في السيشل.. السفر لفترة أطول يُنقذ الحياة البرية هناك وكوكبنا في آن

سياحة
نشر
6 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- التوفيق بين رغبتنا برؤية العالم والحاجة إلى تخفيف أثر الرحلات الجوية على الكوكب بات يُشكّل قلقًا كبيرًا لشركات السفر الكبرى.

فوفق وكالة الطاقة الدولية، تُمثّل الرحلات الجوية ما لا يقل عن 2٪ من جميع انبعاثات الكربون العالمية، مع نمو أثر القطاع بشكل أسرع من الطرق، والشحن، والسكك الحديدية.

وأظهرت دراسة أجراها الاتحاد الأوروبي عام 2017، أنّ نسبة 85% من برامج تعويض الانبعاثات المسبّبة للاحتباس الحراري الناجمة عن السفر الجوي، غير ناجحة.

واليوم، يتطلّع المُشغّلون الرائدون إلى اعتماد مقاربة جديدة.

سيشل
تُشجّع شركة Natucate المسافرين على أخذ إجازات في الجزيرة الشمالية في سيشل. Credit: Courtesy Natucate

وينصحون المسافرين بإجراء عدد أقل من الرحلات طويلة المدى، وإذا أقدموا على ذلك فليبقوا لفترة أطول.

وتنصح شركة Responsible Travel التي تأخذ من المملكة المتحدة مقرًا لها، المسافرين باتباع هذه المقاربة. 

وتقول إنها تُراجع رحلاتها للتأكد من وصولها إلى معايير الحفظ العالية واحترام التراث الثقافي المحلي.

سيشل
يستطيع الزوار المشاركة في مشاريع الحفاظ على البيئة، والتي توفر فهمًا أكبر لتنوع المنطقة. Credit: Courtesy Natucate

الجزيرة الشمالية في جزر سيشل

وفي الجزيرة الشمالية، ارتقت شركة Natucate إلى المستوى التالي.

إذ تستهدف رحلاتها جميع الأشخاص الذين يأخذون إجازات تفرّغ لمدة عام أو يتطلعون إلى أخذ الحد الأقصى من إجازتهم.

ويمكن أن تمتد هذه الرحلات بين 26 و52 يومًا، مع فرصة المشاركة بأعمال لحماية مجموعات السلاحف المحلية والسلاحف العملاقة، بالتعاون مع منظمات غير حكومية.

ويقول دانيال كاول، الرئيس التنفيذي لشركة Natucate: "الاتجاه الذي نشهده اليوم يتمثّل بجمع المسافرين العديد من أيام العطل في رحلة واحدة، ثم يحجزون رحلة دولية واحدة فقط كل عامين، على أن تكون فترة إقامتهم أطول بكثير".

وباشر كاول في مشروع Natucate منذ 10 سنوات، بعدما أمضى بعض الوقت كطالب جامعي متطوع في العديد من المنتزهات الوطنية في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

وأراد بدوره أن ينتقل إلى سياحة الحفاظ على البيئة وتغيير حياته المهنية.

سيشل
يستطيع الزوار مساعدة فرق البحث والعلماء في مراقبة السلاحف. Credit: Courtesy Natucate

ويقول كاول إنّ الرحلات الطويلة تتمتع بفوائد عديدة لجميع الأطراف.

ويتابع: "نرى أن الناس يريدون البقاء لفترة أطول، ويكون لديهم أثرًا أكثر وعيًا على البيئة، وفهمًا أفضل لأعمال الحفظ.. إنهم يُفضّلون ذلك على المجيء لمدة سبعة أيام وعلى عجل".

ويوضح: "تحتاج المنظمات غير الحكومية مساهمتهم على مدى فترة طويلة، وبطبيعة الحال، يتعلمون كيفية عمل التطبيق، وكيفية العمل بشكل مستقل، ويستفيد المشروع بأكمله".

إلى ذلك، فإن لمثل هذه الرحلات الطويلة أثر إيجابي طويل المدى بعيدًا عن سيشل.

ويقول كاول: "تساعد على زيادة الوعي حول الحفاظ على البيئة".

