معها بهذه الطريقة".
وقد دفنت أحدث القطع الأثرية الموثقة تحت الجدران، وداخل فتحات هيكل المعبد، كما لو أنها وُضعت هناك عمدًا، ما دفع الباحثين إلى الاعتقاد بأن الرقائق الذهبية ربما كانت بمثابة قربان للمبنى، وفقًا لإعلان الاكتشاف المنشور على منصة "فيسبوك".
وقال نيكولاي إيتشكوف، عالم الآثار ومستشار في علم الآثار الإنقاذي في جامعة أوسلو الذي شارك في أعمال التنقيب وفي كتابة المنشور: "إنها تروي لنا قصة حول أهمية المنطقة التي اكتشفت فيها. وعثر على الموقع بجوار بحيرة ميوسا (أكبر بحيرة في النرويج) عند مخرج نهر غودبراندسدالسلوجين".
وأضاف إيتشكوف أن القطع الصغيرة و(المعبد) تؤكد أنه كان بمثابة مقر للسلطة في أواخر العصر الحديدي النرويجي".
تم الكشف عن بقايا معبد هوف عام 1993، إلى جانب قطعتين من الرقائق الذهبية.
وكشفت الحفريات اللاحقة عن 28 رقاقة إضافية هناك على مدى السنوات التالية، ما يجعله الموقع الذي يضم أكبر عدد من اكتشافات الرقائق النرويجية حتى الآن.
واكتشفت القطع الخمس الجديدة في فصل الصيف، خلال عملية تنقيب أكبر أصبحت ممكنة بفضل مشروع إنشاء طريق سريع قريب، يُعرف باسم E6.
ما الذي تكشفه رقائق الذهب المكتشفة حديثاً؟
في حين أن التصاميم التي تبرز على الرقائق لها إشارات مميزة إلى العصر الميروفنجي، وهي فترة ما قبل الفايكنغ بين 476 و750 بعد الميلاد، إلا أن الهدف الذي صنعت من أجله لا يزال غير واضح.
وقالت روستاد: "هناك العديد من الاقتراحات المختلفة (فيما يتعلق بالغرض من الرقائق)".
وتابع: "لابد أنها وُضِعت هناك عمدًا، لذا أعتقد أنها أحد أشكال القرابين التي قدمت - ربما فيما يتعلق ببعض الطقوس التي كانت تجري داخل هذا المبنى الوثني، ربما كانت طقوس الزواج، نظرًا لأن الكثير من هذه الرقائق الذهب عليها صور للأزواج".
وتصوّر النقوش على القطع الذهبية في الغالب رجالا ونساء وحيوانات، وفقا لمتحف بورنهولمز Bornholms في الدنمارك، الدولة التي عثر فيها على غالبية الرقائق.
وتتمتع القطع المكتشفة حديثًا بأهمية خاصة، إذ عثر عليها في موقعها الأصلي، وفقًا لمارغريث وات، رئيسة علم الآثار المتقاعدة بمتحف بورنهولمز، غير المشاركة في عملية التنقيب بالنرويج.
والاسم الذي يستخدمه علماء الآثار عادةً للرقائق هو gullgubber، استنادا إلى الكلمة النرويجية "gullgubbe"، والتي تُترجم إلى "الرجال المسنين الذهبيين". وقالت روستاد إن هذا المصطلح استُخدم لأول مرة في مقال نُشر في القرن الثامن عشر واستمرّ.
وتم ضغط رقائق الذهب في صبغة ختم مصنوعة من البرونز، على غرار عملية صنع العملات المعدنية، وفقا لما ذكرته وات.
علاوة على ذلك، هناك اختلافات واضحة ذات أهمية إقليمية ضمن تصاميم الأشكال الذهبية، بالإضافة إلى ميزات أنماط فنية مختلفة تساعد الباحثين على تحديد أي جزء من الدول الاسكندنافية يحتمل أن تكون صنعت كلّ من هذه القطع.
وتبرز القطع المكتشفة حديثا رجلا يرتدي رداء قصيرا يكشف عن قدميه، فيما المرأة تتزين بالمجوهرات وترتدي ثوبا نرويجيا طويلا. وبسبب تفاصيلها المعقدة، استخدمت هذه الرقائق الذهبية "كمصدر لدراسات عادات الأزياء في ذلك الوقت"، وفقًا لمنشور إيتشكوف على فيسبوك.
تعتبر الرقائق هشة للغاية بسبب حجمها وتكوينها، وفقًا لوات. وبين القطع الخمس التي عثر عليها أخيرًا، كانت إحداها مطوية بالكامل.
وذكر إيتشكوف أيضًا أن هناك أدلة على أن المعبد الوثني تعرض لحريق خلال عصر الفايكنغ، ما سمح بحماية القطع الصغيرة بشكل أكبر تحت طبقة إضافية من الحجر والحطام.
وأضاف: "لابد أن التضحية حتى بهذه الكمية الصغيرة من الذهب كانت أمرًا مكلفًا، بل وأكثر من ذلك عندما يتعلق الأمر بعمل حرفي مفصّل. وعلى هذا النحو، فإن القدرة على التضحية بهذه القطع، يجب أن يكون بمثابة استعراض للقوة".