دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بدأ افتتان إيلين بفرنسا عندما أمضت الصيف في الدولة الأوروبية أثناء عملها كمربية أطفال في فترة السبعينيات.
منذ ذلك الحين، قامت إيلين، وهي في الأصل من الساحل الشرقي للولايات المتحدة، بمهمة السفر إلى فرنسا كلما سنحت لها الفرصة.
والتقت بزوجها الحالي جوزيف، من الساحل الغربي، في أواخر السبعينيات، وتزوجا وأنجبا ثلاثة أطفال، وواصلا السفر إلى البلاد كعائلة مرة كل عامين أو نحو ذلك.
تعترف إيلين قائلة: "من المضحك أن جوزيف وابنتنا كانا يضايقانني، لأنه في أي وقت كنا نخطط لقضاء إجازة، كنت أرغب دائمًا في القدوم إلى فرنسا".
"نصف منزل"
رغم أن إيلين وجوزيف، اللذين اختارا عدم الكشف عن اسمهما الكامل، كانا يفكران في احتمال الانتقال إلى فرنسا لسنوات، إلا أنهما لم يفكرا جديًا في شراء عقار هناك، إلا عندما اقتربا من سن التقاعد.
وصادفت إيلين منزلًا صغيرًا متهدمًا في قرية لونلي لاباي التاريخية في نورماندي، شمال فرنسا، أثناء تصفحها للعقارات الفرنسية عبر الإنترنت، في عام 2014.
وقال جوزيف، الذي عمل سابقًا كمدير تنفيذي في إحدى الشركات: "كان المنزل ميسور التكلفة. من الواضح أنه كان متهالكا نوعا ما. ولكن كان في حدود ميزانيتنا".
ثم أمضيا بعض الوقت في التحقق من القرية "الساحرة" عبر خدمة "غوغل ستريت فيو"، وفي النهاية عثرا على رواية عن جنديين أمريكيين "تلقيا المساعدة من المقاومة الفرنسية في القرية خلال الحرب العالمية الثانية".
واتخذ الزوجان قرارًا بشراء المنزل، الذي تبلغ مساحته حوالي 400 متر مربع، من دون أن يراه أحد، ورتبا لمعاينة أحد المفتشين للمنزل مسبقًا.
وبينما كان العقار معروضًا في السوق مقابل حوالي 18 ألف يورو (19،400 دولار)، انتهى الأمر بإيلين وجوزيف بشرائه مقابل حوالي 13 ألف يورو بعد مفاوضات مع البائع.
بمجرد الانتهاء من عملية البيع، قاما بإحضار عمال محليين لبدء أعمال الهدم في العقار، وأشرفا على سير الأمور من منزلهما في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.
وأوضح جوزيف أن العمال كانوا يرسلون صورًا تظهر لهما كيف كان العمل يتقدم، كما أنهم تبادلوا الأفكار حول كيفية تنفيذ عملية التجديد.
وواصل الزوجان السفر إلى فرنسا بانتظام خلال عامي 2015 و2016 للتحقق من التقدم المحرز في العمل.
وفي العام التالي، قررا أن الوقت قد حان لبدء عملية حزم أمتعتهما في الولايات المتحدة والانتقال إلى فرنسا.
وكانت الخطوة الأولى الكبيرة هي التقدم بطلب للحصول على تأشيرة إقامة طويلة، والتي استغرقت بضعة أشهر للانتهاء منها، ثم جاء ما وصفه جوزيف بـ "إجراءات الإنهاء التدريجي".
وأشار إلى أنه "قبل المغادرة، هناك قرار ترك وطنك والذهاب إلى بلد آخر، وكل الآثار المرتبطة بهذا القرار. وكل الاستعدادات التي يجب القيام بها مقدما".
لقد باعا العديد من ممتلكاتهما، واحتفظا فقط بالعناصر ذات القيمة العاطفية.
قررت إيلين وجوزيف، اللذان يمتلكان أيضًا عقارًا في مدينة نيويورك الأمريكية، تأجير منزلهما في كاليفورنيا بدلاً من بيعه.
ثم شرعا في استئجار شقة بالعاصمة الفرنسية باريس كقاعدة لهما، بينما استمر العمل بمنزلهما في نورماندي.
وأوضحت إيلين: "لقد وجدنا أن تكلفة الإيجار أقل بكثير من تكلفة الشراء للتواجد في أجزاء من باريس التي أردنا العيش فيها".