وأوضح: "لدينا أشخاص يعودون من إجازات طويلة ويديرون أحداث تبرعية لمشاريع البيئة. لكننا نرى أيضًا أشخاصًا يتفاعلون مع المنظمات غير الحكومية في أوطانهم ويُفكرّون بالحياة البرّية، أو الحفاظ على الطبيعة وما يمكنك القيام به في منطقتك.. يمكنك أن تفعل أمرًا ما من أجل التنوع البيولوجي في حديقتك.. وهذه بالتأكيد نتيجة أخبرنا عنها العديد من عملائنا".

السلاحف والأشجار

وفي الجزيرة الشمالية، يستطيع عملاء Natucate المشاركة في عملية الحفاظ على البيئة على المدى الطويل، واكتساب فهم أكبر للتنوع البيولوجي في المنطقة.

ويوضح كاول: "نرسل أشخاصًا إلى هناك لفترات مدتها أطول، أي 8 أسابيع أو أكثر، لمساعدة فريق البحث والعلماء على الجزيرة".

ويساعد الزائرون أيضًا على تحديد مواقع السلاحف العملاقة في الجزيرة عبر نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، ما يضمن بقاءهم محميين، مع معرفة مكان وجودهم.

لكن الأمر لا يتعلق فقط بالحيوانات. يؤكد كاول أن العمل الذي تقوم به Natucate في سيشل هو عمل شمولي أيضًا.

ويؤكد: "نريد أن نساعد النباتات المستوطنة".

ويشمل ذلك إزالة النباتات الغريبة وزراعة الأشجار المحلية في المنطقة.

ويوضح كاول: "لقد زرعنا الأشجار التي ينبغي أن تكون هناك، لأن هذه الجزيرة كانت موطنًا لأشجار جوز الهند".

وفي المياه، يتعاون العملاء والعلماء لتحديد وتتبّع الأسماك والأنواع البحرية الأخرى، ما يضمن بقاء صحة المحيط على رأس الأولويات.

اتجاه السفر المتزايد

ووجدت شركة معالجة كشوف المرتبات "Gusto" أن 6% من الموظفين الأمريكيين حصلوا على إجازة في يناير/ كانون الثاني 2022، وهو ضعف العدد في يناير/ كانون الثاني 2019.

ويقولون إن هذا يرتبط بفهم أوسع للإرهاق والرغبة بوضع الاحتياجات الشخصية قبل الطموح في أعقاب الجائحة.

سيشل
تأمل Natucate أن يستمر الأشخاص المشاركون في رحلات الحفاظ على البيئة في دعم المشاريع بعد عودتهم إلى منازلهم.Credit: Courtesy Natucate

ويلاحظ كاول وجود رغبة كبيرة بأخذ فترات راحة أطول بعد تفشي جائحة "كوفيد-19".

وقال: "إننا نرى الكثير من الأشخاص الذين هم بحاجة ماسّة إلى راحة عقولهم. إنهم يريدون الذهاب إلى البرّية والبقاء بعيدًا قدر الإمكان. إنهم يريدون أن يفعلوا أمرًا جيدًا وواعيًا".

ويوضح كاول أنّ أحد العملاء بقي معهم لمدة 60 شهرًا للعمل على مشروع الحفاظ على البيئة.

ويبدو أن أسلوب السفر الأبطأ والأكثر وعيًا آخذ في الانتشار بالجزيرة الشمالية.

ومن الواضح أن عمل Natucate في سيشل ساعد على قيادة التغيير.

ويوضح كاول أنه سعيد باتجاه السفر في قطاع السياحة الأوسع عندما يتعلق الأمر بالتفاعل مع العالم الطبيعي.

وأضاف: "نشهد إقبالًا هائلاً، حتى أن شركات السياحة الكبرى، ولا أقول هذا بشكل سلبي، تبحث في الاستدامة وتتطلع إلى الحفاظ على البيئة".

وربما تشير جهود Natucate في سيشل إلى طريقة أكثر صحة لنا جميعًا للسفر.

ففي عالم تفقد فيه الرحلات القصيرة السريعة جاذبيتها، يبدو أن هذه الطريقة الأبطأ والأكثر وعيًا للقيام بالأمور ستكون المستقبل.