شبكة مترو ضخمة جديدة بالكامل في باريس..هذه أهدافها

سياحة
نشر
7 دقائق قراءة
shutterstock-editorial-14234140ak.jpg
Credit: Vernier Jean-Bernard/JBV News/AB/Shutterstock

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) --  ألهمت مداخلها الرائعة المصممة على طراز الفن الحديث، وأنفاقها الأشبه بالمتاهة، وقطاراتها العابرة بسرعة تحت بعض الشوارع الأكثر شهرة في العالم، وأحيانًا فوقها، الأفلام والروايات والشعر.

وتتواجد في العاصمة الفرنسية باريس محطات تحمل اسم ثائر من أمريكا الجنوبية، ورئيس أمريكي، وانتصار سوفيتي. وفي المدينة التي تضم بعضًا من أشهر المعارض الفنية بالعالم، تكمل بعض محطات قطارات الأنفاق المشهد، وتُجسد عملًا فنيًا.

لكن نظام السكك الحديدية لمترو باريس الذي بُني في القرن العشرين، وينقل حاليًا قرابة أربعة ملايين مسافر يوميًا، يجهد كي يتكيّف مع متطلبات التنقل الحديث، ومرافقه القديمة، وبنيته التحتية التي تئن تحت وطأة النمو السكاني في المدينة.

بالنسبة لكثر في باريس، لا سيّما من يعيشون أو يعملون في ضواحيها الخارجية الأقل عصرية، يمثّل التنقل عبر المدينة من دون الاضطرار إلى توجيه كل رحلة عبر المناطق المركزية، تحديًا، إذ يزيد من مدة الرحلة والازدحام سوءًا.

لكن التغيير آتٍ.. وعلى نطاق واسع. فمترو باريس على وشك الحصول على أهم ترقية له منذ عقود مع وصول "غراند باريس إكسبريس"، وهو نظام جديد بطول 200 كيلومتر (120 ميلاً)، مع إضافة أربعة خطوط و68 محطة جديدة تمامًا إلى الشبكة.

يربط النظام الجديد بشكل أساسي مدن الضواحي من دون المرور عبر مدينة باريس المكتظة بالسكان، ما يضيف حلقات خارجية إلى خريطة باريس تحت الأرض التي كانت حتى الآن تتكونّ من 14 خطًا تمتد فقط من المركز .

وكانت هذه مهمة ضخمة. إذ يُعد بناء الخطوط الذي بدأ في عام 2016، أكبر مشروع للبنية التحتية المدنية في أوروبا، وفقا للحكومة الفرنسية.

مترو باريس الحديث
بعض محطات قطارات الأنفاق الباريسية عبارة عن أعمال فنية خالصة.Credit: Barry Neild/CNN

قطارات ذاتية القيادة

لكن هذا لم يمنع المدينة من إظهار بعض الإثارة الباريسية في أواخر الشهر الماضي، حيث تم اختبار أول قطار لخطوط المترو الجديدة، ما جذب حشودًا من المتفرجين المدعوين إلى مستودع للسكك الحديدية في ضاحية شامبيجي-سور -مارن.

وكُشف النقاب عن القطار الأول من نوعه الذي تنتجه شركة ألستوم لقطار باريس السريع الكبير، ويبلغ طوله 108 أمتار، رافقه عرض ضوئي لأشعة الليزر بألوان العلم الفرنسي الأبيض، والأزرق، والأحمر.

وقال وزير النقل الفرنسي كليمان بون خلال الحدث الذي نُظّم بتاريخ 28 تشرين الثاني/نوفمبر، وشهد إجراء القطار اختبارًا ناجحًا لمسافة كيلومترين على طول جزء من أحد المسارات الجديدة، أي الخط 15، إنه "لتغيير حياة الناس، سيتعين علينا تغيير طريقة تحركهم".

وتأمل فرنسا أن يؤدي قطار "Grand Paris Express" في تخفيف مدة التنقل بشكل كبير للحركة بين ضاحية وأخرى في وسائل النقل العام، وخفض استخدام السيارات للمقيمين في منطقة باريس الكبرى.

مترو باريس الحديث
عرض يوضح الشكل الذي سيبدو عليه جزء من إحدى محطات شبكة Grand Paris Express الجديدة، وهي محطة فيلجويف (Gare Villejuif). تصوير: Dominique Perrault Architecture / Société du Grand Paris

وبخلاف خطوط المترو الأخرى ستُستخدم قطارات ذاتية القيادة، بهدف إنشاء شبكة نقل سريعة أوتوماتيكية بالكامل. وهذا يعني أنه لن تكون هناك حاجة لتوظيف وتدريب سائقين جدد، ما سيُعطي قدرة أكبر على الصمود في مواجهة الاضطرابات الناجمة عن الإضرابات.