وتابعت: "كلما تقدمت في العمر، كلما زادت صعوبة الحصول على قرض عقاري. كان علينا أن نبيع ما لدينا وربما نشتري نقدًا في باريس".
وقد وصل الزوجان إلى باريس لبدء حياتهما الجديدة في أبريل/نيسان عام 2017.
شرعت إيلين وجوزيف سريعًا في التعرف إلى مجتمعهما الجديد، بينما سافرا أيضًا ذهابًا وإيابًا إلى لونلي لاباي للتحقق من أعمال التجديد.
وقالت إيلين: "في كل عام، نخصص ميزانية لمرحلة مختلفة من التجديد"، قبل أن تصف كيف قاما باستبدال الأرضيات، والجدران، والكهرباء، والسباكة في المنزل.
وأضافت أنهما بحثا عن مواد بناء جيدة وتعرّفا إلى مشاكل التهوية والرطوبة في المنازل الحجرية القديمة.
وأشارت إيلين إلى أنهما تمكنا من الاحتفاظ بالدرج الأصلي داخل المنزل، إلى جانب الخزانة الخشبية التي كانت موجودة في غرفة المكتب.
وبينما لم يكن أمامهما خيار سوى الحصول على نوافذ وأبواب جديدة، فقد اختارا استبدالها بنسخ طبق الأصل.
وأضافت: "نود أن نعتقد أن أشباح الجنود الأمريكيين الذين ساعدوا في تحرير هذه القرية سيتمكنون من التعرّف إلى منزلنا إذا مروا بجانبه في الشارع".
وتمثل هدفهما في تحويل المنزل الصغير إلى منزل ثانٍ صالح للعيش، و"ترميمه وتركه في حالة جيدة وأصيلة للأجيال القادمة".
قالت إيلين: "أردنا أن نبقيه كما كان. لم نرغب في إجراء أي تغييرات كبيرة."
مشروع التجديد
ولفتت إيلين إلى أن أي تغييرات كبيرة في الجزء الخارجي من المنزل في نورماندي كان يجب تلقي موافقة عليها من قبل السلطات المحلية والمسؤولين المعنيين بحماية الآثار والمناطق التاريخية، وذلك بسبب قرب المنزل من دير القرية الذي يعود تاريخه إلى القرن الحادي عشر. .
ولكن مع استمرار تقدم العمل، ظهرت جائحة كورونا، ما أدى إلى توقف أعمال التجديد لمدة عامين تقريبًا، ولم يتمكن الزوجان من السفر إلى نورماندي للزيارة.
ولحسن الحظ، تمكنت إيلين وجوزيف من استئناف العمل في المنزل بمجرد رفع القيود، واستكملا الأعمال الهيكلية والطلاء بحلول ديسمبر/ كانون الأول عام 2021. وتمكنا من تركيب نوافذهما الجديدة بعد عام.
وأعرب جوزيف عن امتنانه لعمال البناء، الذين تمكنوا من "تحويل هذا المكان من مجرد خرابة ريفية صغيرة إلى مكان صالح للعيش فيه"، مضيفًا أنهم ما زالوا يعملون على التأثيث و"الجانب الزخرفي للمنزل".
وتقدر إيلين وجوزيف أنهما أنفقا ما مجموعه 65 ألف يورو (حوالي 70 ألف دولار) على أعمال البناء والعمالة، و5000 يورو أخرى على الأجهزة والأثاث.
والآن بعد أن استقرا في فرنسا، يواصل الزوجان التنقل ذهابًا وإيابًا بين باريس ولونلي لاباي، إذ أكدا أنهما لم يحلما في العيش بطريقة أخرى.
وقد وجد الزوجان أن الحياة في فرنسا أقل تكلفة منها في الولايات المتحدة، وأشارا إلى أن تكاليف الرعاية الصحية والضرائب العقارية أقل بكثير الآن.
وقد تمكنا من استكشاف جزء كبير من فرنسا خلال فترة وجودهما هناك، واستمتعا بالتعرّف إلى المناطق المختلفة.
وأضافت إيلين: "نحن نقدر تمامًا مدى استمتاع الفرنسيين وتقديرهم للمناسبات، واللحظات الثمينة، وحتى الطعام".
وينصح الزوجان أي شخص يفكر في اتخاذ خطوة مماثلة بالبحث عن وجهته المختارة بعناية والامتناع عن محاولة "تقليد أمريكا" أينما ذهب.