مؤثرون أمريكيون على تيك توك: الحلم الأمريكي يتمثل بالعيش خارج أمريكا"!

سياحة
نشر
9 دقائق قراءة
231214132246-tiktok-travel-extra.jpg
تروي كاسي روز بيرنز حياتها كأمريكية تعيش في الخارج. لكنها ليست الأمريكية الوحيدة.Credit: JamieInItalyPhoto

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- إجازة مدفوعة الأجر لمدة شهر. احتساء النبيذ مع وجبة الغداء يوم الثلاثاء. ولا حاجة لترك بقشيش.. في الفيديو الأكثر شهرة لكاسي روز بيرنز، تكشف المؤثرة الأمريكية عن بعض أكبر الصدمات الثقافية التي واجهتها بعدما انتقلت للعيش في إيطاليا.

وتراوحت التعليقات على فيديو بيرنز هذا الذي شوهد 19.8 مليون مرة، بين عدم التصديق، والحسد، والتأييد. وثمة تعليق واحد حصل على 34800 علامة إعجاب، ربما يلخص الأمر كله: "أعتقد أنّ الحلم الأمريكي يتمثّل بمغادرة أمريكا". 

"تلك الفتاة التي تعيش في إيطاليا"

تروي حسابات بيرنز على وسائل التواصل الاجتماعي تجاربها كـ"تلك الفتاة الأمريكية التي تعيش في إيطاليا"، كما تعرّف عن نفسها على تطبيق "تيك توك".

تعرض بالتفصيل التباينات الثقافية، وتقدّم نصائح حول المدن الإيطالية، وتتحدث مباشرة إلى الكاميرا عن تجاربها.

بدأت الفتاة البالغة من العمر 30 عامًا النشر على تيك توك عام 2021، عندما انتقلت إلى فلورنسا مع صديقها الإيطالي الذي التقت به في إجازة قبل سنوات عدة.

في مطلع عام 2021، كان السفر الدولي غير متاح، وسرعان ما اكتسبت مقاطع فيديو بيرنز اهتمامًا كبيرًا بفضل منشورات تجمع بين محتوى الهروب والفانتازيا الذي يحقق الأماني، والفيديوهات المضحكة والعميقة في آن، التي تتناول واقع الانتقال إلى الخارج.

اليوم، لدى بيرنز مليون متابع على "تيك توك"، ويسلّم عليها المعجبون في الشارع، ويتصرفون معها كأنّهم يعرفونها. واستفادت المؤثرة الأمريكية من نجاحها لإنشاء علامة تجارية خاصة بها، ألحقتها بكتب إلكترونية وتنظيم جولات لمجموعات.

وبات تأريخ حياتها في إيطاليا اليوم وظيفة بدوام كامل.

إنها خطوة مهنية عرضية بالكامل تقول بيرنز التي كانت راقصة سابقة في نيويورك. لقد فاجأها النجاح الذي حققته على تيك توك. 

لكن بيرنز ليست وحدها. في السنوات الأخيرة، مع تزايد شعبية تيك توك واحتضان إنستغرام لمحتوى فيديو قصير على شكل Instagram Reels، أصبح المؤثر الأمريكي في الخارج في كل مكان.

بغض النظر عن الخوارزمية، إذا كنت نشطًا على هذه المنصات، فيحتمل أنك شاهدت مقطع فيديو أو اثنين في السياق نفسه.

بالنسبة لمستخدمة وسائل التواصل الاجتماعي الأمريكية إليزابيث ستوب، 31 عامًا، فإن مشاهدة مستخدمي تيك توك الذين انتقلوا إلى الخارج أمر جذاب جزئيًا لأنّ ما يقدمونه من محتوى "أشبه بحلم يقظة سهل"، أو "هروب".

لكنّه خيال "يمكن تحقيقه أيضًا إلى حد ما"، بحسب ما قالت ستوب لـCNN. قد تبدو حياة هؤلاء الأشخاص اليومية مستوحاة مباشرة من الكوميديا ​​الرومانسية التي تنتجها Netflix، لكنهم أناس حقيقيون. وبالنسبة لستوب، فإن هذا الواقع جعل من السهل أن تضع نفسها في مكانهم، أقلّه، خلال الدقائق القليلة التي تستغرقها مشاهدة أحد مقاطع الفيديو الخاصة بهم.

وأعربت ستوب عن استمتاعها الحقيقي "برؤية الاختلافات بين بلدنا ومكان وجود هؤلاء المؤثرين، وأتخيل كيف سيكون العيش هناك على نحو رومانسي".

وأضافت: "أتابع الأشخاص الذين يعيشون في الأماكن التي أرغب بالعيش فيها"، هذا ما توافق عليه إيرين كونري، مستخدمة وسائل التواصل الاجتماعي المقيمة في بوسطن، البالغة من العمر 26 عامًا. ووصّفت كونري الأمر لـCNN بأنه "أشبه بجرعة من الدوبامين، في كل مرة ترى فيها مقاطع الفيديو المبهجة من الناحية الجمالية هذه ".

وأشارت إلى أنّ هؤلاء الأمريكيين في الخارج يعيشون الحلم، وبفضل تدفقات المحتوى الخاصة بهم، يمكن لمستخدمي تيك توك متابعتهم وعيش هذه اللحظات من خلالهم.

