دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- لأكثر من 120 عامًا، ظلّ قصر "ماتيلد" قائمًا فوق جسر "إليزابيث"، ليُرّحب بأولئك الذين يعبرون نهر الدانوب من بودا إلى بيست، وهما النصفان اللذان يشكلان عاصمة المجر.
وبني القصر عام 1902، عندما كانت الإمبراطورية النمساوية المجرية قوية اقتصاديًا، وتم تشييده كرمز للنجاح.
وقبل تتفكك الإمبراطورية في عام 1918، كان الأثرياء، والملوك، والمشاهير في أوروبا يزورون المقهى العام بالقصر، والذي كان آنذاك نجم ثقافة المقاهي الشهيرة في المجر.
ورغم نجاته من حربين عالميتين، وتمتعه بنهضة في الخمسينيات من القرن الماضي، إلا أن قصر "ماتيلد" تراجع في ظلّ الحكم الشيوعي، ولم تنجح محاولات إحياء الحقبة السوفيتية في استعادة مجده السابق.
وبعد تحوّل دام 5 سنوات، بقيادة مصممة الديكور الداخلي المشهورة عالميًا، ماريا فافياديس، والمهندسين المعماريين المحليين، بوهل أنتال وبيتر داجكا، استعاد قصر "ماتيلد" مكانته مجددًا كجوهرة في المشهد الاجتماعي في بودابست.
وأُعيد افتتاح أبوابه كفندق فاخر من فئة 5 نجوم في عام 2021.
رمز المدينة الجديدة
كانت التقنيات الرائدة المستخدمة في البناء الأصلي للقصر من أولى التقنيات التي شوهدت في المجر. وكان الهيكل الحديدي الأساسي المزيّن بالحجر المنحوت بمثابة شهادة على البراعة المعمارية في ذلك الوقت.
وقامت شركة Otis Elevator Company بتركيب أول نظام مصعد شوهد في المجر داخل قصر "ماتيلد".
وتضمنت المنشأة أيضًا قوالب دقيقة وأعمال فنية لمجموعة من الحرفيين المحليين.
وأُعيد ترميمها وإعادة تصميمها من قبل الحرفيين داخل فندق "ماتيلد بالاس" الفاخر من فئة 5 نجوم اليوم.
ثقافة المقاهي
بعد الدمار الذي خلفته الحربين العالميتين الأولى والثانية، والذي بلغ ذروته في حصار بودابست بين عامي 1944و1945، ظلّ مقهى Belvárosi Kávéház الأسطوري الواقع داخل قصر "ماتيلد" مفتوحًا، حيث كان يستضيف العديد من الشخصيات الاجتماعية، والفنانين، والكتّاب.
وبعد الحرب، تم ترميم قصر "ماتيلد" في عام 1956، بالتزامن مع الثورة المجرية.
وكان إعادة افتتاح مقهى القصر في ذلك الوقت رمزًا لبداية جديدة، ووعدًا بالأمل والتجديد لشعب بودابست.
ووُضع القصر تحت حماية منظمة اليونسكو في عام 1977.
وفي عام 1984، بعد عملية تجديد أخرى واسعة النطاق، أُعيد افتتاح Belvárosi Kávéház باسم جديد، وهو Lidó.
وأصبح Lidó أكثر من مجرد مقهى لشعب بودابست خلال هذا الوقت.
ففي الواقع، أصبح مركزًا ثقافيًا، حيث قدم عرضًا فولكلوريًا في وقت الغداء، إضافة إلى موسيقى الجاز الحية، وعروض الـ"كباريه"، وغيرها من وسائل الترفيه.
تحويل بقيمة 80 مليون دولار
مع دخول المجر الألفية الجديدة، استمر قصر "ماتيلد" بالتكيّف والتطور مع الزمن.
واتخذ Lidó عددًا من المظاهر الجديدة.
وكان في البداية نادي ديسكو، ثم أصبح فيما بعد كازينو، ثم أصبح أخيرًا مقهى وملهى "ماتيلد"، الذي تم ترميمه بشكل رائع تكريمًا لأيامه كـ "بلفاروسي كافيهاز".
ومع ذلك، حدث التحول الأكثر بروزًا في عام 2017، عندما بدأ مشروع تجديد كبير قيل إن قيمته بلغت 80 مليون دولار لتحويل قصر "ماتيلد" إلى فندق فخم.
و قال بيتر داجكا، أحد المهندسين المعماريين وراء أحدث مشاريع تجديد قصر "ماتيلد": "خلال عملية تجديد قصر ماتيلد، أولى المصممون والمالكون اهتمامًا خاصًا لإعادة بناء المساحات التاريخية في شكلها الأصلي، وإعادة خلق الأجواء التي كانت موجودة قبل 120 عامًا".
واليوم، يعرض المقهى العديد من المصنوعات اليدوية، والصور الأرشيفية، والأعمال الفنية المتعلقة بماضيه كملاذ للمبدعين في بودابست.
وتم تركيب تمثال للكاتب المجري الشهير جيولا كرودي، والذي كان من زائري Belvárosi Kávéház الدائمين، في الخارج.