حلم طفولة يتحقّق.. عرزال يُصبح أحد أفخم الفنادق في اليابان

سياحة
نشر
5 دقائق قراءة
231110155250-01-japanese-treehouse-hotel.jpg
في عمق غابة أوكيناوان، مبادرة منتجع "تريفل" تأخذ الاستدامة إلى مستوى أعلى. Credit: Treeful

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يحلم بعض الأطفال الصغار ببناء عرزال، بيد أنّ رجلاً يابانياً قام بتحويل حلم طفولته هذا إلى حقيقة.

نشأ ساتورو كيكوغاوا في طوكيو، وكان يتردّد كثيرًا على منزل العائلة الصيفي في الريف، حيث تعلم تقدير الطبيعة. وأثار كتاب أطفال ياباني، "أريد شجرة كبيرة"، حلم امتلاكه لعرزال في يوم من الأيام.

لكن تحقيق هذا الحلم بات ملحًا بعد عقود من الزمن، عقب رحلة عائلية إلى بورنيو.

وشرح كيكوغاوا أنّه فيما كان يحلق فوق الجزيرة، رأى غابة كبيرة قُطعت أشجارها، وتحوّلت إلى مزرعة نخيل.

مشروع تريفل
تمكن رجل ياباني من تحقيق حلم طفولته ببناء عرزال. Credit: Treeful

وعلّق قائلًا: "أتفهّم اقتصاديًا أنّ بيع الخشب يجلب دخلاً ثابتًا، لكن هذا يؤثر على مستويات الكربون والتنوع في الحياة البرية. لذا فكّرت في كيفية إنقاذ البيئة التي يمكنها أيضًا توفير الدخل للسكان المحليين".

وهذا الأمر كان النواة الأولى لمشروع "تريفل"، أي المنتجع الرّاقي في محافظة أوكيناوا.

مشروع تريفل
أرجوحة مصنوعة يدويًا خارج مقصورة Treeful.Credit: Treeful

واجه كيكوغاوا مشكلة واحدة فقط، تمثّلت بأنه لم يكن لديه أي فكرة على الإطلاق عن كيفية بناء العرزال.

واستعان بموقع "يوتيوب"، وبدأ يشاهد مقاطع الفيديو التعليمية. استغرق الأمر سنوات، بالإضافة إلى الكثير من التجربة والخطأ. كان عليه أن يتعلّم كيفية استخدام المنشار الدائري وأدوات النجارة الأخرى.

وتمكّن كيكوغاوا من شراء بعض الأراضي في غابات أوكيناوا. لكن عوض اختيار الموقع ثم قطع شجرة، تجوّل في المنطقة حتى وقع على شجرة مناسبة واحتضنها. ومن هناك بدأ ببناء العرزال من حولها.

مسألة عائلية

وأوضح كيكوغاوا: "لم أحصل على الكثير من الدعم بداية عندما خطرت ببالي فكرة العرزال. لقد رأى كثيرون أنني مجرّد رجل ثري يبحث عن هواية".

لكنّ ابنته مهى آمنت بفكرة والدها كيكوغاوا، وقالت لـCNN إنّ والدها غرس فيها حب الطبيعة منذ الطفولة.

وتابعت مهى تخصّصها بعلوم وسياسات النظام البيئي في جامعة ميامي بأمريكا. ثم رافقت والدها في رحلات إلى كوستاريكا، والولايات المتحدة، لزيارة مشاريع مماثلة لبيوت الأشجار (عرزال).

أكمل كيكوغاوا أولى منشآته، "Spiral Treehouse"، في عام 2014، لتصبح الجزء الأول مما يُعرف الآن باسم "Treeful".

وقالت مهى لـCNN: "إنني أتطلع إلى والدي وشغفه لجعل العالم مكانًا أفضل من خلال العرزال (بيوت الأشجار)".

وتابعت: "منذ الصغر، علّمني والدي أهمية الطبيعة. والآن نعمل معًا من خلال منتجع العرزال المستدام هذا لحمايتها (الأشجار) وإمرار رسالة للآخرين حول قيمتها".

مشروع تريفل
المنظر الريفي من إحدى غرف Treeful. Credit: Treeful

لا تترك أي أثر

يوجد الآن أربعة بيوت أشجار (عرزال) في هذا المنتجع، بُنِي كلّ منها لضمان أقل قدر ممكن من الإزعاج للبيئة. وبُني أحدهما أي "AeroHouse"، على ارتفاع 1.2 متر فوق مستوى سطح الأرض لحماية موطن الحياة البرية المحلي.

واستخدمت المسامير الخشبية عوض البراغي المعدنية، وتحتوي الغرف على مراحيض سماد. ويتم تعقيم مياه الآبار بالأشعة فوق البنفسجية، مع تجنب استخدام الكلور.

وصُنعت الأرضيات والسقف من الخشب المقطّع حتى يتمكن ضوء الشمس من التدفّق إلى داخل العرزال، وتوفير الطاقة للنباتات الموجودة تحته، وتجنب تعطيل النظام البيئي.

أما الهندسة الداخلية للغرفة، مثل المصابيح ورفوف الكتب، فصُنعت أيضًا من الحجارة والأغصان التي تساقطت بشكل طبيعي من الغابة.

بناء العرزال.. بناء الإرث

وبعد سبع سنوات من شروع كيكوغاوا ببناء العرزال، افتتح المنتجع في عام 2021.

لكن، يتمتع مؤسس "Treeful" برؤى تتجاوز موطنه الأصلي اليابان. ويعمل كيكوغاوا مع الحكومة الكمبودية راهنًا، على مشروع لبناء بيوت الأشجار داخل حديقة بنوم كولين الوطنية على مقربة من سييم ريب، ما يشكّل أحد المبادرات العديدة الهادفة إلى مكافحة قطع الأشجار غير القانوني.

وفي الفترة الممتدة بين عامي 2016 و2021، فقدت كمبوديا أكثر من 38 ألف هكتار من الغابات، أي نحو 9٪ من المساحات، ما اضطر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إلى إنهاء برنامجها لحماية الغابات بعد استثمار أكثر من 100 مليون دولار.

وقال كيكوغاوا: "أريد تنمية هذا العمل ونقله إلى المستوى الدولي".

مشروع تريفل
Credit: Treeful

تحقيق الهدف 

تتطلب زيارة "Treeful" تخطيطًا مسبقًا، إذ يبعد مسافة 90 دقيقة بالسيارة عن مطار ناها في أوكيناوا (OKA)، أو ثلاث ساعات بالحافلة (مع خدمة نقل واحدة) من مدينة جينكاوا إيريغوتشي.

وينصح موظفو "Treeful" بالوصول إلى هناك قبل غروب الشمس، حيث أنهم لا يستخدمون الأضواء الاصطناعية، ويمكن أن تصبح الغابة مظلمة تمامًا.