الجاذبية الفيروسية للأمور الصغيرة

المؤثرون الأمريكيون
محتوى الأمريكي كوينتين بيتيفورد يتمحور حول حياته في النرويج.Credit: Quentin(Tik Tok MoneyTimeQ)

تعتمد العديد من مقاطع الفيديو الأكثر شهرة لمنشئي المحتوى الأمريكيين في الخارج على التفاصيل الصغيرة.

فكوينتين بيتيفورد الموجود مثلًا على وسائل التواصل الاجتماعي، انتقل إلى النرويج عام 2021، حين كان يبلغ من العمر 24 عامًا. وإسوة ببيرنز، هاجر بعدما وقع في حب إمرأة أوروبية. يحب الناس سماع قصة حبه عبر المحيط الأطلسي، لكن إحصائياته على تيك توك تشير إلى أنّ متابعيه يفضلون سماع أفكاره حول الاختلافات بين محال البقالة النرويجية والأمريكية.

في المرة الأولى التي سار فيها عبر ممرات محل بقالة نرويجي، انبهر. بالنسبة لشريكته النرويجية، كانت التجربة عادية، بل ومملة، لكن بالنسبة لبيتيفورد، كان المتجر بمثابة كنز دفين من الاختلافات الثقافية المثيرة للاهتمام.

كان في حيرة من أمره أمام أدوات تقطيع الخبز، وهو أمر لم يسبق له رؤيته في محل بقالة أمريكي. وسرعان ما تعلم مسح إيصاله ضوئيًا عندما يغادر متاجر معينة في النرويج حتى يتمكن من فتح الأبواب. وقال بيتيفورد لـCNN: "كل شيء يتعلق بمحال البقالة هنا في النرويج مختلف تمامًا".

بدأ بيتيفورد على الفور بتصوير المقاطع ونشرها على حسابه على تيك توك. ولفت إلى أنه كان يدرك "أنه في حال شاهده الأشخاص المناسبون، فسيكونون مهتمين وسيلقى رواجًا كبيرًا".

وفي أحد الأيام، فتح بيتيفورد تطبيق تيك توك ليجد آلاف التعليقات والآراء والمتابعات. وأشار إلى أن أول فيديو له "حصل على مليوني مشاهدة في أسبوعين". وروى أنه قال لنفسه: "أتعلم، لن أترك هذه الفرصة تفلت من أيدينا".

تعمّق بيتيفورد بإنشاء المحتوى. واليوم، يتخلّل منشوراته تعليقات مضحكة حول الاختلافات الثقافية مع لمحات عن حياته العائلية اليومية مع زوجته النرويجية وابنتهما الصغيرة.

الأمريكيون في الخارج والثقافة الشعبية

المؤثرون الأمريكيون
تسرد منشئة المحتوى الأمريكية فاطمة مغامراتها في باريس على حسابها على تيك توك.Credit: TheQueenFatima

بدأ كل من بيرنز وبيتيفورد النشر أثناء الجائحة، ومرد ذلك جزئيًا إلى أنهما وجدا أن لديهما المزيد من الوقت، ولأن ذلك حدث عندما انتقلا إلى الخارج.

لكن فاطمة، البالغة من العمر ثلاثين عامًا، وهي منشئة محتوى أمريكية تدير  حسابها @itsthequeenfatima على تيك توك، عاشت في باريس لسنوات عدة قبل أن تبدأ النشر علنًا عن حياتها في مطلع عام 2021.

وإسوة بالراقصة السابقة بيرنز، عملت فاطمة في صناعة الفنون المسرحية قبل عام 2020،  ووجدت نفسها تتجه إلى وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها "طريقة مختلفة للإبداع" عندما تفشى فيروس كورونا. فاطمة، التي طلبت عدم إدراج اسمها الأخير في هذه المقالة لأسباب شخصية، كان مصدر إلهامها لبدء النشر علنًا نجاح سلسلة "Emily in Paris" على نتفليكس.

وتتبع السلسلة التي لاقت رواجًا كبيرا مؤثرًة أمريكية متخيلة على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقل إلى باريس حيث تجري أحداث لا تشبه كثيرًا واقع المدينة، لكن سرعان ما افتتن بها المشاهدون المحجورون عندما عرض في أواخر عام 2020.

استمتعت فاطمة بالسلسلة، ورغبت بإظهار مشاهد أكثر واقعية لحكاية "الأميركيين في باريس" القديمة قدم الزمن. وتتذكر مشاهدة مسرحية برودواي الموسيقية لعام 2014 ،بعنوان "أميركي في باريس"، المستوحاة من فيلم الخمسينيات، قبل أسبوع من انتقالها إلى فرنسا.

إن مجاز الثقافة الشعبية المتمثل في انتقال أمريكي إلى أوروبا وعيش حياة ساحرة يمتد أيضًا إلى ما هو أبعد من باريس، ويسبق القرن الحادي والعشرين. فهناك فيلم "ثلاث عملات معدنية في النافورة" الذي تم إعداده في روما عام 1954.

تشير فاطمة إلى أنّ معظم هذه الأفلام والبرامج التلفزيونية تصور "نساء بيضاوات من خلفية اجتماعية واقتصادية معينة ينتقلن إلى أوروبا لمتابعة أسلوب حياة "الأكل والصلاة والحب".

أدركت فاطمة أن تطبيق تيك توك الخاص بها كان فرصة لتوسيع نطاق ثقافة البوب ​​السائدة، لذا قالت: "أن أكون أميركية سوداء اللون في باريس، فهذا يروي حقيقة كيف أعيش حياتي في هذا البلد".