ولفت بون إلى "أننا نسير على الطريق الصحيح لتحقيق النجاح. وسيكون مثالًا جيدًا للمدن في جميع أنحاء فرنسا". 

وكانت باريس من أوائل المدن في العالم التي لديها نظام مترو. افتتح خطها الأول في عام 1900 كجزء من جهود البناء في المدينة لاستضافة الألعاب الأولمبية في العام عينه. وتوسع بسرعة على نطاق واسع خلال العقود التي تلت ذلك.

وقبل افتتاح "Grand Paris Express"، كانت الشبكة قد توسعت بالفعل لتُصبح نظامًا ضخمًا مترامي الأطراف بطول 800 كيلومتر، يشمل 16 خط مترو مركزي في المدينة، وخمسة خطوط سكك حديدية للركاب "Réseau Express Régional" أو "RER" للضواحي المحيطة.

وسيقدم المشروع الجديد أربعة خطوط جديدة هي: 15 و16 و17 و18، بالإضافة إلى إطالة للخطين الحاليين 11 و14.

مترو باريس الحديث
تضيف الخدمات الجديدة إلى خطوط RER التي تخدم الضواحي المحيطة بباريس.Credit: Thomas Samson/AFP/Getty Images

مستقبل صديق للبيئة أكثر

بمجرد افتتاح خط "Grand Paris Express" الجديد رقم 18، على سبيل المثال، الذي يربط فرساي مباشرة بسانت أوبين، وكذلك مطار باريس أورلي، ثاني أكثر المطارات ازدحامًا في المدينة، من المقرر أن تتحسّن الخيارات لسكان هذه المنطقة الذين يقصدون باريس أو مناطق أخرى.

وقال محمد مزغاني، الأمين العام للرابطة الدولية للنقل العام، ومقرها بروكسل، إن الخطوط الجديدة تضع باريس في طليعة شبكات النقل العام، إلى جانب طوكيو، وموسكو، وواشنطن العاصمة، الطامحة إلى تقليل الأثر البيئي من خلال الربط بين الضواحي. 

وأوضح مزغاني أنّ قطار "Grand Paris Express"، بخطوطه الدائرية، يشجّع الحركة من ضاحية إلى أخرى".

وتابع: "يدرك الناس في المدن الكبرى أنّ السيارات ليست حلًا، وأنّ الازدحام يزداد سوءًا، وأنّ بناء المزيد من الطرق لن يؤدي إلا إلى جذب المزيد من حركة المرور"، مؤكدًا على أننّا "بحاجة إلى هذه النسخة المحدّثة من وسائل النقل العام". 

مترو باريس الحديث
ستتصل الخطوط الجديدة بالمطارين الدوليين الرئيسيين في باريس.Credit: Geoffroy Van Der Hasselt/AFP/Getty Images

خط النهاية الأولمبي

أما أحد الأسئلة الكبيرة التي يطرحها العديد من الباريسيين وزوار المدينة فتتمثّل بما إذا كانت الشبكة الجديدة ستعمل عند انعقاد دورة الألعاب الأولمبية المرتقبة لعام 2024، التي ستُقام في الغالب بمحيط العاصمة الفرنسية.

كانت هذه هي الخطة الأصلية عندما أعلن الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي عن المشروع في عام 2009، قبل وقت طويل من فوز المدينة بعرضها الأولمبي. لكن تأخيرات عديدة أدت إلى تمديد الجدول الزمني.

وقد وعد ساركوزي وخليفه فرانسوا هولاند بالافتتاح الكامل للخط 14، بالإضافة إلى الافتتاح الجزئي للخطوط 15 و16 و17 و18، التي تتصل معاً بمطاري باريس الدوليين. ومع ذلك، فقد تعرض المشروع لانتكاسات مختلفة على مر السنين، ضمنًا فيضانات مواقع البناء، والتأخير في تسليم المعدات، وربما الأهم من ذلك كله، جائحة "كوفيد-19".

ويُتوقع افتتاح تمديد الخط 14 إلى مطار أورلي فقط، قبل ثمانية أشهر من انعقاد دورة الألعاب الأولمبية 2024. وسيتم تشغيل الخطوط الأخرى تدريجياً بدءاً من أواخر عام 2025، بحسب ما ذكره الموقع الرسمي للمشروع.